حوادث و قضايا

مأساة إنسانية في ليبيا.. غرق قارب مهاجرين معظمهم سودانيين في طبرق

كتبت: د. هيام الإبس

في مشهد مأساوي جديد يعكس تفاقم أزمة الهجرة غير الشرعية من السواحل الليبية، فقد عشرات المهاجرين – غالبيتهم من السودان – بعد غرق قارب كان في طريقه إلى أوروبا، قبالة سواحل مدينة طبرق شرق ليبيا.
وأكدت الإدارة العامة لأمن السواحل أن القارب انقلب فجأة في عرض البحر، مما تسبب في واحدة من “أسوأ الكوارث” خلال الأشهر الأخيرة، وسط ظروف بحرية بالغة الصعوبة تعيق جهود الإنقاذ.


13 ناجيًا فقط .. ومصريون بين الضحايا

حتى اللحظة، تمكنت فرق الإنقاذ من إنقاذ 13 شخصًا فقط، بينهم 10 مصريين، وفق ما أفادت به مصادر أمنية ومؤسسة “العابرين” لمساعدة المهاجرين.
وتم انتشال عدة جثث، منها اثنتان تم التعرف عليهما وتعودان لمصريين، فيما تظل هوية بقية الضحايا مجهولة حتى الآن.


سواحل طبرق تتحول إلى “مقبرة مفتوحة” للمهاجرين

أفادت تقارير فرق الإنقاذ بالعثور على 7 جثث مجهولة الهوية على شاطئ القعرة شرق طبرق، إلى جانب 5 جثث أخرى لفظها البحر في منطقة العقيلة.
ونُقلت الجثامين إلى مشرحة مركز طبرق الطبي، في انتظار عمليات التعرف من قبل ذويهم أو الجهات المعنية.


تحرير 40 مهاجراً كانوا في قبضة تجار البشر

في تطور موازٍ، نفذت أجهزة الأمن في طبرق عملية نوعية أسفرت عن تحرير 40 مهاجرًا كانوا محتجزين لدى شبكة مهربين، تمهيدًا لبيعهم لعصابات الاتجار بالبشر.
وكشف فرع مباحث الجوازات أن المحتجزين – وبينهم نساء وأطفال – كانوا يعيشون في أوضاع غير إنسانية داخل “مخازن” تفتقر لأبسط مقومات الحياة.


تحذيرات أممية وسط صمت الدول المصدّرة للهجرة

رغم تكرار المآسي، تستمر منظمات إنسانية دولية في التحذير من أن ليبيا باتت نقطة انطلاق رئيسة لـ”رحلات الموت”، في ظل غياب برامج لجوء شرعية وممرات إنسانية آمنة، خاصة للفارين من الصراعات، مثل السودانيين الهاربين من ويلات الحرب.
وتشير بيانات منظمة الهجرة الدولية إلى وفاة أو فقدان أكثر من 3,760 مهاجراً في البحر المتوسط خلال عام 2024، مما يجعله أحد أخطر طرق الهجرة في العالم.


مصر تواصل جهودها لمنع التهريب

ورغم تشديد الرقابة على حدودها البحرية، لا تزال مصر تعاني من محاولات التهريب، إذ أنقذت القوات البحرية المصرية 42 مهاجراً قبالة سواحل مطروح في يوليو 2025.
ومع ذلك، يستمر تجار البشر في استغلال المهاجرين عبر نقلهم إلى ليبيا، حيث يتم احتجازهم قبل الدفع بهم إلى البحر.


مؤسسة “العابرين” .. جهود إنقاذ محلية حثيثة

تعمل مؤسسة العابرين بالتعاون مع الهلال الأحمر الليبي في تقديم المساعدة للمهاجرين وإنقاذ من يمكن إنقاذه، حيث تدخلت في حوادث سابقة مشابهة، منها غرق قارب يحمل 20 مصريًا و3 سوريين في مارس 2022 قبالة طبرق، لم ينجُ منه سوى ثلاثة فقط.


تكرار المأساة بلا حلول جذرية

شهد 18 يوليو 2025 حادثة مماثلة حين تم إنقاذ 78 مهاجراً، بينهم 17 مصرياً شمال طبرق، بعد تعطل قاربهم، مما يعكس التكرار الخطير لهذه الكوارث وسط أزمات أمنية وسياسية تعيق جهود المواجهة.


الختام: حلقة جديدة من مسلسل الغرق والتجاهل

حادثة غرق قارب طبرق تُضاف إلى سلسلة دامية من الكوارث التي يدفع ثمنها الأبرياء الهاربون من الجوع والحرب والفقر، بين أمل الوصول وقسوة المصير.
وفيما تتساقط الجثث على الشواطئ، تظل المحاسبة غائبة والمسؤولية موزعة، بينما البحر لا يتوقف عن ابتلاع المزيد من الضحايا.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى