السودان

قوى سياسية سودانية ترحب بمساعي أمريكية لتصنيف قوات الدعم السريع منظمة إرهابية

مسؤولة أممية: الخرطوم مدينة أشباح والسودان يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم

كتبت / د.هيام الإبس

 

أعربت قوى وأحزاب سياسية سودانية عن ترحيبها بالخطوات التي يتخذها الكونجرس الأمريكي لتصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية أجنبية، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل استجابة لمطالب ملايين السودانيين الذين عانوا من انتهاكاتها.

 

وضم بيان لموقعون التيار الوطني، والتجمع الاتحادي، والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، وحزب الأمة القومي، وحركة الحقوق الشبابية، والحزب الوطني الاتحادي.

 

وجاء الترحيب عقب دعوة السيناتور الجمهوري جيم ريش، عضو لجنة العلاقات الخارجية با الكونجرس إلى تقييم تصنيف قوات الدعم السريع منظمة إرهابية، عبر تعديل مقترح على قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026 (NDAA)، والذي يُلزم الإدارة الأمريكية بإجراء تقييم شامل خلال 90 يوماً.

وأشار البيان إلى أن هذه الخطوة تأتي في ظل التدهور الحاد للأوضاع الإنسانية في السودان منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين، وما صاحبها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، شملت القتل والنهب والاغتصاب والتجنيد القسري والتطهير العرقي.

 

وأكدت القوى السياسية أن التصنيف المحتمل سيفتح الباب أمام محاسبة قادة قوات الدعم السريع المتورطين في جرائم ضد الإنسانية، ويوجه رسالة واضحة إلى الجهات التي تقدم لها السلاح أو التمويل بأن الإفلات من العقاب لن يستمر.

وطالبت الأحزاب الموقعة بتوسيع نطاق العقوبات ليشمل الداعمين الإقليميين والدوليين لقوات الدعم السريع، والدعوة إلى إطلاق عملية سلام عادلة تحمي المدنيين، بالتوازي مع إصلاح جذري للمؤسسة العسكرية والأمنية لمنع ظهور مليشيات جديدة تحت أي غطاء سياسي أو مناطقي.

كما شدد البيان على ضرورة دعم المجتمع الدولي لجهود المساءلة، وعدم الاكتفاء بالإدانات اللفظية، لضمان تحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات في دارفور وكردفان وبقية أنحاء السودان.

وأكدت القوى السياسية على أن هذه الخطوة تمثل بداية مهمة نحو إحقاق العدالة، وأنها ستواصل الضغط السياسي والقانوني حتى تجفيف منابع المليشيات وبناء سودان جديد قائم على السلام والحرية والعدالة.

 

الخرطوم مدينة أشباح والسودان يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم

 

وصفت مديرة قسم العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إديم وسورنو، ما رأته في الخرطوم خلال زيارتها الأخيرة بأنه “مروع”، مؤكدة أن العاصمة السودانية تحولت من مدينة نابضة بالحياة إلى “مدينة أشباح” جراء الحرب المستمرة منذ أبريل 2023.

 

وفى إفادة للصحفيين من بورتسودان عبر اتصال فيديو، أشارت وسورنو إلى أن هذه هي الزيارة الأولى لمكتب أوتشا إلى الخرطوم منذ مغادرته المدينة عند اندلاع القتال، لافتة إلى أن فريقها لم يتمكن من دخول مقر المكتب بسبب وجود قذائف غير منفجرة، فيما تعمل دائرة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام على إزالتها.

 

أكبر أزمة إنسانية

 

وأكدت المسؤولة الأممية أن السودان يمر بأكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج 30 مليون شخص إلى المساعدات، موضحةً أن المطلوب لتلبية الاحتياجات الأساسية لا يتجاوز “55 سنتاً يومياً لكل شخص”، وشددت على أن إيصال المساعدات يتطلب توفير الأمن وضمانات السلامة وتسهيل وصول الإمدادات والتمويل.

 

الدعوة إلى هدنة إنسانية

 

وتطرقت وسورنو إلى الوضع في إقليم دارفور، محذرةً من أن مدينة الفاشر محاصرة منذ عام، وأن معسكر زمزم للنازحين يشهد ظروف مجاعة، وأكدت دعمها لدعوة وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، إلى هدنة إنسانية عاجلة، مع ضرورة السماح بوصول المساعدات دون عوائق واستمرار تمويل العمليات الإنسانية.

وأشادت سورنو بالموظفين السودانيين في الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، مشيرةً إلى تضحياتهم الكبيرة في مواجهة أعباء الأزمة.

