فاتورة الخدمات والأبعاد الستة
بقلم/ احمد جوهر
صرحت القيادة السياسية المصرية في أسيوع الصعيد أن : ( تقديم الخدمات بأقل من ثمنها الحقيقي لا يوجد إلا بمصر ، و أن ذلك أعاق تقدم الدولة في السنوات الماضية ) .
و قد لمست بنفسي انخفاض قيمة الرسوم الحكومية في النيابات (وزارة العدل ) ، و أقسام الشرطة ( الداخلية ) ، بل و الهيئات التابعة لرئاسة الجمهورية التي للمواطنين فيها معاملات رسمية .
يتوجب تحليل هذا التصريح من ستة أبعاد هي : النواحي القانونية ،و السياسية ، و الاجتماعية ،و الجغرافية ، و الزمنية ، و الإنسانية .
أما القانونية وتتعلق بالعلاقة التعاقدية بين الدولة و المواطن و المعروفة علميا بالعقد الاجتماعي و دلالته هو حمل الجنسية ، والتي يحصل بموجبها المواطن على حقوقه ويقوم بواجباته و تتنظم على أساسها كافة المعاملات : لا يعقل أن تكون خاسرة لأحد الطرفين ، و إلا صار أحدهم موضع شبهات : شبهة الإضرار العمدي بالدولة ، أو ببقية المواطنين.
سياسيا فإن اتجاه و مقدار القوة التي آلت بحاكم ما إلى السلطة يمكن ان نستشف منها أولوية الحاكم المرتقبة في تفضيل ترتيب علاقات التشريعات بيعضها ، فالانتخاب يختلف عن التفويض ، عن الثورة ، عن النيابة بالتعيين و جميعهم يختلف عن الملكية ، و كلا يمثل عقيدة من دفع به لزمام الامور .فهل يمكن إعادة تشكيل الخيارات لتتمكن القوى التي ترتب الأمور ترتيبا سليما ، و كيف ، و متى !!
و اجتماعيا فإن الوعي وحده سبيل ادراك قيمة الخدمات و المنتجات ، و تضرر الدولة ، والمواطن عاجلا او آجلا من بخس الأشياء و تعجل المنفعة اللحظية .
فهل أخذت الدولة أي خطوات حقيقية لجيل جديد يعي صراعات الموارد ، و هل أيسر خطوة من محاكاة ظروف أسوء .
و جغرافيا فإنه ليس ثمة ما يلزم الحكومة بتوحيد الأثمان و ذلك لأن ما تقدمه الدولة في مدينة قد يكون أضعاف ما تبذله من الاعتمادات في قرية او العكس ، و على المنتفع تقديم جزء من الثمن و إلا كان خللا جغرافيا عظيما مثل كثافة سكانية خطرة بالوجه البحري ، قد تقضي فيه الدولى عقود لتصحيح جزء يسير من تبعياته .
وزمنيا فإن الدولة تخطو بوزارت العدل و الداخلية ، لاعتبار الزمن في قيمة الرسوم و الخدمات ، لكن يفضل دوما المواطن التوفير و سرعة تقديم الخدمة .
إن بخس قيمة الخدمات من منتجات يوردها الطرف الأول بالعقد الاجتماعي كمياه – غاز – كهرباء – بيانات ، هو بالأصل إما ضعفا بإدراك منفعة التوريد ، أو إبتزازا من المواطن ضد الدولة ، او تعمد الافراط في الإتكاء على موارد غير متجددة .