كارثة بالسعودية : كيف تحولت محطة قطار الحرمين بجدة كوم رماد
بقلم / د. محمد النجار
لم يمض سوى عام واحد فقط بالتمام والكمال على افتتاح قطار الحرمين؛ وكان الافتتاح يوم الثلاثاء الموافق25-09-2018، وكانت كارثة الحريق يوم الاحد 29-09-2019 التي التهمت بالكامل محطة قطار السليمانية بجدة ، وقد أخرجت تلك الكارثة هذه المحطة من الخدمة ، بل أدت الى توقف كل الخط الحديدي.
وقد شاركت 92 سيارة اطفاء استمرت من عصر الاحد حتى منتصف يوم الاثنين ، حيث التهمت النيران كافة محتويات الطابق الثاني فما فوق ؛ و تحولت المباني والصالات التي شُيدت حسب ما قيل على أعلى مستوى من التقنية إلى أكوام من الرماد والأنقاض ، والأشد من ذلك ان هذا الحريق أدى الى إيقاف القطار؛ حيث أن محطة السليمانية هي منطقة عبور.
كان هذا المشروع الطموح ضمن رؤية السعودية 2030م ،عبارة عن خط سكة حديد كهربائي، يربط بين منطقتَي مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويقطع المسافة في مدة قصيرة (ساعتين) بدلا من اربع ساعات على الاقل بالسيارة ،بسرعة تصل الى (300)كيلومتر في الساعة، وبطاقة استيعابية تبلغ 60 مليون مسافر سنويًّا، وتكلفة إجمالية 63 مليار ريال سعودي.
ان شعوب العالم الاسلامي تنظر للملكة العربية السعودية ليست بصفتها دولة عربية ، وإنما دولة اسلامية حباها الله بالحرمين الشريفين ، وكانت تطبق شريعة الله ، وكانت خلال الحقبة الماضية مثار إعجاب الشعوب الاسلامية إلا أن هذه الصورة قد تغيرت في نفوس ملايين الشعوب العربية والاسلامية لاستراتيجياتها الجديدة التي اعتمدت على الانفتاح المجافي للإسلام واقامة الحفلات التي يطلق عليها “الترفيهية” وتستضيف المغنيات الأجنبيات المشهورات بالانحلال الاخلاقي والتفسخ والعري و التي كانت ترفضها المملكة وعلماءها حتى وقت قريب وظهور(( الديسكو الحلال)) .
والابشع من ذلك محاولات التطبيع مع العدو الصهيوني وزيارة الصحفيين والمدونيين لاسرائيل واتاحة الفرصة في الاعلام لظهور اعلاميين واعلاميات يؤيدن الكيان الصهيوني ويرغبن في زيارة اسرائيل ، كل هذا ادى الى تراجع شعبية السعودية لدى معظم الشعوب العربية والاسلامية ولا أحد يستطيع ان ينفي ذلك إلا من كان مخادعا لنفسه ، وكاذبا على الاجهزة والمسئولين في الوقت الذي يجب ان يكون فيها أمينا في نقله الحقيقة الى المسئولين حتى يتخذوا قراراتهم بناء على رؤية حقيقية لابناء شعوبهم ووفقا لشريعة ربهم .
إن هذا الحريق الذي التهم قبل أمس الاحد محطة قطار جدة ((في منطقة الحرم المكي الشريف)) هو في نفس المنطقة التي تألم المسلمون منها عندما نقلت منها كافة وسائل الاعلام العربية والاجنبية الحفلات الماجنة (في جدة) ، ومن قبلها اشتعلت ابار البترول بضربات صاروخية وجوية من ميليشيات الحوثي، وتألم المسلمون أيضا لهذه الضربات المؤلمة التي أشعلت النيران في آبار النفط السعودية.
ان تلك الكلمات ليست نقدا للملكة العربية السعودية ، بل هي نداء مُسْلِم مُحب لبلاد الحرمين الشريفين بأن تتمهل في التفكير ، وتُعيد دراسة الرؤية الحالية التي تراها الشعوب المسلمة – ومنها الشعب السعودي نفسه – غير متوافقة مع شريعة الله وتعالمه، ولا تتفق مع شعارها الاسلامي الذي كانت تحرصا المملكة على اظهارها وتنفيذها خلال السنوات الطويلة ، وذلك لتستعيد شعبيتها لدى الشعوب المسلمة التي يمكنها الدفاع طواعية عنها وعن الحرمين الشريفين بدلا من الاعتماد على اعداء الامة الذين يسلبون اموالها ويتركونها لأعدائها ..