رحل الدكتور أحمد زويل (٢٦ فبراير ١٩٤٦ – ٢ أغسطس ٢٠١٦)، رحمه الله، عالم الكيمياء المصري أمريكي الجنسية والذي حاز على جائزة نوبل في الكيمياء عام ١٩٩٩ عن أبحاثه في مجال كيمياء الفيمتو حيث قام باختراع ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره فيمتو ثانية فأحدث ذلك نقله نوعية في العلم لأنه مكن العلماء من رؤية جزيئات المادة أثناء التفاعلات الكيميائية ففتح آفاقاً جديدة لمجالات العلوم المختلفة، وهو أستاذ الكيمياء والفيزياء في معهد كاليفورنيا للتقنية (كالتك).
أخذت أمريكا والعالَم علمه وأبحاثه، وأخذنا نحن جسده، فهم يجيدون صناعة الحياة، ونحن نعيش في غيبوبة الموت، هكذا علمونا أن مثال فرض العين وفرض الكفاية، هو صلاة الجنازة، ولم يعلمونا أن الأمة التي لا تمتلك سلاحها ودوائها وغذائها أمة آثمة حتى تنهض وتمتلك كفاياتها، لا تنزعجوا من هذا الكلام، فقد ذكر أبو حامد الغزالي في كتابه المعروف “إحياء علوم الدين”، في كتاب العلم من ربع العبادات، أن القرية التي لا توفر حلاقاً لها تكون آثمة ويصبح توفير حلاق فرض عين على جميع أفرادها، حتى يتعلم واحد منهم الحلاقة، فيصبح فرض كفاية، ويرتفع الإثم عنها.
من يحق له أن يفخر بالدكتور زويل، هو المجتمع الذي احتضنه ورعاه، ووفر له كل إمكانيات البحث العلمي، وامتص عقله إلى آخر لحظة من حياته، وحصل منه على رصيد علمي بوأه أعلى المراتب عبر رحلة علمية توجت بأكبر جائزة علمية عالمية، جائزة نوبل، وهو نفس المجتمع الذي احتضن ستيف جوبز، السوري، رئيس مجلس إدارة آبل، وغيره الآلاف ممن يمتلكون الموهبة والإبداع ليكونا جزءاً من الصفوة التي تقود المجتمع للمستقبل المأمول.
أما من يجب أن يحزن فهو وطنه الذي حرموه منه ويحرمونه من آلاف أمثاله، الذين يمتلكون المواهب ويستطيعون بالرعاية وتوفير كل إمكانيات البحث العلمي، والحياة الإنسانية الكريمة، أن ينالوا الجوائز العالمية، ليتحول الوطن إلى مصنع لعلمائه وأجهزته واحتياجاته، وليس حالات فردية تظهر بين الحين والآخر كمواهب فذة، تتحدى الظلم والقهر والمرض والفقر والتخلف لتشق طريقها، كنبتة خضراء وسط مستنقع آسن.
لا بديل لنا عن وطن حر آمن يحيا فيه أبنائه جميعا، يحققون فيه ذواتهم وإنجازاتهم، ليحيا الوطن فعلاً وتعود إليه طيوره المهاجرة، من كل أنحاء العالم، ليعطوا علمهم وخبرتهم وحياتهم للوطن، بجانب أبنائها في الداخل، حتى يكون للوطن مكان بين الأمم المتقدمة.
الدكتور أمين رمضان