السودانشئون عربية

لاءات «المتقاعدين» تهز السودان.. صوت من الجيش يثور ضد الحرب و«الكيماوي»

الأزمات تخنق السودانيين.. استمرار القتال والعنف والكوليرا تفتك بالعاصمة وعدة مدن

كتب: د. هيام الإبس

وسط اتساع رقعة الدمار والخراب في السودان، تعالت الأصوات الرافضة لاستمرار الحرب، في وقت تتفاقم فيه الكوارث الصحية والإنسانية، ويُتهم الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية محرّمة دوليًا، ما ينذر بتصعيد خطير قد يضع البلاد على حافة هاوية لا رجعة منها.

الكوليرا تفتك بالسودانيين وسط انهيار النظام الصحي

تواصل الأزمات خنق الشعب السوداني، مع تفشي وباء الكوليرا بشكل غير مسبوق، وتدهور الوضع الصحي إلى مستويات كارثية. وأعلنت وزارة الصحة السودانية عن وفاة 70 شخصًا في الخرطوم، وإصابة أكثر من 2000 خلال يومين فقط.

تركزت الإصابات في الخرطوم وأم درمان، وسُجلت حالات أخرى في ولايات شمال كردفان، سنار، الجزيرة، النيل الأبيض ونهر النيل. وفي ولاية النيل الأبيض وحدها، وثقت منظمة “أطباء بلا حدود” أكثر من 800 حالة خلال 3 أيام، وسط نقص حاد في الدواء وشح المياه النظيفة بعد تدمير محطات الكهرباء والمياه نتيجة القصف بالطائرات المسيّرة.

الفاشر تختنق.. ونزوح جماعي بعد حصار خانق

في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، تفاقم الوضع الإنساني بصورة غير مسبوقة، وسط حصار مشدد تفرضه قوات الدعم السريع من ثلاث جهات منذ مايو 2024. بلغ سعر كيلو السكر 80 ألف جنيه، وكيس الدقيق الصغير 120 ألف جنيه، ما أدى إلى موجة نزوح واسعة باتجاه محليات طويلة وجبل مرة.

الجيش السوداني أعلن عزمه التقدم لفك الحصار عبر الطريق البري من غرب كردفان، وسط استمرار الاشتباكات جنوب وغرب الولاية، في وقت لم تحسم فيه الحكومة قرارها بشأن إسقاط جوي محتمل للغذاء على المدينة المحاصرة.

“تضامن” المتقاعدين: كفى حرباً.. أوقفوا الأسلحة المحرمة

في تحوّل لافت، أصدرت القيادة المركزية العليا للضباط وضباط الصف والجنود المتقاعدين بالسودان (تضامن) بيانًا شديد اللهجة، طالبت فيه بوقف فوري للحرب، محذرة من الانزلاق نحو كارثة بيئية وإنسانية شاملة، بسبب ما وصفته باستخدام “الأسلحة الكيماوية” المحظورة دوليًا.

وقال البيان رقم (54):
“هذه الحرب المجنونة دخلت عامها الثالث دون أفق لانتصار، بل تزداد ضراوة وتتجه نحو كارثة إنسانية وبيئية، بسبب استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل ميليشيات متعددة تفتقر للخبرة والوعي بمخاطر تلك الأسلحة على البشر والبيئة”.

وأضاف البيان أن الحرب دمّرت أكثر من 80% من المرافق الصحية، وعطّلت سلاسل الإمداد، وأسفرت عن انتشار أوبئة مثل الكوليرا وحمى الضنك، إلى جانب تهديدات الفتن القبلية والتطرف، داعيًا إلى نزع السلاح العشوائي وإعادته للجهات الحكومية المختصة.

واشنطن تُلوّح بالعقوبات.. وتحذيرات دولية من استخدام الأسلحة الكيماوية

الولايات المتحدة أعلنت رسميًا الأسبوع الماضي عن امتلاكها أدلة تؤكد استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية، وبدأت إجراءات فرض عقوبات على السودان. وأكدت الخارجية الأميركية أن استخدام هذه الأسلحة يُعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، والتي وقّعت عليها معظم دول العالم.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس:
“الولايات المتحدة ملتزمة بمحاسبة المتورطين في استخدام الأسلحة الكيميائية، وستتخذ خطوات ملموسة لضمان وقف هذه الانتهاكات.”

ناقوس خطر.. وتحذيرات من نفق الفوضى

“تضامن” أكدت أن استمرار الحرب يعني انزلاق البلاد إلى نفق مظلم يهدد كيان الدولة، ويفتح الباب أمام الجماعات المتطرفة والإرهابية. وشددت على أن السلاح الكيميائي، إن لم يُحظر فورًا، سيحوّل السودان إلى مرتع للدواعش والخلايا التكفيرية، داعيةً المجتمع الدولي للتدخل العاجل.

تقارير سابقة ونشطاء أشاروا إلى استخدام تلك الأسلحة في مواقع مثل العمارات بالخرطوم، وجبال النوبة، والضعين، ضمن النزاع المسلح المستمر منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، والذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص.

وتصف الأمم المتحدة الوضع الإنساني في السودان بأنه “الأسوأ في التاريخ الحديث”، في ظل استمرار القصف بالطيران، ودمار المدن، وانعدام الأمل في حل سياسي شامل يوقف نزيف الدم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى