كيف تعود مصر أم الدنيا ؟

   بقلم /محمد ممدوح ابو الفتوح*

المشهد الحالي  فى مصر يشير إلى تراجع للحكمة والرشد والحلم والتأنى والحوار، وأن هناك تباين في وجهات النظر بين تيارات الوطن .

وفى وسط هذا المشهد عابت ام الدنيا وغاب دورها التاريخي

واتساءل مثل كل مصرى وانسان متحضر يحب ام الدنيا،،مصر التى نعرفها،وليست مصر التى نراها الان.. اتساءل:هل يمكن أن تعود مصر أم للدنيا مرة اخرى؟.

هل يمكن أن نعيد روح المحبة والابتسامة والوحدة بين ابناء الشعب الواحد؟.

هل يمكن أن يعود كل مصرى لكى يعمل ويبقى ويزرع ويعلم؟.

هل أن نرسل مفاهيم العدالة والوحدة بدلا من الثأر والقصاص؟.

هل يمكن أن نعيد العمل بدلا من الابتزاز؟.

هل يمكن أن نعيد البناء والعمار بدلا من الهدم والخراب؟.

ونحن نعمل من أجل مصر لابد أن تعرف قيمتها ولكى تدرك قيمتها الحقيقية، فانك تدركها فى ذكرها في القرآن الكريم الذى كرر ذكرها تسويها بها.

يقول العلماء  أن الله تعالى ذكر مصر فى كتابه العزيز في أكثر من موضع بالقرآن الكريم  تأكيدا لفضلها بين الأمم .

مصر البلد العطاء.

قال الله عز وجل:وجاء أخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون،(يوسف الايه ٥٨)

ويقول الله تعالى:”فلما دخلوا عليه قالوا قالوا ياأيها العزيز مسنا واهلنا الضر وانا بضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا ان الله يجزى المتصدقين” (يوسف الايه ٨٨).

يقول الشاعر ابو ماضى فى مدح مصر:

احن على الحر من ام على ولد .. والحر فى مصر كالورقاء فى الحرم.

مصر كنانة الله فى الارض، وقد اطلق نبينا على مصر اسم الكنانة، والكنانة هى الحقيبة التى يحفظ فيها المقاتل سهامه، فأهلها سهام الحق، وتلك بركة عظيمة ومنزله عاليه.

اهلها يؤمنون بالله ويحبون الله.

ارسل الله الى اهل مصر اول الانبياء بعد سيدنا آدم وهو سيدنا ادريس عليه الصلاة والسلام

مصر بها ولد موسى عليه السلام وعاش على أرض مصر، وما الطور والواد الأيمن، وجانب الطور الأيمن وطور سيناء والبقعه المباركة من الشجرة والوادى المقدس طوى.. إلا أماكن بعينها فى مصر فى شبه جزيرة سيناء المصريه لما ودما، والمذكورة باسمها ونصها فى الكتاب الكريم .”فاخلع نعليك انك بالوادى المقدس طوى”(طه الايه١٢)،(هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالوادى المقدس طوى” (النازعات الايه ١٥:١٦)،(والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين ”

مصر بها عاش نبى الله يوسف  عليه السلام وشرب من نيلها واكل من زرعها وتولى القيادة فيها ووضع الخطة الحكيمة لإنقاذ العالم من المجاعة،

قال الله عز وجل:”وكذلك مكنا ليوسف فى الارض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمته من نشاء ولا نضيع اجر المحسنين”(يوسف الاية٥٦)،يعنى بالأرض هنا مصر، ولذلك شكر ربه على هذه النعمة العظيمه:”رب قد اتيتنى من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض انت ولى فى الدنيا والاخره توفى مسلما والحقنى بالصالحين”(يوسف الاية١٠١).

مصر منها تزوج خليل الرحمن سيدنا إبراهيم عليه السلام، ورزقه الله من خير الأنام سيدنا إسماعيل عليه السلام، الصادق الوعد والمتعه بالحلم والعلم.

مصر منها تزوج خاتم الأنبياء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، واوصى بأهلها خيرا.

روى الإمام مسلم من حديث ابى ذر رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ستفتح  عليكم مصر،فاستوصوا بقبطها خيرا فأن لكم فيها صهرا وذمة”.

“إنكم ستفتحون مصر .. فاحسنوا إلى اهلها فأن لهم ذمة ورحما”.

وروى صاحب الكنز من رواية سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”اذا فتح الله عز وجل عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير اجناد الارض”،قال له أبوبكر رضى الله عنه ولما يا رسول الله؟فقال:”لأنهم وازواجهم فى رباط إلى يوم القيامه”.

وقال سيدنا الحسين بن على لسيدنا معاويه بن أبى سفيان:أن اهل حضن بصعيد مصر وهى قرية مارية ام ابراهيم،فاسقط عن اهلها الخراج اكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأسقطه.

مصر بها عاش ال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحب وكرامة.

بها رأس سيدنا الحسين والسيده زينب اخته، وابنه زين العابدين وغيرهم كثير

مصر بها ائمة وعلماء حكماء، عرفوا كيف يعبدون الله ويدعون إلى الله على بصيرة ،عمروا الدنيا بحكمتهم وبعلمهم .

منهم سيدنا عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر والليث  بن سعد  ، وعبد الله بن وهب وعبد الرحمن بن القاسم ،ومحمد بن إدريس الشافعى، ونشر علمه بها وملفات، وتوفى بها سنة اربع ومائتين من الهجرة رحم الله الجميع.

مصر موطن العلماء 

مصر بها علماء جهابذه فى جميع مجالات العلم، وفى مناحي وواحد الحياه.

وكانت مصر يسير إليها طلبة العلم ومازال.واصحاب العلم الدقيق لتكون اذهانهم على الزيادة وقوة الذكاء ودقة الفطنة، فما اكسبت أحدا منهم بلاده، ولاانقطع له خاطر.

ولذلك كان حديث القرآن عن مصر فى آيات كثيرة منها بطريق التصريح المباشر، ومنها بطريق التلميح غير المباشر، وما ذكرت تفاصيل وامكنة بهذه الكثرة وبهذا التخصيص فى القرأن الكريم الا عن مصر.

من النوع الأول على سبيل المثال فى سورة سميت باسم نبى عاش على أرض مصر ووضع الخطة الحكيمة الاقتصادية لإنقاذ العالم من المجاعة.

ولذلك ندرك كيف وقفت مصر بتدبير يوسف فى وقت المجاعة وكيف كانت محط أنظار جيرانها ومخزن الطعام فى المنطقة كلها. قال الله عز وجل: وقال الذى اشتراه من مصر لامرأته اكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا،(يوسف الاية ٢١) ويفهم من الآية أن الله وصف اهل مصر بالذكاء والفراسة:

قال تعالى:”وقال الذى اشتراه من مصر”فأهل مصر يتصفون بالفراسه والكياسه والذكاء والفطنه حيث اختار المصرى وهو العزيز الذى كان على خزائن مصر، واسمه قطفير أو اطفير، وقد أمن بيوسف ومات فى حياته فاختار المصرى يوسف عليه السلام دون غيره لما تفرس به من الرشد ولما توسمه فيه من نبل وراحة عقل وأن الله سيجرى الخير على يديه لمصر ولماتوسم فيه الخير والصلاح.

ولذلك قيل: افرس الناس ثلاثة:عزيز مصر ، وابنه شعيب التى قالت:”يا أبت استأجره” القصص الايه:٢٦ وابوبكر حين استخلف عمر رضى الله عنهما.

ولذلك عزيز مصر علل ذلك بقوله”عسى أن ينفعنا اونتخذه ولدا”

فكان ليوسف عليه السلام المكانه العاليه فى أرض مصر، يملك الأمر والنهى وتدبير أمور الماليه وشئون الدوله والحكم، قال تعالى:”وكذلك مكنا ليوسف فى الارض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون” يوسف الايه:٢١، حتى صار رئيس حكومتها ووزير ماليتها.

وصف الله اهل مصر بالكرامه والمروءه:

اهل مصر جميعا حاكما ومحكوما : رجلا وامرأة ، يتصفون بالكرم والمروة والشهامة:”وقال الذى اشتراه من مصر لامرأته اكرمى مثواه ..”

“اكرمى مثواه” وكلمة مثواه:تعنى مرقده وغرفته التى يأوى إليها  والمعنى ا حسنى تعهده ومقامه عندنا واجعلى مقامه عندنا كريما اى حسنا.

وفى هذا إشارة إلى ان كرم اهل مصر حتى مع الضعفاء لا يتوقف على الأشخاص، انما يتعدى الأشخاص إلى الأماكن.

*محمد ممدوح ابو الفتوح

الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطى

Exit mobile version