غرف الطوارئ السودانية المرشح الأبرز لجائزة نوبل للسلام 2025
كتبت : د.هيام الإبس
أصبحت غرف الطوارئ الطوعية فى السودان، على أعتاب الحصول على جائزة نوبل للسلام العالمية بعد ترشيحها من مركز بحثى عالمى مرموق، وحصولها على جائزة جديدة قد تجعلها قريبة من الحصول على نوبل.
وتشير قوائم معهد أبحاث السلام فى أوسلو إلى غرف الطوارئ السودانية بوصفها من “الأجدر” بنوبل 2025 تقديراً لاستجاباتها المنقذة للحياة فى حرب 2023 عبر توزيع الغذاء والمياه والدواء والإجلاء وتشغيل مطابخ التكايا، ضمن شبكة تطوعية لامركزية متجذرة في المجتمع.
وقد ترافق الزخم مع فوز غرف الطوارئ السودانية بجائزة رافتو النرويجية وإشادات أوروبية علنية بجهود العاملين المحليين.
وقالت مؤسسة رافتو، إن غرف الطوارئ تتألف من آلاف المتطوعين الذين يشاركون فى جهود تعاونية مجتمعية لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للآخرين، مُعرّضين أنفسهم لمخاطر شخصية جسيمة، إذ يتعرضون للاعتقال والتعذيب والضرب والسرقة، ولا يحصلون على الحماية التى يحظى بها العاملون فى المجال الإنساني
غرف الطوارئ السودانية
غرف الطوارئ السودانية أو “غرف الاستجابة للطوارئ” هى مبادرة قاعدية بقيادة المجتمع المحلى انبثقت عن لجان المقاومة التى قادت حراك 2019، وتستخدم غرف واتساب للتنسيق الميدانى بين الفرق المنتشرة بالأحياء.
ونشأت الحاجة إلي غرف الطوارئ السودانية مع انهيار سلاسل الإمداد وضعف وصول المنظمات الدولية إلى مناطق الصراع، فسدّت فجوات حيوية فى الماء والكهرباء والعلاج والإجلاء فى السودان.
وقدّمت غرف الطوارئ السودانية مساعدات مباشرة لملايين السودانيين شملت توزيع الغذاء والمياه والدواء، وتزويد المستشفيات بالوقود واللوازم، وصيانة نقاط المياه والاتصال، وتشغيل مطابخ مجتمعية “تكايا” لإطعام أعداد ضخمة من النازحين والسكان المحاصرين .
وتوثّق تقارير إنسانية تعرض المتطوعين للاعتقال والإصابة أثناء أداء هذه المهام، مع استمرار الخدمة رغم المخاطر العالية.
الأثر بالأرقام والسياق الإنسانى
مع تفاقم الحرب منذ أبريل 2023 نحو أسوأ أزمة نزوح وجوع عالميًا وفق توصيف الأمم المتحدة، ساعدت غرف الطوارئ على الحد من المجاعة والأوبئة عبر استجابات سريعة فى أحياء الخرطوم وولايات أخرى، وسط تهجير قسرى واسع يفوق 11 مليون إنسان بحسب تقديرات منقولة في التغطيات.
وتنتشر الشبكة فى 13 ولاية سودانية بحسب تقارير عربية، ما يعكس طابعها الوطنى وعمق تجذرها المجتمعى.
أسباب طرح نوبل للسلام
وضع هنريك أوردال، مدير معهد أبحاث السلام فى أوسلو، غرف الطوارئ على رأس قائمته الشخصية للمرشحين “الأجدر” بنوبل للسلام لعام 2025 معتبراً أنها “شهادة على قوة الصمود والعمل الجماعى المحلى فى وجه حرب وحشية” مع تأكيد أن قائمته مستقلة ولا تمثل اللجنة النرويجية.
وحدث تحديث فى سبتمبر 2025 أكد استمرار وجود الشبكة ضمن قائمته المحدثة، ما حافظ على زخم الترشيح المعنوى عالميًا .
جوائز وتقدير دولى
منحت مؤسسة رافتو النرويجية لحقوق الإنسان جائزة 2025 لغرف الطوارئ السودانية تقديراً “لعملها الشجاع فى الحفاظ على الحق فى الحياة”، وهى جائزة سبق أن مهّدت لفوز بعض الحاصلين عليها لاحقاً بنوبل، ما يضيف زخماً معنوياً لمسار الترشيح .
