أخبار العالم

قائد الجيش الإثيوبى يلوح بالحرب للحصول على منفذ بحرى جديد

كتبت – د. هيام الإبس

ألمح المشير برهانو جولا، قائد قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، إلى إمكانية سعي إثيوبيا للحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر، بعد فشل اتفاق سابق مع إقليم أرض الصومال الانفصالي.

وكانت إثيوبيا قد أبرمت قبل عدة أشهر اتفاقًا سريًا مع أرض الصومال بشأن البحر الأحمر، إلا أن الاتفاق أُلغي بعد اعتراض الصومال على بعض بنوده المتعلقة بسيادته وسلامة أراضيه، ما دفع إلى تدخل التحكيم التركي.

وفي كلمته خلال الاحتفال بـاليوم الـ118 للدفاع الإثيوبي في مدرسة تدريب القوات البحرية، قال المشير جولا: “يبلغ عدد سكاننا الآن 130 مليون نسمة، وسيصل إلى 200 مليون نسمة خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، كيف يمكن عرقلة مصالح 200 مليون نسمة لصالح مجتمع يبلغ عدد سكانه مليوني نسمة؟ هذا ليس عادلاً، ولا يتماشى مع القانون الدولي، ولا منطقياً”.

ودد القائد العسكري على ضرورة تعزيز قوات الدفاع، وتسريع التنمية، وتأمين الوصول البحري للبلاد، متهماً خصوم إثيوبيا التاريخيين بحرمان البلاد من الوصول إلى البحر، مع الاعتراف ببعض الأخطاء الداخلية السابقة.

في المقابل، يرى منتقدون أن هذه التصريحات قد تفتح الباب لصراع جديد في منطقة القرن الإفريقي، محذرين من أن أي مواجهة على البحر الأحمر أو الحدود الإقليمية قد تهدد استقرار شمال وشرق إفريقيا، وتؤدي إلى كارثة إنسانية تهز ملايين الأرواح.

بدوره، أصرّ رئيس الوزراء آبي أحمد على موقفه بشأن سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر، لكنه شدد على أن ذلك يجب أن يتم بالوسائل السلمية، وأشار إلى موافقة الصومال على الحوار مع إثيوبيا، إلا أن اللجنة الفنية التي شكلت في إطار الوساطة التركية لم تُصدر بعد أي خطة عمل.

وقال أحمد: “نعتقد أن قضية البحر الأحمر مسألة قانونية وتاريخية وجغرافية واقتصادية يجب التعامل معها بهدوء وتأنٍّ.

ومع نمو إثيوبيا، ستصبح مصدراً للتنمية والازدهار للمنطقة بأسرها. ما نسعى إليه هو نمو مشترك وتقدم متبادل”.

ويُنظر إلى تصريحات قائد الجيش الإثيوبي على أنها إشارة قوية إلى أن إثيوبيا لن تتخلى عن طموحها للحصول على منفذ بحري، في وقت يتابع فيه المجتمع الدولي الوضع في منطقة البحر الأحمر بحذر شديد.

جهة تيجراى تحذر من الحرب

من جانبها، اتهمت جبهة تحرير شعب تيجراى حكومة آبي أحمد بـ”انتهاك وتقويض” اتفاق السلام المعروف باسم اتفاق بريتوريا، محذرة من أن الاتفاق “مهدد بشكل أكثر خطورة من أي وقت مضى”.

وفي بيان، ذكرت الجبهة أن الحكومة الفيدرالية فشلت في تنفيذ البنود الرئيسية للاتفاق الذي وُقع في نوفمبر 2022 لإنهاء الحرب في إقليم تيجراى، واتهمت الجبهة الحكومة بـ”إفراغ الاتفاق من محتواه” عبر تسليح ودعم القوات التي لا تزال تحتل أجزاء من تيجراى وعرقلة عودة النازحين.

وأكدت الجبهة أن الاتفاق صُمم لضمان وقف دائم للأعمال العدائية، وتمكين عودة النازحين، وإرساء أسس العدالة وإعادة الإعمار والحوار السياسي، لكنها اعتبرت أن الحكومة لم تنفذ أياً من هذه البنود بشكل فعال، وأشارت إلى أن المدنيين في مناطق الاحتلال ما زالوا يواجهون عمليات اختطاف وقتل على أساس هويتهم، بينما يعاني النازحون من البرد والمرض والجوع والإهمال.

وفي انتقاد مباشر لرئيس الوزراء آبي أحمد، قالت الجبهة إن تصريحاته الأخيرة في البرلمان تقلل من شأن المعاناة التي خلفتها الحرب في تيجراى، معتبرة أن خطاب رئيس الوزراء يُظهر “استهزائه بمعاناة شعب تيجراى وعدم ندمه على الدمار الذي لحق بالإقليم”.

كما اتهمت الحكومة بالسعي إلى تغيير ديموجرافي للأرض والسكان من خلال تركيزها على استفتاء عودة النازحين.

وحذرت جبهة تحرير شعب تيجراى من “خطر جولة أخرى من الحرب”، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل، وطلبت عقد لجنة طارئة تابعة للاتحاد الأفريقي لتقييم الوضع وإنقاذ الاتفاق المهدد بالانهيار.

من جانبه، أكد رئيس الوزراء آبي أحمد أمام البرلمان أن حكومته “لا تريد المزيد من القتال في تيجراى”، مشدداً على أهمية التركيز على تنمية البلاد، واتهم الجبهة بمواصلة تهريب الأسلحة والانخراط في علاقات خارجية غير مصرح بها، ما يقوض عملية السلام.

وتطرق أحمد إلى الوضع القانوني لجبهة تحرير شعب تيجراى، موضحاً أن الجماعة يمكنها استعادة شرعيتها من خلال إعادة التسجيل لدى المجلس الوطني للانتخابات، مشدداً على أن احترام هيئة الانتخابات والدستور هو الطريق القانوني للعودة إلى النشاط السياسي الرسمي.

وكان المجلس الوطني للانتخابات قد ألغى رسمياً وضع الجبهة في مايو 2025، مشيراً إلى عدم عقد الجمعية العامة المقررة خلال الفترة الزمنية المحددة، رغم التحذيرات المكتوبة، فيما رفضت الجبهة القرار، معتبرة أن اتفاقية بريتوريا تمنحها الوضع القانوني مباشرة دون الحاجة لإعادة التسجيل.

وأنهى اتفاق بريتوريا للسلام، الموقع في نوفمبر 2022، بين جبهة تحرير تيجراى والحكومة الإثيوبية، حرباً ضروس، استمرت لأكثر من عامين، راح ضحيتها مئات الآلاف، وخلفت دماراً واسعاً.

وتأسست جبهة تحرير تيجراى في عام 1975، وأدت دوراً محورياً في الإطاحة بنظام منجيستو هايلي ماريام العسكري في عام 1991، ثم هيمنت لاحقاً على الساحة السياسة الإثيوبية من خلال تشكيل نظام فيدرالي إثني للبلاد استمر لأكثر من 3 عقود، حتى مجيء حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

وسرعان ما اندلع النزاع مع حكومة آبي أحمد بعدما أحكمت الجبهة سيطرتها على الإقليم الذي تنحدر منه الجبهة، واستمر الصراع لأكثر من عامين، وانتهى بتوقيع اتفاق بريتوريا في جنوب إفريقيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى