أراء وقراءات

كورونا وبيل جيتس (٢)

بقلم / د. أمين رمضان

بينت في مقال سابق جزء من حديث بيل جيتس في إحدى اللقاءات التي تقدمها TED حول العالم في محاضرة قصيرة، عام ٢٠١٥، بعنوان “الانفجار القادم؟، نحن غير مستعدين The next outbreak? We’re not ready”، عن توقعاته لأخطر تحدي قادم يمكن أن تواجهه البشرية، وقال نحن غير مستعدين. (المصدر موجود آخر المقال).

ركزت في المقال الأول على توقع بيل جيتس لشكل الخطر القادم، وبين أن الخطر في عدم استعداد العالم له.

لذلك ظل سؤالان معلقان في سماء الخوف الإنساني.

الأول هو: لماذا اعتبر بيل جيتس أن العالم غير مستعد؟

والثاني هو: ما هو الاستعداد المطلوب الذي يراه بيل جيتس؟

والآن إلى المقال الثاني والأخير عن بيل جيتس وتنبؤاته

قال بيل جيتس بالحرف الواحد “نحن غي مستعدين للوباء القادم”، تذكروا أن هذا الكلام قيل عام ٢٠١٥، يعني من ٥ سنوات مضت، لماذا تبخر كلامه؟ ولم يهتم به الساسة وصناع القرار في العالم؟

عندما كان بيل جيتس طفلاً، كان القلق العالمي في ذلك الوقت، هو الخوف من حرب نووية، لذلك كان في الطابق السفلي من كل بيت برميل ملئ بعلب الطعام والماء، وكان طريفاً أن يحضر بيل جيتس معه، على خشبة المسرح، واحداً من تلك البراميل ليراها الجمهور داخل المسرح وخارجه.

وعندما مر العالم بأكثر من وباء قبل جائحة كورونا، مثل وباء إبولا Ebola الذي اجتاح غرب أفريقيا في الفترة من ٢٠١٣-٢٠١٥، والذي أدى إلى وفاة ١١٣١٠ إنسان، لأنه كان لا ينتشر في الهواء، لاحظ بيل جيتس أنه لا يوجد نظام متكامل وقوي قادر على التصدي لأي وباء عالمي، بعد أن لاحظ أنه لا يوجد عدد كافٍ من علماء الأوبئة، ولا عدد كافٍ من الأطباء مستعدين للذهاب للمناطق الموبوءة والتصدي للوباء، ولا وسائل لإعداد الناس لهذه الظروف الصعبة، التي تحتاج لمئات الآلاف من العلماء، والأطباء المؤهلين للعمل في هذه الظروف، وغير ذلك من التجهيز الطبي المتكامل، وداعب بيل جيتس الجمهور عندما قال أن هذا كان متاحاً فقط في عالم السينما، أما الواقع فكان مختلفاً تماماً.

طالب بيل جيتس ببناء نظام جيد للاستجابة، باستخدام مزايا العلوم والتكنولوجيا العالمية المتقدمة والمتوفرة في العالم، ثم قال باختصار “نحن نمتلك الأدوات، ولكن يجب أن تُدمج في النظام الصحي العالمي”، لاحظوا جيدا ما قاله بيل جيتس “النظام الصحي العالمي”.

قال بالتحديد، نحن نحتاج إلى:

  • أنظمة صحية قوية في البلدان الفقيرة
  • طاقم طبي دائم
  • الاستفادة من قدرة الجيش على التحرك السريع والحشد وتأمين المناطق
  • البحث العميق في مجالات اللقاحات ووسائل التشخيص

ثم نوه بأن تكاليف هذا الاستعداد ستكون أقل بكثير من الخسائر التي يمكن أن تحدث دون استعداد، ناهيك عن ملايين القتلى، وأن تقليل التفاوت في النظام الصحي العالمي سيجعل العالم أكثر عدلاً وأماناً.

اسمحوا لي أن أتوقف الآن عن كلام بيل جيتس، بعد أن أصبح الوقع أبلغ من كل كلام، وشاهداً للبشرية على أن بيل جيتس وغيره، كانوا بعيدي النظر جداً عندما علت أصواتهم، ثم خمدت وسط ضجيج المصانع الضخمة، وأصوات الآلة العسكرية العالمية المرعبة، وصراخ الملايين من الجوع والقتل والمرض والموت.

صحا العالم ليعرف أنه لن تعيش فئة في ترف فاجر، بينما هناك من يموتون جوعاً وعطشاً ومرضاً.

المشكلة ليست في كورونا ولكن في الجشع الإنساني الذي يمسخ الناس لوحوش بشرية تفسد في الأرض وتسفك الدماء.

Source: https://www.ted.com/talks/bill_gates_the_next_outbreak_we_re_not_ready#t-174290

٦ أبريل ٢٠٢٠

كورونا وبيل جيتس (٢) 2
د. أمين رمضان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.