الفن والثقافة

على عصاي …أتوكأ…اتأمل..اتعلم !!

كلمات الكاتب الصحفي الكبير صالح إبراهيم 

(١)

أردت أن أرى الدنيا

خرجت من وحدتي

عزلتي..برد غرفتي

تركت الباب الحديدي خلفي

(٢)

أخذت عصاي

سندي…تساعدني

نزول درجات السلم المائة

في الشارع ..كان الضوء مبهرا

كأن فرحا ينتظر

سرعان ما جاء الشفق

مصحوبا براحة نفسية

أحسست بها هدية

لم يعد شارعنا يطل على ترعة

بل حيطان وأعمدة

أكشاك ولافتات بكل اللغات

هاجمت ذاكرتي

ضاعفت غربتي

لكن استجمعت إرادتي

تذكرت هنا كانت ترعة

حولها حقول خضراء

فلاحون طيبون

مواسم حصاد

مهرجانات شعبية

يفرح بها الصغار والصبايا

ومع الحصاد

ينتظرون الأفراح والليالي الملاح

(٣)

في هذه السنوات

التي غبتها وحيدا في غرفتي

كل شىء تغير

الشجرة أصبحت حديقة

جميلة ..يحيط بها الأزهار والصغار

يتطلعون إلى ثمار التوت والجميز

وهم قادمون من المدرسة

لكن صاحب الذوق الرفيع

أغضبه الحب والجمال

فقرر ذبح الأشجار

مفسحا الطريق للبلدوزرات

كي يبنوا أبراجا اسمنتية

تشترط على ساكنيها

الوحدة ..إنكار الصداقة..والغربة

وود الجيران فيها جريمة مجتمعية !

(٤)

المدرسة استبدلت الأشجار

بالأسوار أعلاها أسلاك شائكة

وبالداخل أفنية رصفت بالاسفلت

لتصبح الفصول ..أقفاصا للصغار وللطيور

(٥)

البقال الوحيد تحول إلى سوبرماركت

فسيح عريض..يقدم عروضا بالإنجليزية!

والمكوجي صار بدون زبائن

فباع الدكان لتاجر ذهب ومجوهرات

(٦)

أما حبيبتي ..فقد اختطفت

حملها الفارس على حصان أبيض

وتركت لي العشق..تذكارا وذكريات

(٧)

عدت من جولتي ..حزينا

كدت أن اتعثر في عصاي

قلت عساي أخطأت العنوان

أو سافرت من حولي الأشياء الجميلة

وبقيت وراء الباب الحديدي

في غرفتي ..اتوكأ على عصاي

وأسجل..ذكرياتي وتأملاتي

إنها حقا مهمتي !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى