تقارير وتحقيقات

كسر قيود الهجمات السيبرانية

كشف اختطاف الجلسات باستخدام الذكاء الاصطناعي

كتب / زهير بن جمعه الغزال

 

 

ابتكار تقني من بنات الأحساء الرقمية لتعزيز أمن المعلومات وحماية بيانات المستخدمين

في خضم التطورات التقنية المتسارعة والتهديدات الإلكترونية التي تعصف بالمستخدمين حول العالم، برزت أربعة شابات سعوديات من الكلية التقنية للبنات بالأحساء الرقمية بفكرة مشروع تخرج استثنائي، يُعيد رسم حدود أمن المعلومات باستخدام الذكاء الاصطناعي. المشروع الذي حمل عنوان “الكشف عن اختطاف الجلسات على المواقع باستخدام الذكاء الاصطناعي” يعكس شغفًا بالتقنية ووعيًا عميقًا بأهمية حماية المستخدمين من الهجمات السيبرانية الخطيرة.

المشاركات في المشروع، شجون الحربي، رفعة العجمي، أمجاد العتيبي، وامتنان الهلال، انطلقن من فكرة بسيطة لكنها شديدة الأهمية: كيف يمكن التصدي لظاهرة اختطاف الجلسات (Session Hijacking) التي تُعد من أخطر الهجمات الإلكترونية؟ هذه الظاهرة تُتيح للمهاجم التسلل إلى جلسة المستخدم النشطة وسرقة بياناته أو التصرّف نيابة عنه دون علمه.

بداية الحكاية

حين تجتمع العقول الشغوفة بالتقنية، يتولد الإبداع. بدأت الفكرة من اهتمام الفريق بمجال أمن المعلومات، وتحديدًا بالتحديات التي تواجه المستخدمين أثناء تصفحهم للإنترنت. كانت الرغبة واضحة: تصميم نظام ذكي قادر على كشف هذه الهجمات في الوقت الحقيقي، معتمدين على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي باتت تمثل المستقبل في التصدي للتهديدات الإلكترونية.

لكن كيف تبدأ رحلة كهذه؟ كانت البداية بتحديد المشكلة بشكل دقيق، وفهم العيوب التي تعاني منها الأساليب التقليدية مثل الجدران النارية (Firewalls)، والتي أظهرت في أحيان كثيرة ضعفًا في الدقة والسرعة.

رحلة العمل والإنجاز

رحلة العمل على المشروع استغرقت ستة أشهر، توزعت بين البحث، التجربة، التنفيذ، والتطوير. وقد اعتمد الفريق أسلوبًا منهجيًا منظمًا لضمان تحقيق نتائج دقيقة ومتميزة.

 

الخطوة الأولى: جمع البيانات

لم تكن هذه الخطوة سهلة. العثور على بيانات موسومة بدقة تحتوي على أمثلة لجلسات طبيعية وأخرى تتضمن هجمات اختطاف كان تحديًا كبيرًا. البيانات التي جُمعت كانت حجر الأساس لكل خطوة تالية في المشروع.

الخطوة الثانية: تحليل الأنماط

بعد جمع البيانات، جاء الدور لتحليلها. ركز الفريق على دراسة الأنماط والسلوكيات التي قد تكشف عن وجود اختطاف للجلسة. تم تحليل تغيرات عنوان الـIP، أوقات الجلسة، وسلوكيات المستخدم بشكل دقيق لتحديد المؤشرات التي يمكن أن تُشير إلى هجوم.

الخطوة الثالثة: اختبار نماذج تعلم الآلة

في هذه المرحلة، جرب الفريق عدة نماذج لتعلم الآلة، مثل Decision Trees، Neural Networks، وRandom Forest. وبعد مقارنة الأداء بين النماذج، وقع الاختيار على نموذج Random Forest لما يتميز به من دقة عالية وسرعة في التنفيذ، وهما عاملان حاسمان في كشف الهجمات السيبرانية في الوقت الحقيقي.

الخطوة الرابعة: بناء النظام

بعد اختيار النموذج، انتقلت الشابات إلى بناء نظام حقيقي يمكنه التعامل مع البيانات وتحليلها في الوقت الفعلي. النظام يستخدم النموذج المدرب للكشف عن أي محاولات اختطاف بشكل فوري، مع ضمان السرعة والكفاءة في الأداء.

التحديات التي واجهت الفريق

رحلة الإنجاز لم تكن سهلة، بل واجهت الشابات العديد من التحديات التي تطلبت جهدًا مضاعفًا للتغلب عليها:

 

صعوبة الحصول على بيانات دقيقة وكافية: كان العثور على بيانات موسومة تمثل جلسات طبيعية وهجمات اختطاف تحديًا كبيرًا.

الموازنة بين الدقة والسرعة: اختيار نموذج ذكاء اصطناعي يحقق نتائج دقيقة دون التأثير على سرعة الأداء كان تحديًا تقنيًا مهمًا.

التأكد من كفاءة النظام في الوقت الحقيقي: كان لا بد من اختبار النظام في ظروف مشابهة للواقع لضمان استجابته الفورية للهجمات.

نتائج تفوق التوقعات

رغم كل العقبات، نجح الفريق في تحقيق إنجاز يُفتخر به. النظام الذي طورته الشابات استطاع الكشف عن هجمات اختطاف الجلسات بنسبة دقة تجاوزت 90% أثناء الاختبارات. هذه النسبة تعكس مستوى التميز الذي وصل إليه المشروع، وتؤكد على فاعلية استخدام الذكاء الاصطناعي في التصدي لهذه التهديدات.

ما بعد النجاح: رؤية للمستقبل

لم يكن هذا المشروع مجرد تمرين أكاديمي، بل كان تجربة مليئة بالتحديات والدروس. تعلم الفريق الكثير عن العمل الجماعي، إدارة الوقت، والتعامل مع المشكلات التقنية بطرق مبتكرة.

الشابات أكدن أن هذا المشروع ليس إلا بداية لطموحات أكبر. يطمحن لمواصلة تطوير النظام ليصبح أداة فعّالة تُستخدم على نطاق واسع لتعزيز أمن المعلومات في المملكة وخارجها.

رسالة فخر

هذا المشروع هو شهادة على إمكانيات الشابات السعوديات في الإبداع والابتكار، ودليل على أن رؤية 2030 تُترجم على أرض الواقع من خلال عقول وطنية قادرة على تجاوز التحديات وصنع التغيير.

بنات الأحساء الرقمية، شجون، رفعة، أمجاد، وامتنان، تركن بصمة في عالم التقنية، وأرسلن رسالة مفادها أن طموح المرأة السعودية لا حدود له، وأن المستقبل يحمل المزيد من الإنجازات التي تُكتب بماء الذهب.

كسر قيود الهجمات السيبرانية 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.