عودة القيادة السودانية .. البرهان يصل الخرطوم وإدريس يطلق وعد الإعمار خلال 6 أشهر
الميزانية الأولية لإعادة الإعمار السودان تقدر بحوالي 700 مليار دولار
كتبت: د. هيام الإبس
في تطور سياسي وأمني لافت، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم حدثًا غير مسبوق منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تمثل في عودة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، إلى قلب العاصمة على متن الطائرة الرئاسية، وسط استقبال عسكري رفيع وترتيبات أمنية مشددة.
زيارة تفقدية لمقر القيادة العامة
أجرى البرهان فور وصوله جولة تفقدية في مقر قيادة الجيش بالقرب من مطار الخرطوم الدولي، حيث التقى بعدد من القيادات العسكرية، بينهم رئيس هيئة الأركان، واستمع إلى موجز عن مستجدات “حرب الكرامة الوطنية”، وفق ما بثته القوات المسلحة السودانية عبر منصاتها الرسمية.
وتُعدّ هذه الزيارة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب، ما يضع عودته في إطار رمزي قوي يعبّر عن محاولة استعادة زمام المبادرة من قلب العاصمة السودانية.
عودة البرهان.. رسائل سياسية وعسكرية
تحمل عودة رئيس مجلس السيادة إلى الخرطوم دلالات بالغة الأهمية، في ظل تصاعد العمليات العسكرية بجبهات مختلفة، وتفاقم الأزمة الإنسانية والسياسية. ويرى مراقبون أن هذه العودة قد تمهد لإعلان قرارات أو تحركات جديدة خلال الساعات المقبلة، من شأنها أن تعيد رسم خريطة السلطة والتحالفات في البلاد.
إدريس يطلق برنامج الإعمار من الخرطوم: “ستعود عاصمة شامخة”
في تطوّر مواكب، وصل رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس إلى العاصمة الخرطوم في زيارة غير مسبوقة منذ تعيينه في مايو الماضي، حيث أعلن عن انطلاق برنامج رسمي لإعادة إعمار العاصمة، مؤكدًا أن الخرطوم ستعود “عاصمة قومية شامخة”.
وأطلق إدريس خطة طموحة لإنهاء أعمال الترميم خلال ستة أشهر فقط، مشددًا على أن الحكومة ستبدأ على الفور إعادة تأهيل البنية التحتية، والمطارات، وشبكات المياه، والمرافق العامة، رغم حجم الدمار والتحديات المالية.
زيارات ميدانية للمرافق الحيوية ومصفاة الجيلي
شملت جولة إدريس التفقدية مطار الخرطوم وعددًا من الجسور والمنشآت الحيوية، بالإضافة إلى زيارة مصفاة الجيلي شمال الخرطوم، أكبر منشأة نفطية في البلاد، والتي تعرضت لتدمير واسع النطاق. وأكد أن المصفاة ستُعاد إلى العمل رغم التكلفة الباهظة المتوقعة.
ميزانية إعمار ضخمة في ظل اشتعال الجبهات
تُقدّر الميزانية الأولية لإعادة الإعمار بنحو 700 مليار دولار، مع إعطاء الأولوية الكاملة للعاصمة الخرطوم، رغم استمرار المواجهات في جنوب كردفان ودارفور، وتواصل هجمات قوات الدعم السريع، فيما تعمل السلطات على إزالة الذخائر غير المنفجرة وتبطين الطرق داخل المدينة.
أمل شعبي ورسائل للشباب من سوق أمدرمان
خلال زيارته إلى سوق أمدرمان الشعبي، شهد إدريس استقبالًا جماهيريًا حاشدًا، وسط هتافات: “عائدون إلى الخرطوم” و*”جيش واحد شعب واحد”*.
وأكد رئيس الوزراء أن الشرطة ستوفر الحماية للأسواق والمواطنين، وأن الدولة تراهن على وعي الشباب في إعادة إعمار البلاد وبناء مستقبل مستقر، داعيًا الجميع لتوحيد الجهود لإنهاء الحرب والانقسام.
ترحيل جماعي من ليبيا
في ملف إنساني آخر، كشف جهاز الهجرة الليبي عن ترحيل 700 مواطن سوداني، تم توقيفهم في مناطق متفرقة جنوب شرق ليبيا والمنطقة الوسطى.
وأوضح البيان أن من بين المرحّلين مصابون بأمراض معدية خطيرة مثل الإيدز والتهاب الكبد الوبائي، وآخرون متهمون في قضايا تهريب أو أوامر إبعاد أمنية.
الهجرة غير النظامية.. خطر متصاعد وسط تجاهل رسمي
تتزايد محاولات الهجرة من السودان عبر ليبيا مع تفاقم الأوضاع الإنسانية، ويستخدم العديد من الفارين من الحرب ليبيا كنقطة عبور محفوفة بالمخاطر نحو أوروبا، عبر المتوسط.
وقد أثارت هذه التطورات تساؤلات عديدة حول مصير المرحّلين، وسط مطالب بضرورة تدخل القنصليات والمنظمات الإنسانية لحماية السودانيين العالقين في طرق الهجرة القاتلة.
ختامًا.. مشهد معقد وأمل مشوب بالحذر
تتزامن عودة البرهان مع تحركات إدريس في الخرطوم لتشكّل معًا مؤشرًا لتحولات محتملة في مستقبل السودان. وبين رهانات الإعمار وتحديات الحرب، يبقى الأمل معقودًا على وحدة الصف الوطني وإنهاء الأزمة بأقل خسائر ممكنة.
