Site icon وضوح الاخبارى

كلك ذوق

كلك ذوق 5

اسطح المنازل تشهد بالخلل في الذوق العام

بقلم الفنان / أمير وهيب 

حاسة ” التذوق ” هي حاسة ادراك و تمييز الطعم عن طريق اللسان ، و لكن كلمة التذوق نستخدمها ايضا للتعبير عن إدراك و تمييز ما هو صحيح لائق و مناسب في أمور عديدة غير الأكل و الشرب ، و هذه الحاسة اطلقت عليها ” التذوق الفني ” و تشمل كل ما له علاقة ب الفن و آداب المعاملات العامة و استخدام الأدوات ، و حاسة التذوق ب اللسان يمكن ان يحدث بها خلل و هو مرض معروف له اسم علمي Aguesia و نقص التذوق أو ضعف التذوق هو نقصان القدرة على تذوق الأشياء ك تذوق الطعم الحلو أو المر أو الحامض أو المالح و الفقدان التام لحاسة التذوق و الذوق يعرف باللاتذوق أو اللاذوقية أو فقد الذائقة.

و كلمة تذوق نستخدمها بالعامية عندما نتكلم عن الأكل و الشرب ب ” تدوأ ” ، ندوأ الأكل ، و نستخدم ذات الكلمة بالفصحى عندما نتكلم عن الفنون ، مثلا نتذوق الموسيقى متذوق للشعر و هكذا.

اي أن كلمة تذوق نستخدمها في مجالين ، مجال الطعام و مجال الفن.

كلك ذوق 1كلك ذوق 2

و على المستوى المهني ، هناك من لديهم حاسة التذوق في أعلى درجاتها بحيث أنه أصبح يمتهن هذا الدور ك متذوق محترف و يطلق عليه ” ذواقة ” يتم تعيينه في بعض الشركات ، ك ” الشاي ” مثلا ، و عليه ان يذوق و يقرر افضل ” طعم “.

و هناك أيضا ، الذوق الرفيع و ” الناقد الفني ” ، الذي يرى و يسمع و يحلل و يشرح اعتمادا على بصيرته و خبرته و ذوقه الرفيع.

مفهوم الذوق

* و هنا ننتقل إلي مفهوم الذوق ، و في العامية نقول ” الزوأ ” ، فلان عنده ” زوأ ” او ” قليل الزوأ ” او ” ماعندوش زوأ ” و ” منتهى الزوأ ” ، و الزوأ الرفيع ، و التعبير المجامل ” كلك ذوق ” فإذا فقد الإنسان إحساسه ب ” التذوق ” ، لن يميز و لن يدرك الفرق في امور عديدة ك حالة المريض الذي لا يميز الحلو من المالح و اعتقد بيقين ان فقدان هذه الحاسة لا تقل خطورة عن فقدان أي حاسة اخرى مثل البصر و السمع.

و اذا كان من المنظور الطبي هناك أسباب لهذا الخلل في حاسة التذوق ب اللسان ، و هناك طرق للعلاج ، اؤكد أيضا أن حاسة التذوق الفني لها اسباب و لها طرق علاج.

* و كلما كانت حاسة التذوق الفني جيدة هذا دليل على مدى و درجة رقي هذا المجتمع و ما يستتبعها من تطور و إبداع و هي تختلف من مجتمع إلي آخر و من دولة إلي أخرى.

* الأبحاث الطبية بتأكد ان  الموسيقى و الالوان لها تأثير إيجابي واضح على سلوك الانسان ، و هي الوقاية و هي العلاج ، و ان المصانع بعد دهانها ب  ألوان معينة تحدد عليها  كم الإنتاج و جودته ، و المطاعم لها الوان معينة و هكذا.

أعراض الخلل في التذوق

* و اذا كنت لا استطيع ان أجزم أن المصريين عندهم Aguesia  خلل في التذوق باللسان ف استطيع ان أجزم أن هناك خلل واضح في التذوق الفني.

