ليبيا على صفيح ساخن.. تصاعد التوتر بين الدبيبة وحفتر وسط تحركات عسكرية وقبلية

كتبت – د.هيام الإبس
حفتر يعيد تنظيم وحداته العسكرية في الجنوب ووسط ليبيا بتأسيس ثلاث ألوية جديدة في سرت وأوباري وفزان، في خطوة تهدف إلى تعزيز نفوذه الميداني وتوسيع حضوره السياسي وسط الانقسام المستمر في ليبيا.
فقد شهدت ليبيا في الأسابيع الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في التوترات بين المعسكرين الشرقي والغربي، مع سعي كل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عبد الحميد الدبيبة، وقائد الجيش الوطني الليبي في الشرق المشير خليفة حفتر، إلى تعزيز نفوذهما السياسي والعسكري في البلاد.
ويبرز هذا التنافس المتجدد من خلال سلسلة مبادرات متزامنة تشمل الأجهزة الأمنية والشبكات القبلية، وحتى الميليشيات الأكثر نفوذاً في ليبيا، في مشهد يعكس هشاشة التوازن القائم بين الطرفين رغم الهدوء النسبي في الجبهات العسكرية.
إعادة هيكلة الجيش في الغرب مقابل توسع ميداني في الجنوب
في العاصمة طرابلس، ترأس رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، اجتماعاً موسعاً إلى جانب رئيس الوزراء الدبيبة، خصص لمناقشة إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتوحيد الهياكل الإدارية وتطبيق لوائح التقاعد، ويهدف هذا التحرك، بحسب مصادر حكومية، إلى تعزيز تسلسل القيادة في جيش الغرب في ظل الضغوط السياسية المتزايدة من المؤسسات المتمركزة في الشرق، التي لا تعترف بشرعية المنفي كقائد أعلى.
في المقابل، بدأ المشير حفتر سلسلة تغييرات في صفوف قواته بالجنوب والوسط، حول خلالها ثلاث تشكيلات رئيسية إلى ألوية جديدة، وأسند قيادتها إلى شخصيات قبلية ذات نفوذ قوي لضمان السيطرة على مناطق فزان والمناطق الوسطى.
وتزامنت هذه الخطوات مع جولة ميدانية قام بها نجله صدام حفتر، نائب القائد العام، ما يشير إلى مسعى لإحكام السيطرة على العمق الجنوبي للبلاد.
البعد القبلي يعود إلى الواجهة
يواصل حفتر استمالة القبائل المؤثرة في الغرب والجنوب، حيث استقبل وفوداً من بني وليد وترهونة، في مسعى لتوسيع قاعدة تحالفاته.
ويأتي لقاؤه مع زعماء بني وليد – المدينة التي تعد معقلاً تاريخياً لأنصار النظام السابق – بعد أيام من إعلان إطلاق سراح هانيبال القذافي في لبنان، ما أضفى على الاجتماع دلالات رمزية وسياسية لافتة.
كما أثار لقاء حفتر مع وجهاء ترهونة جدلاً جديداً بعد اتهامات وجهتها الحكومة الموازية في بنغازي للواء 444، الموالي لحكومة الدبيبة والمدعوم من تركيا، باحتجاز عدد من أعيان ترهونة أثناء توجههم إلى الشرق، وهو ما زاد من حدة التوتر بين الطرفين.
غارات جوية ومخاوف من عودة الصدام
في خضم هذا التصعيد، نفذت وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق الوطني غارة جوية استهدفت سفناً في ميناء زوارة يشتبه في ارتباطها بتهريب المهاجرين، وأسفرت العملية، بحسب تقارير محلية ودولية، عن مقتل ثلاثة مهاجرين، بينهم سودانيان.
ورغم تأكيد حكومة الدبيبة على أن العملية تأتي ضمن جهود مكافحة شبكات التهريب، إلا أن مصادر في الشرق اتهمت طرابلس باستخدام هذه العمليات غطاء لاستهداف جماعات مسلحة منافسة.
هشاشة الوضع الأمني رغم استقرار النفط
ورغم بقاء قطاع النفط الليبي مستقراً نسبياً، فإن الوضع الأمني والسياسي في البلاد لا يزال هشا. فقد ارتفع عدد المهاجرين القادمين من السواحل الليبية إلى إيطاليا بأكثر من 50% منذ بداية العام، ليصل إلى نحو 60 ألف مهاجر، معظمهم من مناطق خاضعة لسيطرة حكومة طرابلس.
وينظر إلى تكثيف العمليات الأمنية ضد المهربين على أنه محاولة من الدبيبة لإظهار التزامه أمام الشركاء الأوروبيين بخفض تدفقات المهاجرين.