ونشرت مؤسسة رافتو ملفًا تعريفياً يشرح النشأة القاعدية وآلاف المتطوعين وأنماط التدخل المتنوعة التى تنقذ الأرواح يومياً فى بيئة عالية المخاطر.
إشادة أوروبية ودولية
وأشاد الاتحاد الأوروبى فى بيان رسمى بشجاعة العاملين المحليين والدوليين وبشكل خاص الشبكات المحلية وغرف الطوارئ، فى إشارة إلى تقدير دولى لدور المبادرات الأهلية.
كما وثّقت تغطيات إقليمية منح جوائز أوروبية لحقوق الإنسان للشبكة خلال 2025 تقديراً لنهجها القائم على المجتمع والشفافية والتضامن.
المخاطر والانتهاكات بحق المتطوعين
وتعرّض متطوعون فى الخرطوم الكبرى وغيرها إلى اعتقالات وإصابات واعتداءات موثّقة مع تصاعد القتال، فيما طالبت تقارير حقوقية بالضغط على أطراف النزاع لوقف استهداف المتطوعين ومعاملتهم كعاملين إنسانيين.
ورغم سقوط قتلى ومئات حالات الاحتجاز والتعذيب بحسب رصد منظمات مانحة وجوائز حقوقية، واصلت غرفة الطوارئ السودانية عملها بتشغيل المطابخ وإيصال الأدوية والوقود للمرافق الحيوية.
الهيكلة والتمويل ونهج “النفير”
تُدار غرف الطوارئ السودانية لا مركزياً عبر مجالس ولجان أحياء وتنسيقيات متصلة رقمياً، ويعتمد تمويلها على تبرعات المجتمع المحلى والشتات، فى ما يُعرف بمدرسة “المعونة المنزوعة الاستعمارية” التى تركّز على القيادة المحلية والمساءلة الأهلية .
وتقدم أوراق تحليلية إنسانية دروساً حول “المعونة المتبادلة” وكيفية صعود غرف الطوارئ كبديل مؤقت لشبكات الدولة والخدمات الأساسية أثناء النزاع.
الانتشار الجغرافى وحجم الشريحة المستفيدة
وتشير تقارير موسوعية وصحفية إلى وصول خدمات غرف الطوارئ السودانية إلى ملايين المستفيدين وإجلاء عشرات الآلاف، مع تشغيل مطابخ تغطى أحياء كاملة وإمداد مستشفيات محدودة التشغيل بوقود ومستلزمات حرجة.
كما يسند تغطيات عربية امتداد غرف الطوارئ السودانية إلى 13 ولاية سودانية، بما يعكس قدرة تنسيق استثنائية فى غياب منظومات الدولة الرسمية.
ردود الجهات المانحة والخبراء
قال هنريك أوردال إن غرف الطوارئ السودانية “تُبرز ترابط جهود المؤسسات والدبلوماسية والنشاط القاعدي اللازم لدفع السلام والعدالة”، ما يفسّر ورودها إلى جانب مؤسسات قضائية ومنظمات حقوقية في قائمته.
ووصفت مؤسسة رافتو الشبكة بأنها “تنقذ الأرواح وتحفظ الكرامة الإنسانية عبر حلول تعاونية مبتكرة” رغم كلفة شخصية باهظة يدفعها المتطوعون يوميًا.
اسئلة ونقاشات مفتوحةتحذّر قراءات إنسانية من مخاطر “عسكرة المعونة” أو تسييسها وتوصي بضمان حياد غرف الطوارئ وسلامة المتطوعين وتوفير ممرات آمنة للإنقاذ، مع الحفاظ على الطابع المجتمعي المحلي للعمل.
كما يبرز تحدى الاستدامة التمويلية والإدارية فى ظل طول أمد الحرب وتآكل البنية التحتية، ما يستدعى شراكات دولية تحترم القيادة المحلية ولا تنتزع القرار من المجتمع.
ماذا يعنى فوز غرف الطوارئ السودانيةأو ترشيحها لنوبل..حتى بدون الفوز، رسّخ الترشيح المعنوى والجوائز الحقوقية صورة غرف الطوارئ كابتكار سودانى فى الإغاثة القاعدية، وقد يسهم الاعتراف الدولى فى توفير حماية سياسية وتمويل مستدام وقنوات تفاوض للحفاظ على حيّز إنسانى آمن.
أما الفوز فسيكون سابقة تُبرز دور المبادرات المحلية فى حفظ الحياة والسلام الأهلى وسط انهيار مؤسسات الدولة والحرب الحضرية، مع دروس قابلة للتعميم على نزاعات مشابهة.
