
بقلم أيقونة الاتزان / السفير د. أحمد سمير
لطالما شربت غزة من كأس المرارة وحدها: تُقصف وتُحاصر وتُتهم، ثم يُطلب منها أن تصمت وتبتلع جراحها باسم “الواقعية السياسية”. لكن تلك الكأس التي تجرعتها غزة لعقود، يبدو أنها بدأت تدور… وها هو المغتصب الإسرائيلي يتذوق مرارتها أخيرًا.
Table of Contents
Toggleالهجوم الإيراني… ضربة تتجاوز العسكرية
الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل لم يكن مجرد رد عابر، بل لحظة فارقة في تاريخ الصراع. لقد اعتادت إسرائيل أن تمارس القصف دون رادع، تُجرّب أسلحتها على غزة، وتحتمي خلف بيانات “المجتمع الدولي” التي لا تتعدى التنديد والدعوة للتهدئة.
لكن هذه المرة، تلقت إسرائيل ضربة مباشرة، وبدأت تشرب من نفس الكأس التي سقَتها لغزة طويلًا. ليس فقط على المستوى العسكري، بل أيضًا في مستوى الوعي العالمي الذي بدأ يكتشف كيل المعايير بمكيالين.
دماء غزة… وأكذوبة الشرعية الدولية
في غزة، تُمحى عائلات من السجلات، تُقصف المدارس والمستشفيات والمخيمات، وتُبرَّر المجازر تحت ذريعة “محاربة الإرهاب”. أما إذا تلقت إسرائيل أي ضربة، فالرواية تنقلب إلى “اعتداء على السيادة” و”خرق للشرعية الدولية”… وكأن الدم له جنسية، والموت له قيمة نسبية!
ما يحدث اليوم ليس مجرد تحول في قواعد الاشتباك، بل هو صفعة للخطاب النفاقي الذي أدار ظهره لغزة سنوات، واستثمر في معاناتها، وراهن على خنوعها وانهيار شعبها. لكنه فوجئ بحقيقة أن هذا الشعب لم ولن ينهار.
الفساد والتواطؤ… مرحلة انتهت
أولئك الذين هندسوا مشهد الصمت والتواطؤ لعقود، ظنّوا أن النسيان كفيل بطمس غزة، وأن الصفقات تكفي لصناعة “سلام زائف”، لكن القوة التي راهنوا عليها تنفجر الآن في وجوههم، وتُعيد رسم معادلات الردع، لا من باب التشفي، بل من باب العدالة المؤجلة.
اليوم، غزة ليست ضحية فقط، بل أصبحت بوصلة للأحرار: من يقف معها يُراهن على المستقبل، ومن يخذلها يحفر قبره السياسي بأظافره.
وإن احترقت غزة لتنير درب الكرامة، فإن ليل الخيانة بدأ يتشقق، فجرًا لا رجعة عنه.
العدالة لا تموت… والدائرة تدور
لأصحاب القرار، خاصة من تاجروا بدماء غزة أو صمتوا عنها، نقول:
العدالة قد تتأخر، لكنها لا تموت.
والكأس التي سُقيت لغزة، تُقدّم إليكم اليوم… فاشربوا منها.
الحصيلة الأولية للهجمات الأخيرة على إسرائيل:
-
24 قتيلًا
-
ما بين 240 – 271 مصابًا
-
أضرار جسيمة في مستشفى سوروكا ومرافق البنية التحتية
-
خسائر يومية تُقدّر بمئات الملايين من الدولارات
-
تهديد صريح بانهيار اقتصادي متوسط المدى
-
تضرر 14,500 موقع سكني وتجاري، وتهديد 24 مبنى بالهدم
الرسالة واضحة: لا أمن في ظل الظلم
ما يحدث اليوم ليس شماتة، بل حقيقة صارخة تعيد تركيز العدسة نحو جوهر الصراع:
-
أن الظلم لا يدوم
-
أن الصمت خيانة
-
أن الشعوب التي احترقت بصمت، ستنهض يومًا، لا لتنتقم، بل لتذكّر العالم بأن القهر لا يُورّث أمنًا
-
وأن الكأس، حين تمتلئ بالدم والظلم، لا بد أن يشرب منها الظالم والمغتصب.
السفير د. أحمد سمير
عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة
السفير الأممي للشراكة المجتمعية
رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية