احدث الاخبار

كلمـــــة أبـو الغيـط الأمين العام لجامعة الدول العربية فـي الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي

 

كتب. إبراهيم عوف

أودُ في البداية أن أتوجه بالتهنئة إلى معالي السيدة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة بجمهورية مصر العربية على توليها رئاسة الدورة (109) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، متمنياً لها كل التوفيق في هذه المهمة، كما أتوجه بخالص التحية والتقدير إلى معالي الدكتور محمد علي الحويج وزير الاقتصاد والتجارة بدولة ليبيا، على رئاسة الدورة السابقة للمجلس والإدارة الحكيمة لأعماله.

ينعقد اجتماعُنا اليوم وعلى جدول أعماله العديد من الموضوعات الهامة التي جرى الإعداد لها من جانب السادة الخبراء وكبار المسؤولين.. في مقدمتها الملف الاقتصادي والاجتماعي المُقرّر رفعه إلى القمة العربية في دورتها العادية القادمة (31)، والتي ستنعقد باستضافة كريمة من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

كما يبحث هذا الاجتماع، من ضمن الموضوعات المعروضة عليه، التحضيرات الخاصة بانعقاد الدورة الخامسة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، المقرر عقدها في الجمهورية الإسلامية الموريتانية العام المقبل.. وهذه – كما تعلمون – آلية أقرتها الدول الأعضاء، منذ نحو 14 عاماً، بعقد قمة تُخصّص للموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وتبحث في أفضل الاستراتيجيات والمشاريع القومية العربية التي تعود بالنفع لصالح أبناء هذه الأمة.

إننا نتباحث في هذه الموضوعات، في الوقت الذي تتعاظم فيه التحديات وتتداخل. فدُولنا العربية جميعُها لا تزال تواجه التداعيات التي فرضتها جائحة كورونا. لقد شكّلت هذه الجائحة تحدياً طارئاً وذا أولوية قصوى كما ستنعكس آثاره بلا شك على الجهود المبذولة لتحقيق أجندة التنمية المستدامة التي اتفق عليها المجتمع الدولي منذ سبع سنوات.

لقد أطلقت جامعة الدول العربية، أواخر العام الماضي وبالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، التقرير الإقليمي بعنوان "تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الدول المتأثرة بالنزاعات في المنطقة العربية"… ويُسلّط هذا التقرير الضوء على إطار العمل المتكامل لرصد أهداف التنمية المستدامة في الدول التي تواجه تحديات مُعقّدة ومتشابكة، ويشمل الدول الأعضاء التي تشهد نزاعاً، وتلك الخارجة منه، وكذلك دول الجوار المتأثرة به… ويتناول التقرير على نحو مُحدّد (8) دول عربية. وأود في هذا الإطار أن أنوّه إلى عدد من الرسائل الرئيسية والاستنتاجات التي رصدها هذا التقرير وهي:

أولاً: الترابط الوثيق بين السلام والتنمية… ففي غياب السلام والأمن يستحيل تحقيق كافة الأهداف الأخرى للتنمية المستدامة… كما لا يمكن تحقيق السلام المستدام والاستقرار على المدى الطويل من دون عملية تنموية تنعكس آثارها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسكان.

ثانياً: يستلزم تحقيق أهداف التنمية المستدامة أُطراً جديدة تراعي العلاقة القوية بين عمليات التنمية والإغاثة الإنسانية وجهود السلام، ويوفر إطار الأمن البشري صلة مفاهيمية مهمة بين الركائز الإنسانية والإنمائية والهادفة إلى بناء السلام… إذ يعكس هذا المفهوم الترابط بين هذه المجالات خاصة في الدول التي تعاني النزاعات أو تلك التي تتعافى منها وتتطلع إلى إعادة البناء.

ثالثاً: ثمة حاجة ماسة لاعتماد نهج إقليمي جديد لتطبيق نموذج الأمن البشري يقوم على مفهوم شامل لمنع نشوب النزاعات.

