قانون ممنوع الإفتعال

بقلم / الفنان أمير وهيب
اتذكر في سنة ١٩٩٠ تحديدا نجحت مصر في تحقيق حلم كان يراود نسبة كبيرة من المصريين و هو الذهاب للمشاركة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم.
و هناك ، كان أداء المصريين يتسم بوضوح انعدام الخبرة و السذاجة و السطحية متمثلا في الحرص الشديد الي حد الخوف. بحيث أن في مباراة أيرلندا تحديدا ، كانت ” الخطة ” هي الاحتفاظ بالكرة أطول فترة ممكنة ، دون لعب إيجابي ، عن طريق تمرير الكرة لحارس المرمى لكي يمسكها ، ثم بدوره يقوم حارس المرمى بردها الي زميله ، وهكذا ، و بشكل مبالغ فيه لدرجة أفسدت المباراة. أفسدت ” روح الرياضة ” و متعة المنافسة ، و هذا الفعل سبب امتعاض و انزعاج شديد لفريق ايرلندا و للجمهور المتابع.
مما اضطر الاتحاد الدولى لكرة القدم ، بعد هذه النهائيات ، الي ” رد الفعل ” و اتخاذ قرار تعديل قانون اللعبة و مضمونه ” ممنوع ” أن يمسك حارس المرمى الكرة بيده قادمة من زميله و عليه أنه يمررها.
هذا المشهد له تحليلان ، تحليل الفعل و رد الفعل ، الفعل من جانب المنتخب المصري و رد الفعل من جانب الاتحاد الدولي.
* بداية ، هناك قانون لعالم الفيزياء الشهير ” نيوتن ” ، نصه : كل فعل له رد فعل مساو له في المقدار و مضاد له في الاتجاه.
* القانون و أن كان معني بالحركة في علم الميكانيكا الا اني أجزم بيقين أنه مطبق بنفس المضمون في حياة الإنسان الاجتماعية.
* هذه الفعل هو في حقيقة الأمر ، افتعال ، دليل أخفاق ، و هو التحايل غير الأخلاقي وقت الأزمة والمتأصل من انعدام التعليم الصحيح و انعدام القدرة على الابداع.
* كان فريق منتخب ، أو فرد منتخب نتيجة تصويت انتخابي ، المشكلة واحدة و النتيجة واحدة. أداء ضعيف و نتيجة ، في احسن الأحوال ، و بالتعبير الشعبي ، ناجح على ” الحركرك “.
* هذا الفعل ، المخالف أخلاقيا ، الذي لا يعاقب عليه القانون ، كان له رد فعل ، استدعى تعديل القانون لتقنين العقاب بحيث أنه يصبح في حالة ممارسته و تطبيقه يعد من الناحية القانونية مخالفة لها عقاب.
* و هو ما تحتاجه مصر فعلا ، تعديل القوانين و إيجاد صيغة ” ممنوع ” لقائمة طويلة من التجاوزات ، لأن محاولة اثناء فرد أو مؤسسة عن سلوك سلبي معين من خلال التوعية و الارشاد لن يجدي.
* نيوتن عالم الفيزياء أثبت أن كل فعل له رد فعل مساو له في المقدار و مضاد له في الاتجاه.و رؤيتي لهذا القانون من الناحية الاجتماعية ، أقول ، لكل فعل رد فعل ، يا بالتفعيل أو إبطال مفعول.

* الفعل جميل و الأفتعال قبيح ، المصريين ، بكل أسف ، في العصر الحالي ، يمارسون الأفتعال والفعل الجميل شبه منعدم.
* في سنوات الدراسة المدرسية كان هناك تكريم من قبل المدرسين للتلاميذ المتفوقين و كان هناك أيضا ” خرزانة ” للتلاميذ المشاغبين.
* المصريين ، يمارسون التحايل ، عن طريق المبالغة في ممارسة أمور بسيطة باعتبارها هامة جدا ، على حساب العمل ، و النتيجة ، عند أي تفاوض مع اي جهة خارجية ، ينظر إلي المصري باعتباره كائن ساذج طيب القلب لا يدرك معنى الوقت و العمل.
* الدول من حولنا تتقدم بخطى واثقة مسرعة و المصريين جلوس ، حاليا ، في حالة اشتباك على ” الفتوى “.
* لذلك عملة مصر ، الجنيه ، في حالة انهيار دائم و مع ذلك يستمر المصري على أداءه ، دون أدنى شعور على خطورة حاله.
* و عندما يكون المصري بهذا الأداء ، رد فعل الطرف الآخر ، اغلب الاحيان ، في أي عملية تفاوض ، سياسية أو سياحية ، او حتى لو كانت عملية بيع و شراء ، تكون له الغلبة.
* اتمنى ، ظهور قائمة من القوانين تبدأ بصيغة ” ممنوع ” ، ممنوع في كل المجالات ، و تطبيق القوانين بحزم و صرامة حتى تسترد مصر قوتها و اول مظاهر هذه القوة هي قوة الجنيه يساوى الدولار في القيمة.
أمير وهيب
فنان تشكيلي وكاتب ومفكر