الصراط المستقيم

لجنة الفتوي : تؤكد التصدق بثمن الأضحية أولا من شرائها وذبحها في زمن كورونا

كتب/حسن ابوكباش

أكدت لجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أنه من الأولى في ظل وجود فيروس كورونا المستجد التصدق بثمن الأضحية ٠
وأوضحت اللجنة في بيان لها حكم الأضحية، وفضلها، واشارت الى أولوية الترتيب بينها وبين الصدقة على المحتاجين في ظل نازلة كورونا، وهل شراء الأضحية أولى أو التصدق بثمنها على المحتاجين إلى الدواء أو مصاريف العالج؟، سؤال ورد للجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وجاء رد اللجنة كالآتي:

ذكرت أن للأضحية فضل عظيم يدل عليه ما روته عائشة -رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: {مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَأَنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا} رواه ابن ماجة والترمذي.

وقد أجمع الفقهاء على مشروعية الأضحية، لقوله- تعالى -: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36]، وقوله -تعالى -: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]. ولما رواه أنس -رضي الله عنه- {أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ، أَمْلَحَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا، وَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى، وَكَبَّرَ.} متفق عليه.

والراجح فقها كونها سنة مؤكدة، ولا تجب إلا بالنذر، كما هو مذهب الجمهور استنادا لما رواه ابن عباس -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال {ثَلاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ، وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الْوَتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَصَلاةُ الضُّحَى} رواه الحاكم والدارقطني.

وصرح المجمع بخصوص أولوية الترتيب بين الأضحية وبين الصدقة بقيمتها على المحتاجين في الظرف العادية، فالأضحية أفضل وفق قول الفقهاء؛ لأن جعل الأولوية للصدقة في الظروف العادية يميت سنة الأضحية، وهي من شعائر الإسلام،

وأكمل أنه في ظل الظروف غير العادية كحاجة الناس للوقاية والعلاج من فيروس كورونا، فإن التصدق بقيمتها لهذا الغرض يقدم على الأضحية عند التزاحم إعمالا لفقه الأولويات الذي يعرفه العز بن عبد السلام بأنه: {المواظبة على أفضل الأعمال فأفضلها بحيث لا يضيع بذلك ما هو أولى

وبالاستقراء يمكن القول إن ثمة معايير وضوابط جامعة لفقه الموازنات والأولويات، يمكن الركون إليها تفيد بوضوح أنه عند التزاحم، وعدم القدرة على الجمع بين الصدقة لمواجهة الفيروس وبين الأضحية.

وأكد فإن الأولوية والأفضلية للصدقة على المحتاجين لمواجهة الفيروس تحصيلا للمصلحة الأعظم، فالقاعدة أنه حال اجتماع المصالح، فإن أمكن تحصيلها جميعا عملنا على هذا ، وإن تعذر تحصيل الجميع فوفقا لفقه الأولويات أن نعمل على تحصيل الأصلح فالأصلح ، والأفضل فالأفضل ، لقوله -تعالى-: { فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 17، 18] ، وقوله- تعال: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} [الأعراف: 145] ، مع ملاحظة أنه قد يختلف في التفاوت والتساوي ( قواعد الأحكام ج 1 ص 19 ) .

وبتطبيق ما سبق على ما نحن بصدده، فإن الأضحية مصلحة، لكن التصدق بثمنها على المحتاجين والفقراء من أبناء الوطن الواحد مسلمين كانوا أو غير مسلمين للوقاية والعلاج من الفيروس مصلحة أعظم لما فيه من حفظ البلاد والعباد.

وذكرت اللجنة في نهاية بيانها بالتأكيد على تقديم الصدقة لمواجهة الفيروس على الأضحية إعمالا لمعيار الأولوية للعبادة متعدية النفع. وأصل هذا الضابط قاعدة: {المتعدي أفضل من القاصر}،ومعناها أن العبادة والعمل المتعدي نفعه للغير، وللأمة أفضل من العمل الذي يقتصر نفعه على صاحبه، فمواجهة الفيروس يتعدى نفعها المحتاج إلى المجتمع والأغنياء، بل والعالم أجمع، بينما الأضحية طعام نفعه قاصر على من حصله فقط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.