ما كل من لاث العمامة شيخا

بقلم / الدكتور محمد البريرى

فى عام 1986 كنت فى السنة الأولى من الجامعة، وكان مقررا علينا مادة( أدب بحث) يأتى لتدريسها منتدبا فضيلة ا.د/فتحى أبو عيسى. أستاذ الأدب والنقد بكلية اللغة العربية بالمنوفية، وكان رحمه الله يجيد صياغة الجملة ونسج الحرف وسبك الكلمة، يمرق الكلام من فمه كما يمرق السهم من الوتر أعذب من الماء وأرق من الهواء، ويتحدث الفصحى بطلاقه كأنه رُبِىَّ فى بيئة الخليل وسيبويه، وكلماته كأنها إنذار مدمدم تحرك ساكنا وتوقظ نائما وتنشط خاملا وتحيى بالمعارف ميتا.

من كلماته التى نقشت فى ذاكرتى، قال مرة فى إحدى محاضراته : لو كان للأزهر الشريف أن يفخر فى تاريخه الطويل من يوم أنشئ و إلى يومنا هذا لكفاه فخرا إنجاب الشيخ محمد الغزالي، فله قلم يطاوعه يحترق مع الحرف إخلاصا ويكتب بنبض قلبه صادقا ويعيش لدينه وهموم أمته ناصحا ومدافعا.

ودارت الأيام دورتها ورحل الشيخ الجليل الغزالي إلى ربه حميد السيرة نقى السريرة ورثاه رجل من الكبار كتب عنه هذه الكلمات.  عرفت الشيخ الغزالي فعرفت رجلا يعيش للإسلام و للإسلام وحده، لا يشرك به شيئا ولا يشرك به أحدا، الإسلام لحمته وسداه، ومصبحه وممساه، ومبدؤه ومنتهاه. عاش له جنديا، وحارسا يقظا، شاهر السلاح، فأيما عدو اقترب من قلعة الإسلام يريد اختراقها صرخ بأعلى صوته يوقظ النائمين وينبه الغافلين.

ويبقى السؤال : إلى أدعياء المشيخة الذين يتقاتلون على لعاعة من الدنيا ويبذلون ماء الحياء من أجل الشهرة والمنصب فيحلون حراما ويحرمون حلالاً، وينكرون معروفا ويقرون منكرا وهم فى مصاف المشايخ والعلماء..

هونوا على أنفسكم فما كل من لاث العمامة شيخا؟؟

Exit mobile version