كتب / خالد طلب عجلان
هل كان يعلم الشاعر الكبير «حافظ إبراهيم» شاعر النيل، هذا المصير- الحالى- للغة العربية عندما كتب قصيدته الأشهر عن لغة الضاد، لغتنا العربية، التى نعاها منذ أكثر من ثمانين عاما بسبب ما حدث لها بعد استعمار بلداننا العربية؟!.
(رَجَعْتُ لنفسى فاتَّهَمْتُ حَصَاتى.. وناديتُ قَوْمـى فاحْتَسَبْـتُ حَيَاتـى
رَمَوْنى بعُقْمٍ فى الشَّبَابِ وليتنى.. عَقُمْتُ فلـم أَجْـزَعْ لقَـوْلِ عُدَاتـى
وَلَــدْتُ ولـمّـا لــم أَجِــدْ لعَـرَائـسـى.. رِجَـــالاً وَأَكْـفَــاءً وَأَدْتُ بَـنَـاتـى
وَسِعْـتُ كِتَـابَ الله لَفْظَـاً وغَايَـةً.. وَمَـا ضِقْـتُ عَــنْ آى بــهِ وَعِـظِـاتِ
فكيـفَ أَضِيـقُ اليـومَ عَـنْ وَصْـفِ.. آلَـةٍ وتنسيـقِ أَسْـمَـاءٍ لمُخْتَـرَعَـاتِ
أنا البحرُ فى أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ.. فَهَلْ سَأَلُـوا الغَـوَّاصَ عَـنْ صَدَفَاتـى؟
فيا وَيْحَكُمْ أَبْلَـى وَتَبْلَـى مَحَاسِنـى.. وَمِنْكُـم وَإِنْ عَـزَّ الـدَّوَاءُ أُسَاتـى
فــلا تَكِلُـونـى للـزَّمَـانِ فإنَّـنـى.. أَخَــافُ عَلَيْـكُـمْ أنْ تَـحِـيـنَ وَفَـاتــى).
ليس هناك نعى أشد ألماً وحزناً على اللغة العربية من هذه الكلمات على وفاة اللغة العربية بين أهلها.
هل هذه هى لغة الضاد، لغة القرآن الكريم، لغة المشاعر والشعر والحب، لغتنا الجميلة، توجتك الأمم المتحدة لغةً رسميةً بين لغات العالم، ذات الثامن عشر من ديسمبر، احتفاءً بك، أما نحن فدفناك حية، وأما شبابنا فلا يعرفون عنك سوى بقايا ذكرى.
لقد أصبحنا فى زمن نسمع فيه مصطلحات وكلمات لا صلة لها باللغة العربية، تماماً هذا فى معظم مجتمعاتنا العربية.
هى قصيدة ظاهرها نعى وباطنها فخر باللغة العربية ومنافحة عنها. بالتأكيد، لست ضد تعلم اللغات الأجنبية، فذلك معرفة، حضارة، ثقافة، ورقى.. لكننى أدعو إلى الحفاظ على لغتنا العربية أولاً، أحد مقومات هويتنا العربية، وأن نحميها من الإهمال أو الاندثار، أليست هى لغة القرآن الكريم؟!
أصبحنا نسمع فى مجتمعاتنا لغة غريبة لم تألفها آذاننا، فهل نحن عشاق اللغة العربية وحراسها، نحن المنفيون الغرباء، أم هم؟.. نحن المنبوذون بعشقنا للغة الضاد، أم نحن المتخلفون عن الركب، وهم المتحضرون..؟
صرنا منفيين، غرباء أيتها اللغة العربية الجميلة، فسلاماً عليكِ حين تموتين فى ديارك العربية وحين تُبعثين حية.
سامحينا.. إلى أن نعود فنضعك تاجا على رؤوسنا، أو نموت دونك.