كتبت نغم الجارحي
يلعب القدر دورا كبيرا فى حياتنا ولكننا ننساه فى أحيان كثيرة الى أن يفاجئنا بصفعة قوية قد تجعلنا أما نفقد القدرة على التماسك والتحمل أو نفيق بعد أن يكون الوقت قد فات ولا نستطيع استرجاع الماضى ولا دقيقة واحده منه
هى امرأة جميلة كل ما فيها جميل الشكل والروح والأخلاق تخطت الاربعين بقليل لكن من يراها لا يعطيها أكثر من الثلاثين عاما تزوجت بزميل لها بالجامعة بعد قصة حب جميلة وقصيرة عرف بها الأهل وباركوها وعلى الرغم من تقدم الكثيرين لها إلا أنها رفضتهم جميعا وأصرت على من أحبته لإيمانها الكامل بأن الأهم فى الزواج هو الحب والتفاهم ولحسن الحظ عملوا فى نفس المجال بعد التخرج مباشرة وكانت الفرصة متاحة فيه للإبداع والتميز وكان يدر عليهم دخلا استطاعوا به بداية حياتهم بشكل مستقر نسبيا ولكنه اشترط عليها التفرغ له وللمنزل على الرغم من تميزها فى العمل واستجابت لطلبه بكل ترحاب دون مناقشة أو جدل
وبدأت حياتهم وظهرت للزوج عادات غريبة قد تكون فوجئت بها أو لم تتخيلها الى هذا الحد فممنوع عليها التحدث مع البواب أو كشاف النور او الغاز او اى رجل الا للضرورة القصوى وايضا ممنوع النزول من المنزل إلا معه باستثناء منزل أهلها القريب منهم حتى مقابلة أصدقاء الدراسة الذين يعرفهم جيدا لا تتم إلا وهو معها وازواجهم معهم أو تتم فى المنزل
وهى تتعامل مع كل هذا بحرص وصبر وبدون نقاش واذا حاولت النقاش فيكون الرد بعصبية قد يصل إلى شجار وهى لا تريد ذلك
وأنجبا ولد وبنت وزادت مسئوليتها بخصوص كل ما يخصهم من مدرسة ودروس وتمارين وتم السماح فقط بالنزول لذلك وهو ليس لديه وقت سوى لرؤيتهم ساعة أو أكثر قليلا قبل الذهاب للنوم
ولم يكن فى قاموسه وجود لكلمة مرهقة أو احتاج للراحة فإذا اعتذرت يوما عن القيام بإعداد الفطور أو القيام بشئ لسهرها لمرض أحد الاولاد او لتعب خاص بها أو إرهاق فانه يقوم بمعاقبتها بأحداث فوضى فى كل مكان فى المنزل وخاصة المطبخ حتى يجعلها تقضى نصف يومها بعد مغادرته فى تنظيف ما اتسخ عن عمد واصرار منه
وإن كان نائما وتم عرضا وغصب عنها اصدار صوت منها أو من الاولاد ولو بسيط واستيقظ من نومه فإن عقابها هو عدم النوم مطلقا طوال الليل لأنها سمحت ولو بقدر ضئيل من الضوضاء جعلته يفيق من نومه كل هذا ولا تشتكى ولا تعترض ولا يصدر منها إلا الاعتذار له وهو المخطئ لجعله يرجع إلى طبيعته التى أحبته لأجلها
وما بين كتم الضيق والصبر والسماح والاحتمال فاض الكيل فإذا بها بعد 13 سنة تطلب الطلاق وتصر عليه وهذا ما جعله يفيق فجأة من غيبوبته فلم يصدق أنها تشعر وتتحمل وتصبر ثم تنفجر بهذا الطلب ولم يتحمل الصدمة ووافق أن تذهب لبيت أهلها لعدة أيام حتى تهدأ وترجع كما كانت ولكنها كانت قد أخذت القرار وليس عندها أى استعداد للتراجع عنه وعندما طلب توسط حكماء من أهله واهلها تم رفضها لكل المحاولات وهددت بالخلع لإجباره على الطلاق ولم يرى حلا الى الموافقة على الطلاق واعطائها كافة حقوقها والالتزام بمصاريف البيت والأولاد والزيادة عليها وفى المقابل طلب أن يقضى مع أولاده يوم او يومين كل اسبوع فى منزل والده حيث يقيم وهى ملتزمة بذلك وسعيدة بعلاقته القوية والسوية باولاده حتى بعد الطلاق
وظل يوسط كل من له علاقة بها امها واخوتها وأهله حتى الاصدقاء كى توافق على الرجوع لعصمته مرة أخرى وهى ترفض باصرار وتفاجأ به يقول كنت احس بأنك أصبحت لا تشعرين رفعت صوتى تشاجرت تطاولت مئات المرات وانتى تغفرى وتعتذرى حتى لا يحدث ما تخافين منه وتخشين من ذكر كلمة طلاق فلماذا لا تغفرى الان ونعود مرة أخرى فتقول ليس لدى اى مقدرة على الاحتمال أو العودة مرة أخرى
ومرت خمس أعوام وهم على هذا الحال وكل منهم لا يستطيع بداية حياة جديدة الخوف من خوض تجربة جديدة أو الفشل فيها حتى بعد أن اشترى شقة جديدة فى حى جديد وجميل أصر أنه لن يدخلها الا معها هى واولادهم
وفجأة …..مات
بدون عرض ولا مرض ولا مقدمات ولا أى شئ واذا بها تنهار بكل ما تعنيه الكلمة انهيار تام ومنذ أن سمعت الخبر اصبحت تلوم نفسها ليل نهار تقول لنفسها لماذا لم أحاول مرة أخرى وترد بأنها لم تستطيع ولكنها تستمر فى ذلك ولا تستطيع النظر إلى اولادها التى تشعر بنظراتهم كلها لوم واستنكار لها لأنه ربما لو كانت رجعت لكانوا ارتووا اكثر من حنان أبوهم وشبعوا منه على حد قولهم
ولا أدرى ماذا اقول لها هل اقول كنتى على حق بعد أن طفح الكيل بكى بدون شكوى ولا اعتراض لمدة ثلاثة عشر سنه كاملة أم كان لابد لكى من المحاولة والعودة مرة أخرى حتى ولو كان على حساب طاقتك النفسية والعصبية والبدنية ايضا ولربما كان قد تغير واستمريتم الى أن يشاء الله فى مودة ورحمة
أفيدونى