احدث الاخبار

فرحة التنازل طواعية عن العرش.. بقلم : عصام زايد

كلمات قلتها بقلبي قبل عقلي يوم بدأت رحلة التنازل عن العرش .. فخلال السنوات العشر السابقة تكرر هذا الأمر ومع كل توقيع على ورقة التنازل كنت أشعر بفرح غامر وأنا أري قطعة من إمبراطوريتي تقتطع مني وتعطي لحاكم جديد .. قصتي مع ملكي السابق أقصها عليكم و أنا جد سعيد.

جلست وسط عائلتي أستمع معهم لكلمات التهنئة والتحية ..التي تلقي من الأحباب والأصدقاء مجاملة لي يوم عقد قران ابنتي.. كلمات رقيقة غلب عليها النصح للعروسين ودارت حول أسس تكوين البيوت السعيدة وحقوق كل طرف على الآخر وواجب العروسين تجاه أبنائهم  و … و… ، انتظرت أن أستمع لكلمة توجه نصيحة لعائلة العروسين حول أسلوب رعاية النبتة الوليدة والمعايير الجديدة للعلاقات التي تكونت بنشئة ذلك العش الصغير بين عائلتين مستقرتين .. حتى لاتختلط الأمور في المستقبل ويصير التفاهم خلافا والحب عداءاً لأسباب تعود لتدخلات خارجية لا يكون للعروسين دخل أو يد فيها.

وعندما أقترب موعد عقد القران ووضعت المنضدة وجلس الشيخ المأذون وصمت الجميع إنتظارا لخطبة النكاح وعقده وجدت في نفسي شيئاً إن لم أفعله الآن سأكون مشتركاً فيما قد يحدث مستقبلا ، فنهضت واستأذنت المأذون بكلمة .. وواجهت الحضور بإبتسامة وطمأنتهم أن الأمور ستسير كما هو مخطط ولكنها كلمة أريد أن أذكر بها نفسي وزوجتي ووالد ووالدة العريس وكل من هم في موقفنا هذا وقلت:

الحمدلله سبحانه وتعالى على نعمة الإسلام و أن جعل ترتيب البيوت والعلاقات الداخلية و الخارجية تتم طبقاً لمعياره سبحانة و لم يتركها لنا نبدل ونستحدث ، نضيف ونحذف طبقاً لما نراه ، وما نراه لابد أن يخضع دائما للتبديل حتى نصل به إلى أقرب الصواب وأقرب الصواب هو ما نراه نحن وقد لا يراه غيرنا صواباً ، أردت أن أبدأ كلمتي القصيرة تلك بموضوع في غاية الأهمية لم يتعرض له أحدا من الضيوف الكرام وأخشي أن لا يتعرض له شيخنا ويعقد القرآن أيضاً ويبقي هذا الأمر معلقاً .

اليوم وبعد دقائق من الآن سوف يتم نقل سلطة من يد ليد بدون انتخابات أو خدوش في النفوس وبغير إراقة دماء واتهامات من أطراف لأطراف اليوم بأمر إلهي أتنازل عن كل سلطاتي وحقوقي المكتسبة على قطعة مني رعيتها ورويتها حتى نبتت وأزهرت ، وحينما حان موعد القطاف ، قيل لي محصولك لغيرك والأرض التي تعبت فيها قد أصبح لها رئيس جديد ، له ما كان لك ، وأصبحت أنت ضيف عزيز ولك عندهم صله رحم وأدب وحسن جوار.

اليوم أنا والد العروس أعلن أني رضيت بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً و رسولاً وأني قد نزلت على حكم الله ورضيت بحسن الجوار وأسلم لزوج إبنتي مفاتيح المدينه المزدهرة.

ومن هنا أطالب زوجتي أن تحترم ما اتفقت عليه مع زوج ابنتي ودون في الأمر الإلهي و فصلته السنة النبوية وذكرته كتب السيرة ، لقد أصبح لإبنتك صدر جديد وفؤاد آخر يهوي إليه ، فلا تحرميها من أن يكون لها سرها وحياتها ، واسمعي نصحيتي لك ، احتفظي بدور الصديقة فهو الأبقى وتطلعي لدور الجدة فهو البداية لرحلة جديدة.

أما انت يا أم العريس فأذكرك كنت أنت الملكة المتوجة في قلب ابنك لك الأمر ولك النهي ، اليوم بأمر إلهي أصبح لوليدك سكن جديد ومستأجر جديد لقلبه أتي ووضع فرشه وأغلق بابه وأحتوى مساحة كبيرة فالأثاث كثير، فنصيحتي لك أيتها الأم أن تقومي بدور الملكة الأم ترعي مملكتها من خلال الملكة الجديدة ، أمر شائك يحتاج لبراعة في التدبير ولكني أذكرك بأن البلدة الجديدة التي تكونت لها باب فإجعليه دائما مفتوحاً على مصراعيه يستقبلك استقبال الملوك.

وأهنئ في نهاية الأمر والد العريس فقد ضم قطعة جديدة لملكه وأذكرة يوما لك ويوم عليك فغدا ستزوج إحدى  بناتك وستقف موقفي هذا رافع الرأس وأنت تتنازل، اذكرك أن تحسن الري وتختار أفضل الأوقات للإرشاد حتى يقوي نسلك وتمتد جذورك.

كلمة أقولها و أذكركم جميعا أن الله سبحانه و تعالي قد خلق الكون بنظام أسري يحترم كل طرف الأخر وعلى الأخوة إحترام البنيان الجديد وأن دخولهم أي باب من أبوابة لابد فيه من الإستئذان.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم .

وتوجهت للمأذون وقلت له إبدأ ياسيدنا إجراءاتك ………..

انتهت مراسم وأحداث التنازل و بدأت رحلة تكوين مملكة جديدة يحوطها الحب والود والفهم العميق لمعاني العلاقات الأسرية.

              عصام زايد

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.