بقلم الفنان/ أمير وهبب
ومصر تحتفل بالذكرى الـ 51 لانتصارات أكتوبر المجيدة نعرض قصة البطل الشهيد المقاتل ” نشأت نجيب شرقاوي ” كما وردت في الوثائق الحربية الرسمية المصرية اسمه ضمن قائمة المجد وسجل الشرف فخر مصر والمصريين.
* ” نشأت ” من مواليد القاهرة في ٢١ مارس١٩٤٥ و كان قد انهي خدمته العسكرية و عندما أعلنت مصر الحرب و علم من أصدقاءه و زملاءه في العمل انهم تسلموا خطاب استدعائهم ، في هذا اليوم عاد الي المنزل و هو غاضب و قال لأخته ( نبيلة ) ” انا رايح احارب ” ، قالت له ” جالك الجواب ” قال لها ” لأ ، انا مش هستني الجواب ” قالت له ” ليه ” قال لها ” علشان هؤلاء ( و كان يشير الي أمير و سامح ابناء نبيلة أخته ب اعتباره خالهم ) ، عايزاهم لما يكبرو يقولو علينا ايه ” و لم ينتظر الخطاب ، و حصل علي اجازة من عمله و ذهب الي وحدته و تسلم خطاب استدعائه.
* ” نشأت ” تخرج من كلية التجارة و لكنه كان يعشق اللاسلكي و الإلكترونيات و التحق بالجامعة الأمريكية و حصل علي دبلومة.
* البطل جندي نشأت نجيب شرقاوي ، مقاتل سلاح الإشارة الذي جاد بحياته في معركة القطاع الأوسط بسيناء يوم ١٥ اكتوبر ١٩٧٣ ، حيث دارت فوق هذا القطاع من مسرح القتال في صحراء سيناء أعنف المعارك و أكثرها ضراوة بين قواتنا المصرية المشاة و الإشارة و المدرعات و المدفعية المضادة للدروع ضد قوات العدو المدرعة و الميكانيكية و مظلاته الجوية من طائرات الفانتوم وسكاي هوك و سوبر ميستير.
* من اقواله ” سلاح الإشارة هو سلاح الرئيس السادات ، الإشارة عين القائد و أذنيه و صوته و حواسه كلها ، مثل الدم في جسم الإنسان ، انا متأكد من النصر “.
نشأت نجيب شرقاوي ( ٢١ مارس ١٩٤٥ – ١٥ أكتوبر ١٩٧٣ ) ( ٢٨ سنة )
* و لقد استشهد البطل و هو يرافق أحد قادة و حدات المشاة في معركة اقتحام و تقدم الي عمق القطاع الأوسط شمال سيناء ، كان حاملا جهازه مبلغا أوامر قائده الي بقية المقاتلين ، و أزدحمت الأرض بالنيران ، و ألقت طائرات العدو قنابلها الالف رطل ، و قال القائد للمقاتل نشأت ” عد الي المؤخرة ، هنا خطر عليك ” ، رفض المقاتل نشأت ان ينفذ أمر قائده ، و بقي في موقعه شامخا صامدا فاتحا جهازه مبلغا اشاراته لبقية زملاءه ، حتي استشهد.
* و كانت شهادة اللواء ” فؤاد عزيز غالي ” بأنه لم يري مثل المقاتل نشأت في قوة صموده و صلابته و حماسه و عنفوانه ، حتي بعد إصابته ، و استمراره في مهامه القتالية و الاقتحام بقوة حتي استشهاده ، هي التي منحت السيدة بهية جرجس يوسف العسيلي ” الأم المثالية ” ( والدته ، جدة الفنان أمير وهيب ) في احتفالية عيد الأم التالي ل الحرب في مارس ١٩٧٤.
* و من ضمن ما وجدوه في محفظته ، بعد استشهاده ، ل الاستدلال على هويته من خلال متعلقاته ، بطاقته الشخصية و ” إنجيل ” و صورة ” أمير و سامح ” ملطخة ب الدم.
* * اتذكر نشأت في مشاهد عديدة و إن كنت صغير السن و لكن كبير الذاكرة.
* أن يقف خالك امامك يشير إليك بأنه ذاهب للقتال للدفاع عن وطنك و من أجلك ثم تعلم باستشهاده و دمه على صورتك لهو أمر مزيج من الفخر و الحزن مع شعور بتولي المسؤلية بالإنابة و العهد على استكمال مسيرته في الدفاع عن الوطن باعتباره ورث و تسلسل حتمي.
* * الأمانة تقتضي شرح أسباب شهرة ” نشأت ” عن بقية زملاءه من الشهداء ، فلا يوجد فرق لأن الكل قدم نفسه هدية لمصر و لكن الظروف سمحت بالاتي :
اولا : اختيار والدته ضمن المكرمات في عيد الأم التالي للحرب أي في مارس ١٩٧٤ و كان عددهم ٧٦ ام مما قلص عدد الشهداء من رقم ب ” آلاف ” إلي هذا الرقم.
في هذه الاحتفالية كان وجود عدد غير قليل من قادة الجيش و الإعلاميين اختاروا السيدة ” بهية ” على الصفحة الأولى من جريدة الأهرام و أغلفة المجلات باعتبارها هي أيضا نموذج في الوطنية.
ثانيا : تفوق نشأت الدراسي ، نشأت كان يجيد الفرنسية و الانجليزية و هو نموذج ل ” المقاتل ” المتعلم.
ثالثا : و بلغة الرياضة في بعض حالات فوز الفريق الوطني في مباراة يتم تسليط الضوء على ” الهداف ” و اذا كان نشأت هو الهداف لكن لا يمكن إغفال أن هذا العمل هو عمل جماعي و الكل يشترك بما فيهم ” الجمهور ” حيث يتم وصفه بأنه كان اللاعب رقم واحد ، و في حالة حرب أكتوبر شعب مصر كله بمختلف فئاته كان الجندي رقم واحد و هو السبب الرئيسي في نصر مصر.
* وفي الختام اعترف انني سعيت باجتهاد لإطلاق اسم الشهيد على اي شارع أو ميدان في مصر و لكن تنتصر البيروقراطية وباكتساح. ولكن لا يزال الأمر يراودني ويراود كل العائلة أن تتحقق لنا هذه الرغبة المشروعة، فهل من مجيب .
أمير وهيب
فنان تشكيلي وكاتب ومفكر