فنان الشخصية
بقلم / المهندس أيمن سلامة
ارتبط العديد من الفنانين بشخصيات معينة جسدوها من الواقع أو إبتكروها من مخيلتهم ، ولعل من أبرز الفنانين القدامى الذين ارتبطو بشخصيات معينة العملاق نجيب الريحانى الذى برع فى تجسيد شخصية المدرس البسيط الطيب القلب ذو الشخصية السوية برغم كل ما يعانيه من شظف العيش فى فيلم غزل البنات عام 1949 م مع العمالقة يوسف وهبى و أنور وجدى و أميرة الغناء العربى الرقيقة الراحلة ليلى مراد ، وبرغم تجسيده لشخصيات أُخرى للموظف الأمين البسيط الذى يـُعانى ضيق الحال فى أفلام أُخرى مثل فيلم سلامه فى خير و فيلم حلموس أفندى ، إلا أن الشخصية الشهيرة التى ارتبطت به هى سخصية الأستاذ حمام فى فيلم غزل البنات .
سار العديد من الفنانين على درب العملاق وتجسيد نفس الشخصية بـإسلوب آخر وإن كانت بنفس المضمون بشكل عام وعلى رأسهم يأتى الأستاذ وهذا اللقب يـُطلق على فنان واحد فقط هو العملاق فؤاد المهندس الذى برع فى تجسيد نفس الشخصية على المسرح فى مسرحية السكرتير الفنى عام 1968 م مع العمالقة عبدالمنعم مدبولى وعبدالوارث عسر ، وفى رأيى المتواضع هذه المسرحية هى أفضل ما قدمه فؤاد المهندس خلال مشواره الفنى الطويل .
واستمر النهج مع الأجيال التالية من الفنانين ، منهم الفنان محمد سعد الذى نجح فى تجسيده لشخصية جديدة من قاع الشارع فى حوارى المدينة وهى شخصية (اللمبى) الشاب البسيط الغير متعلم العاطل فى فيلم الناظر صلاح الدين عام 2000م بطولة الراحل الفنان علاء ولى الدين ، واستثمر نجاح الشخصية فى فيلم يحمل اسم الشخصية (اللمبى ) عام 2002 م ، ثم فى فيلم اخر هو (اللى بالى بالك ) عام 2003م ، ثم حاول الخروج من سيطرة الشخصية بإبتكار شخصيات أُخرى لكنها لم تنلْ نفس بريق ونجاح الشخصية المشهورة له ، لذلك عاد اليها بفيلم (اللمبى 8 جيجا) عام 2010م .
وهناك أيضا الفنان أحمد آدم الذى نجح مصادفة فى تقديم شخصية القرموطى وهى شخصية مبتكرة بنفس فكرة شخصية اللمبى ولكنها نابعة من قاع الريف المتحضر وأقصد به مجتمع الريف المجاور للمدينة الكبيرة كما هو الحال فى الضواحى المتاخمة لحدود القاهرة. و هى شخصية الانسان البسيط الذى يعيش فى جلباب فلاح القرية ولكنه يتعامل بأسلوب ابن المدينة المزدحمة بما تحمله مشاكل ، ويبحث عن الربح السريع المريح بأسلوب يصل الى النصب فى أغلب الأحيان ، واستثمر نجاح الشخصية فى أفلام اخرى منها فيلم (معلش احنا بنتبهدل ) عام 2005 وفيلم ( القرموطى فى ارض النار ) عام 2017 م .
بالمقارنة السريعة بين اثنين من عمالقة الفن الكبار وهما من العلامات الفارقة فى تاريخ الفن المصرى والعربى الريحانى وفؤاد المهندس ، و اثنين من فنانين الجيل المعاصر هما محمد سعد واحمد آدم ، فى رأيى المتواضع أن جيل الكبار مازال له عشاقه حتى الآن ونجحوا حتى فى خارج إطار الشخصية المشهورة لكل منهم ، أما فنانين الجيل المعاصر فقد خفُت بريقهم ولم ينجحوا كثيراً خارج إطار الشخصية المشهورة لكل منهم ، ترى ما السبب ؟؟ هل كان الخطأ من الفنان لإستثماره الطويل للشخصية حتى أُستُهلكت ولم يعد الجمهور يتقبلها بنفس الحماس الاول ، أم أن السبب هو التغير السريع لمزاج الجمهور الذى لم يعد الاستمتاع بالفن الجيد إحدى مميزاته .