في يوم عيدها.. أم تصرخ : نفسي أشوف ولادي
” نفسي اشوف ولادي .. انا مش محتاجة حاجة منهم معاشي يكفيني وزيادة .. بس يسألو على ويزوروني لو كل شهر مرة .. آه يا ولادي “. سمعت هذه العبارة من أم في برنامج ديني باحدى الفضائيات تتوسل ضيف البرنامح وهو أحد العلماء الأجلاء أن يوجه رسالة لأبنائها يحذرهم فيها من عقوبة عقوق الوالدين لعلهم يرتدعون ويزورونها حتى لا تموت وقلبها غاضب عليهم .
تذكرت حنان امي – يرحمها الله – وحنان كل الأمهات الفضليات عندما قالت تلك الأم والدمع تخنق صوتها ” أنا خايفه عليهم من عذاب ربنا .. خايفة أغضب عليهم “. فعلا صدق من قال ” حواء ليس لها أب أو أم ولكن لها أبناء ” ، فهي عبارة رغم بساطتها إلا أنها تفك أسرار حب الأم لأبنائها حتى ولو كانوا يسيئون إليها .
وبمناسبة عيد الأم ، تذكرت أيضا تجمعنا ونحن صبية نلعب في الحارة على صرخات أم تستغيث من تطاول إبنها عليها، وكالمعتاد في ذلك الزمان قام أحد رجال حارتنا بضرب الإبن بقوة بعصا كانت بيده فهرب ، وجلست الأم تبكي بحرقة، ووجهت نظرة عتاب للرجل قائلة :” ليه ضربت الواد جامد.. كنت ابعده بالراحة “.
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسابيع قليلة قصة سيدة فاقدة للذاكرة تم العثور عليها تجلس بجوار محطة وقود في منطقة المقطم بالقاهرة، وبتفتيش حقيبتها كانت المفاجأة أنها أستاذة جامعية كانت تقيم في دار خاصة لرعاية المسنيين. وعندما إصطحبوها إلى الدار كانت الكارثة أنها وكلت إبنها رسميا بإستلام المعاش الكبير لوالدته على أن يقوم بدفع التكلفة الشهرية لإقامتها ، واستغل الإبن الجاحد فقدانها للذاكرة ولهف معاشها وتخلف عن دفع التكلفة للدار لعدة اشهرها فطردوها .
مثلت تلك المشاهد أو بالأحرى المآسي أمامي في يوم عيد الأم حيث يكتفي الإعلام بإذاعة أغنية ست الحبايب ، ويعتقد الغالبية أنهم بلغوا قمة البر بأمهاتهم أن قدموا لهن الهدايا وقبلوا رؤوسهن وأيديهن في يوم عيدهاـ بينما ينسون أمهاتهم طوال العام بحجة المشاغل بالعمل ورعاية الأبناء.
وقد وضعت الباحثة منال المنصور وصفة عملية من 15 بندا لبر الوالدين ، أهمها من وجهة نظري الصبر على تغير النفسية وتغير الطباع في حال الكبر، لأن الإنسان حينما يعجز عن القيام بنفسه تكثر طلباته ويكثر انتقاده ويقل صبره. وإظهار الإحتياج إليهم ولو كبرنا وكبروا لأن هذا يشعرهم بأنه مهما كبروا وضعفوا بأن وجودهم مهم في حياتنا. وإخبارهم بمستجدات حياتنا اليومية البسيطة لأنه يشعرهم باهتمامنا بهم والاستماع إلى توجيهاتهم ونصائحهم وطلب استشارتهم والأخذ برأيهم ولو لم يعجبك الرأي ولم تأخذ بالنصيحة, فأظهر أنك تحب استشارتهم وأنك لا تستغني عن آرائهم. وأيضا عدم تفضيل وتقديم أحد عليهم في الرعاية والاهتمام سواء كانت زوجة أو أبناء.
وأتفق مع المنصور بأن البر الحقيقي يكون بتلمس حاجاتهم ومعرفة رغباتهم الداخلية وما يتمنون وتلبيتها بكل فرح وسرور من غير أن يتلفظوا بها, ثم بالإحسان والسمع والطاعة للوالدين في حال اختلاف رغباتنا وطريقة تفكيرنا عنهم، وفي حال عدم حاجتهم لنا، لأن البر بهم وهم محتاجون ليس برا وإنما واجب .
اما جريمة العقوق التي يرتكبها هؤلاء الأبناء الجاحدين فأذكرهم بأن ديننا الحنيف حرم عقوق الوالدين وجعله من أكبر الكبائر وقرنه بالإشراك بالله، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم في حديث شريف :(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ) .