السيدات والسادة،

إن إحدى الركائز الخمس التي قامت عليها خطة التنمية المستدامة لعام 2030 هي الحفاظ على هذا الكوكب.. إذ يُعدّ تغير المناخ قضية وجودية حاسمة بالنسبة للبشرية، لما ينطوي عليه من تأثيرات كبيرة على نمط الحياة وركائز التنمية والسلم المجتمعي… فلا شك أن للتغيرات المناخية الجارية تأثيرات كبيرة على حركة السكان وسُبل العيش وأنماط النشاط الاقتصادي… وقد يكون من شأن هذه التغيرات، إن هي تكثفت وتصاعدت خطورتها، أن تفضي إلى مفاقمة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي غالباً ما تكون بمثابة بيئة مواتية للاضطرابات والنزاعات. لذلك فإن خطة 2030 تعلق أهمية كبيرة على دور النُظم الايكولوجية السليمة في استدامة السلام.

وفي هذا الصدد، أود أن أشيد بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار التحضير لاستضافة مصر نهاية هذا العام للدورة (27) لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ… ولاشك أن هذا الحدث العالمي المهم سوف يكون من شأنه تمهيد "الطريق من جلاسكو إلى شرم الشيخ لمواجهة التغيرات المناخية".. ومن جانب آخر، فإن هذه الدورة ستمثل فرصة كبيرة للدول العربية لعرض مطالبها من أجل تعزيز قدراتها على وضع مستهدفات واضحة وتواريخ محددة للوفاء بالالتزامات الوطنية والدولية للحدّ من الانبعاثات الدفيئة.. وجامعة الدول العربية على أتمّ الاستعداد لتقديم كل الدعم اللازم لتنسيق الجهود العربية في هذا الشأن، وإنجاح هذا الحدث العالمي بتنظيم واستضافة مصرية.

وفي نفس السياق، أجدّد التهنئة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على فوزها بتنظيم واستضافة أعمال الدورة التالية لهذا الحدث (COP 28) في العام المقبل. ولا شك أن عقد دورتين متتاليتين لأهم مؤتمر عالمي للمناخ، في دولتين عربيتين، سوف يُمثّل أرضية مناسبة أمام الدول العربية لتثبيت مطالبها والحصول على الدعم الذي تحتاجه بشأن زيادة القدرات الوطنية وتعزيز النُظم الايكولوجية السليمة لمواجهة آثار تغير المناخ… ويتعين العمل من الآن على الصعيد العربي من أجل اغتنام هذه الفرصة لوضع قضايا المناخ في العالم العربي على صدارة الأجندة الدولية، بشكل ما يرتبط بهذه القضايا من ملفات التحول إلى الطاقة النظيفة، ومواجهة الفقر المائي والجفاف، وتحقيق الأمن الغذائي… باعتبار أن قضايا الماء والطاقة والغذاء تمثل أضلعاً ثلاثة لمنظومة واحدة تتصل اتصالاً وثيقاً بقضايا البيئة والتغير المناخي.

إن دعم التنسيق البيني والتعاون العربي هو صُلب عقيدة الجامعة العربية وبمثابة حبل الوريد لها، فلم يزل التكاتف العربي هو طوق النجاة وسط هذه التحديات المتتالية والمتشابكة التي تواجهنا جميعاً. وهذه الاجتماعات الني نعقدها في رحاب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تُمثّل فرصة سانحة لتذليل كافة العقبات التي تعترض مسيرة العمل العربي المشترك.

إنّنا نعيش مرحلة دقيقة في تاريخ المنطقة العربية والعالم أجمع، تنطوي على تحولات سياسية وأمنية واستراتيجية، وكذلك صحية واجتماعية واقتصادية… وتستدعي منّا تطوير آليات التعامل والاستجابة لهذه المتغيرات… فالقدرة على التكيف مع المتغيرات المتسارعة تعد
– من وجهة نظري – ملمحاً أساسياً لنجاح الدول والحكومات في المرحلة القادمة.

سيادة الرئيسة، أتمنى لكم التوفيق في رئاسة الدورة الحالية للمجلس، وأتمنى لاجتماعكم هذا النجاح والتوفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.