 

تحذير أممى من تفشى الكوليرا غرب السودان ومعسكرات اللاجئين بتشاد

 

من جانبها، حذرت وكالات تابعة للأمم المتحدة من تسارع انتشار وباء الكوليرا في مختلف ولايات السودان ومعسكرات اللاجئين السودانيين في تشاد، مشيرةً إلى أن الوضع الصحي والإنساني يزداد سوءاً بفعل استمرار الحرب، وانهيار الخدمات، ونقص التمويل.

وقالت مسؤولة الحماية في مفوضية اللاجئين، جوسلين إليزابيث نايت، الجمعة، إن لاجئين من معسكر زمزم في شمال دارفور تعرضوا للترهيب من مسلحين أثناء فرارهم، وهددوهم بالملاحقة أينما ذهبوا، وأضافت أن الأطفال يعيشون في حالة خوف دائم من تجدد الهجمات حتى داخل أماكن اللجوء.

 

من جانبها، أفادت منظمة الصحة العالمية بانتشار الكوليرا في جميع ولايات السودان، مع تسجيل نحو 100 ألف إصابة منذ يوليو 2024، إلى جانب تفشٍ لأمراض أخرى مثل الحصبة والملاريا وحمى الضنك وشلل الأطفال.

وأوضحت كبيرة مسؤولي الطوارئ بالمنظمة، إلهام نور، أن الصراع تسبب في 174 هجوماً على المرافق الصحية، أودت بحياة 1,171 شخصاً وأصابت 362 آخرين، وحذرت من أن نحو 25 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم 770 ألف طفل مهددون بسوء التغذية الحاد الوخيم خلال 2025.

 

وفي شرق تشاد، سجلت المفوضية إصابة 264 لاجئاً سودانياً بالكوليرا ووفاة 12 شخصاً في معسكر دوغي، مع ظهور حالات مشتبه بها في معسكرات أخرى.

وحذرت من أن الاكتظاظ، ونقص المياه النظيفة، وضعف خدمات الصحة والصرف الصحي، يسرّع انتشار المرض.

وتطلب المفوضية 130 مليون دولار لتلبية احتياجات عاجلة تشمل نقل عشرات الآلاف من اللاجئين من المناطق الحدودية، ودعم الخدمات الأساسية، واحتواء الوباء.

 

كما حذر برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام من المخاطر الواسعة للذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب الحالية والنزاعات السابقة، مشيراً إلى اكتشاف أكثر من ألف ذخيرة غير منفجرة في الخرطوم خلال شهر واحد، وتحديد ستة حقول ألغام الأسبوع الماضي فقط.

 

وأوضح رئيس البرنامج في السودان، صديق راشد، أن هناك حاجة ماسة لتمويل قدره 23 مليون دولار لتعزيز فرق إزالة الألغام وزيادة التوعية بالمخاطر.

ودعت وكالات الأمم المتحدة إلى هدنة إنسانية عاجلة، والسماح بالوصول الآمن للمساعدات، وتوفير التمويل الضروري، محذرةً من أن استمرار الوضع الحالي قد يقود إلى كارثة صحية وإنسانية واسعة النطاق داخل السودان وفي دول الجوار المستضيفة للاجئين.

 

حزب الأمة القومى يدين مقتل 16 مدنياً برصاص الدعم السريع في شمال كردفان

فى سياق آخر ، أدان حزب الأمة القومي بشدة ما وصفه بـ”المجزرة المروّعة” التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في قرية مركز بمحلية غرب بارا، شمال كردفان، والتي أسفرت عن مقتل 16 مواطناً وإصابة أكثر من 30 آخرين، بينما لا يزال عدد من الأشخاص في عداد المفقودين.

وأشار الحزب إلى أن الهجوم تسبب أيضاً في تهجير قسري طال أكثر من 15 قرية بالمنطقة. ووصف في بيان صحفي الحادثة بأنها “جريمة حرب مكتملة الأركان” وانتهاك صارخ للقوانين والأعراف الإنسانية والدولية، مؤكداً أنها استهدفت مدنيين أبرياء لا علاقة لهم بالنزاع المسلح.

وطالب الحزب المنظمات الدولية والحقوقية برصد هذه الجرائم وتوثيقها وإدانتها، والعمل على وقفها، وتوفير الحماية الفعلية للسكان. كما دعا قيادة قوات الدعم السريع إلى الوقف الفوري للهجمات على القرى، وسحب قواتها من المناطق السكنية، والالتزام بحماية المدنيين.

 

وحذر حزب الأمة القومي من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى المزيد من الفظائع والدمار والفوضى، مؤكداً أن الحل يكمن في إيقاف القتال فوراً والانخراط في مسار سياسي سلمي يجنب البلاد مزيداً من إراقة الدماء وانهيار مؤسسات الدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى