كيف تعامل النبي مع يأس أصحابه
بقلم / د. محمد النجار
لماذا هذا اليأس؟ لقد زاد ضغط المشركين على اصحاب النبي ، ووجدوا منهم شدة وقسوة وطغيان ، فجاء خباب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسدٌ في بردة له في ظل الكعبة ، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم بإسلوب شديد ملئ بالحزن والكرب والاسى ((ألا تستنصر لنا ؟؟ ألا تدعو الله لنا ؟؟؟))
فقعد النبي وهو محمرُ وجهه ، وقال ((كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الارض، فيجعل فيه،فيُجاء بالمنشار ، فيوضع على رأسه فيُشق باثنتين ، وما يصده ذلك عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد مادون لحمه من عظم أوعصب ، وما يصده ذلك عن دينه ، والله ! ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكبُ من صنعاء الى حضرموت ، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون))رواه البخاري
ولننظر ماذا جرى حتى احمرَ وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقعد بعد ان كان مضجعا ، وخاطب اصحابه بهذا الاسلوب القوي المؤثر ، ثم عاتبهم على الاستعجال؟؟ انه يعلم مدى العذاب الذي يجدوه وكم الالام الذي يعانوه ، فهم يلتمسون الفرج العاجل ، ويستبطئون النصر ، ويطلبون من النبي ان يستعجل ربه ، وهو يعلم صلى الله عليه وسلم ان الامور مرهونة بأوقاتها واسبابها وان النصر لابد أن يسبقه البلاء وأن الفرج لابد ان يسبقه الكرب ، وأن اليسر يسبقه العسر ..
فالرسل تبتلى ، ثم تكون العاقبة للمتقين ، قال الله تعالى( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).
فلن يتخلى الله عن المؤمنين ،إنما يميز الخبيث من الطيب ، ويعطي دروسا للمؤمنين بعدم الاغترار بما في أيدي الطغاة من سلطان وقوة وجبروت من زهرة الحياة الدنيا ، وإنما يتطلعون للمستقبل الذي ينتظر المؤمنين الذين تحملوا أذى الطغاة والظالمين ، وان الله سوف يكتب النصر للإسلام في هذه الحياة الدنيا ، ويُذلُ فيه أهل الكفر والبغي والعصيان ، وان وراء كل طاغية جبار جندي من جنود الله ينتظر الاشارة من الله للانقضاض عليه ، لكنها المقادير التي تجري بقدر الله وحساباته ، وبصبر المؤمنين وايمانهم بان الله لن يتخلى عنهم .
(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) غافر ٥١()
اسأل الله الكريم ان يرزقنا الصواب في الفكر والقول والعمل ، وان يحقق للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم النصر والتمكين .
الأحد 10شوال 1439هـ / 24 يونيو2018