بقلم: عبد الغفار مصطفي
إقتصاديات الغذاء في مصر تعيش العشوائية وتتسم بالتخبط ومنهجها الإحتكارات ولا مؤشرات فيها اللهم إلا الذين يفرضون عليها احتكاراتهم ومصالحهم الخاصة ولهذا فهي سوق غير مستقرة وغير آمنة وتفتقر إلي التخطيط والبحث العلمي. بل وتحيطها التقليدية رغم أن مصر عرفت الزراعة منذ نحو 1000 عام وكان المصريون القدماء أصحاب جولات في عالم الزراعة والحصاد ولهم من الابتكارات العلمية التي تحقق سبقا سجل لهم علي مر العصور.
ولأننا بلد لا يخطط وإذا خططنا نسرف في الطموح ولا ننفذ خططنا.. تماماً كالقانون الذي لا نحترمه ولا نتوازن معه. ويكون الهوي منهجاً ومن ثم فالنتائج تحسب علي أساس المقدمات. ولهذا فالفلاح المصري مسكين لا يجد من يوجهه أو يأخذ بيده. بل دائماً يجد من يحبطه في خسارته مثلاً في مصر نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح تبلغ نحو 30% ونستورد نحو 12 مليون طن وزراعتة يحقق وفرة ربحية.. بينما تنخفض في الفول التي تبلغ نحو 30% فيما تنعدم زراعة العدس وإن ارتفعت أسعاره.. أيضاً مصر بلد يأتي باحتياجاته من زيوت الطعام و70% من الذرة الصفراء بالاستيراد بنحو 8.6 مليون طن. أما بشأن المحصولات فهي في بلادنا تقتصر علي زراعة الأرز بنحو 1.5 مليون فدان ومساحة القطن 1/4 مليون فدان وهو يفوق استهلاك المياه في الأرز ولغياب التخطيط نزرع الذرة البيضاء رغم عدم احتياجاتنا لها.
كذلك لندلل علي العشوائية فنري أن مساحة القمح المزروعة حتي ديسمبر الماضي نحو 2.1 مليون فدان بدلاً من 3.3 مليون فدان العام الماضي.. وهكذا نخسر نحو 3 ملايين طن من القمح مما يحمل الخزانة العامة أعباء استيراد كميات مماثلة.
الاقتصاديات الزراعية كم هي تحتاج إلي إعادة نظر ومن رجال مخلصين ومن علماء باحثين كل في مجاله لانتشال الاقتصاديات الزراعية من كبوتها وتخبطها الدائمين.. فمثلاً عندنا من الذرة الصفراء وعباد الشمس وفول الصويا ومن هذه المحاصيل يمكننا الاكتفاء الذاتي من هذه المحاصيل بزراعة بنحو 2.5 مليون فدان ذرة صفراء و1.5 مليون فدان صويا وعباد الشمس. ومن إنتاجها نكتفي ذاتياً خاصة وأنها تدخل في بعض الصناعات الغذائية والتي نقلل الاستيراد منهما.. فمتي يتحقق ذلك؟
أما العدس الذي نستورده كلية فلا يحتاج إلا إلي 100 ألف فدان لتحقيق الاكتفاء الذاتي خاصة وأننا من أكبر الدول المستوردة له في العالم.
مصر تحتاج إلي نظرة جادة واعية لنقلل الفاقد من الاقتصاديات المصرية.. نظرة تقوم علي الموضوعية والاحتياجات الفعلية لا تعرف للمجاملات طريقاً ولا للمحسوبية منهجاً وأن يتقدم الصفوف أصحاب الخبرات لا أصحاب الولاءات.. نظرة تحترم التخطيط إذا خططنا ولا تدوس القوانين إن كنا نبتغي العلو لمصرنا..