* و أعراض المرض كثيرة و متنوعة ، و في جميع المستويات الاجتماعية ، في أوساط البسطاء و الأغنياء ، و اخترت لك عزيزي القارئ بعض منها.

* اول الأعراض ان المصري بشكل عام ، فاقد الإحساس بالزمن ، الوقت لا قيمة له عند المصري ، فالجلوس فترات طويلة للكلام هي صفة في تكوينه.

* نقص النظافة لا تشكل له أي ازعاج ، النظافة أن اجتهد شكلية المظاهر إنما أسطح المنازل الأقمار الصناعية صورته.

* مع كثرة الحملات الإعلانية للمنتجات في المجتمع المصري ، العاشق  للاستهلاك دون إنتاج ، فقد الإنسان المصري التمييز و تولد لديه شعور كونه لا يعيش في رفاهية هذا معناه أنه فقير.

* النغمة التي تؤكد الخلل في التذوق الفني ترديد مقولة شهيرة ، في اوساط المتعلم قبل الجاهل ” اصلي احنا مالناش في الفن التشكيلي ” ، هذا اعتراف ضمني ، بأن المصريين هم في حالة معاناة حقيقية ، و ان المرض متفشي ك وباء عام و تنتقص من كيانه ك ” إنسان ” ، حتى ان اي مصرى ، مهما كانت درجة تعليمه و مهنته ، لا يعرف ذكر أسماء خمسة نحاتين.

* و الخلل عند طبقة الأغنياء ، فيما يعرف بأنهم ناس ” شيك ” هذه الشياكة منحصرة فقط في متابعة ماركات ملابس و أجهزة و التردد على بعض الأماكن ، و ليس لديهم في منازلهم مكتبة للكتب أو اي أعمال فنية.

* و ما يزيد تفاقم المرض هو الاستسلام و اللامبالاة و الكسل حتى وصل ان نسبة من المصريين تعتقد ب ان ذكائهم الفطري و الذي يشترك معهم فيه كل سائر المخلوقات ، متمثل في القدرة على السمع و على الشم هي من ضمن مظاهر النبوغ.

* فاقد ” الزوأ ” ، هو في حقيقة الأمر فاقد احساس مرتبط ب الإدراك و التمييز .

* فاقد ” الزوأ ” ، لن يدرك و لن يشعر ب ازعاجه ل  الآخرين إنما ينتبه ل  الازعاج الذي يسببه له الأخر.

* فاقد ” الزوأ ” ، فاقد احساس ، و العمل بالنسبة له انه يبحث عن الطعام و في احسن الأحوال العمل يعني فلوس ، يتحصل على الفلوس بأي طريقة ، بالتسول و الاسترزاق.

معالجة الخلل

* على الجهات المسؤولة ، ثقافة و اعلام ، إجبار المصريين على تذوق  الفنون الجميلة الراقية و تكثيف برامج معالجة الخلل في التذوق الفني بنفس كم الاعلانات حتى يستعيد المصري ” الاتزان “.

* الذوق في كل حاجة ، في الأكل و الشرب و الملابس و لغة الحوار و التخاطب و السلوك بشكل عام.

* المصريين حاليا ، نسبة كبيرة منهم تفتقد ” حاسة التذوق الفني ” و يجب تلقي علاج دون خجل و العلاج مبدأيا هو عن طريق بث من خلال التليفزيون كل ما له علاقة ب الفن الجميل ، الوان و موسيقى كما لو كانت جلسات علاجية ل شخص مريض.

* هل ” التذوق الفني ” مرتبط ب ” التعليم ” ؟  نعم ، مناهج المدرسة لها دور كبير ، بجانب التوعية المستمرة.

* اذا كان الذكاء هو طريقة التفكير غير المرئية يكون التذوق هو شكل الذكاء المرئي ، لأنه في حقيقة الأمر الذوق و التذوق يعكس طريقة تفكير الإنسان.

أزمة الإبداع في السينما والدراما المصرية 2

أمير وهيب

فنان تشكيلي وكاتب ومفكر 

Exit mobile version