لكِ الله يا غزة العزة
بقلم/ أيقونة الاتزان السفير د. أحمد سمير
كلما سمعت أو قرأت أو شهدت عن أخبار غزة أستشعر الألم الذي يعتصر قلبي على حال أخوة الإسلام والعروبة في الأرض المباركة مهد الأديان ومسرى رسول الله .
حوالي 11 شهرا مضت على طوفان الأقصى على مرأى ومسمع من العالم الذي يدعي الحضارة والإنسانية!. وأمام ناظري أكثر من مليار ونصف مسلم ولم يستطيعوا التحرك لنصرتهم ولسان حالهم يقول: لكِ الله وحده يا أرض الرباط يا غزة الصمود!
مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) رواه البخاري
فهل أسلمنا إخواننا في غزة لليهود يفعلون بهم ما يشاءون؟!
هل لإخواننا في غزة حاجات أعرضنا عن قضائها؟!
هل لدى إخواننا في غزة كربات قَصَّرنا في تفريجها ونحن قادرون؟!.
إخواننا المسلمين والعرب هناك بأسرهم وأطفالهم لا يجدون مأوى بعد أن دمرت الحرب منازلهم، والحصار يمنع حتي إدخال المواد الأساسية للحياة فمن لهم بعد الله ؟!
لكم الله يا أهل غزة العزة الآلاف فقدوا عائلهم إما بالوفاة أو الإعاقة فمن يعولهم؟! هل الأمم المتحدة أم الاتحاد الأوربي أم الكيان العفن المسمى بالصهيوني ؟! أم يتم رعايتهم عن طريق الجيش الإسرائيلي المجرم الذي يستخدم أسلحة محرمة دولية في عدوانه على غزة ؟! مما سوف يكون له أبعاد وتداعيات بيئية وصحية آنية ومستقبلية خطيرة ناهيكم عن عدد المصابين لتكتمل حلقات الإبادة الشاملة لإخواننا هناك .فمن لإخواننا المرضى هناك؟! فمن للبطون الخاوية؟! والأجساد العارية؟! ومن للأرواح الطيبة التي ذهبت إلى ربها وتركت جسدها مدفونة تحت الأنقاض جراء القصف الهمجي فلا أقل من أن نكرمها بالدفن.
فأين المسلمين ألم يقل نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم :((مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى))رواه مسلم
وإذا لم يكن هناك مسلمون فأين العرب وأين العروبة وأين شركاء الدم واللغة والأرض والمصير فصدق من قال : ” هزمت يوم أكل الثور الأبيض”
وإذا لم يكن هناك مسلمون أو عرب فأين مدعي الانسانية وحقوق الانسان فأين من يبكي على قط أو كلب ملقي في الشارع بل تكونت منظمات لدفاع عن حقوق الحمير فهل علمنا الآن من هم الحمير
وبعد ذلك كله لا نملك إلا أن نطئطئ رؤوسنا خجلاً وذلاً ونقول ” لكِ الله يا غزة العزة
ولكن لا أملك إلا أن أعود مرة أخري وأقول للمسلمين أصحاب القضية الأساسية أين أنتم من كلمات رب العالمين وهي تجلجل في الكون ورب العزة يقول:
{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء:92).
{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}(المؤمنون:52).
فلا أدري غداً حينما نقف بين يدي الله العظيم ويسألنا ماذا قدمتم لإخوانكم في غزة فهل أعددنا جوابا لهذا السؤال يبرئ ساحتنا..؟
فأنصح نفسي أولا ثم الجميع بأن نعد الإجابة الشافية لهذا السؤال وأعلم أن كل أعضاء جسدك سوف تشهد على صدقك أو كذبك ؟!
فلا ملجأ للهروب من هذا الموقف إلا أن نقدم لأنفسنا أولا ثم للعالم آخرا ترجمة عملية لقول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..}(الحجرات:10)
وقول الحبيب المصطفى r :((إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ))رواه البخاري
فأرجو أن نعلم جميعا أننا من نحتاج إلى غزة وليس هم من يحتاجوننا فإن خذلاننا لهم لم تزدهم إلا صموداً وشموخاً لأنهم رفعوا شعارا إحدى الحسنين إما النصر والعز لدين الله وإما الشهادة. فما أعظمه من شموخ في زمن الذل والانكسار والخيانة المتلبسة بلباس السياسة فهم أحياء في أكفان شهداء أما نحن فأموات تسير على أرض الفناء ، كما قال الإمام الشافعي يرحمه الله :
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم
وعاش قوم وهو في الناس اموات
فلا أملك إلا أن أختم كلامي البسيط في ظاهره الكبير المغزى لإخواننا في غزة العزة بقوله تعالى مخاطبكم :{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( 139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (141)}(آل عمران:139- 141) صدق الله العظيم
* السفير د. أحمد سمير
عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة
السفير الأممي للشراكة المجتمعية
رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية