البحث العلمى

ما لا تعرفه عن التلعثم

بقلم : الدكتور أيمن فرج البرديني

التلعثم هو عدم انسياب الكلام أو عدم القدرة على الكلام بطلاقة، حيث السياق الطبيعي للكلام يكون مختلاً بحدوث تكرار لأصوات أو مقاطع من الكلمة أو في بعض الأحيان يحدث تكرار للكلمة كلها ،كما تحدث إطالات لبعض الأصوات داخل الكلمة أو وقفات مع وجود انشطار داخل الصوت الواحد.

ويحدث التلعثم عادة في سن ما قبل المدرسة وقد يحدث التلعثم في سن مبكرة قد يصل إلى ١٨ شهر أو عند بدء تكوين الأطفال لجمل كلامية وأما أقصى سن لحدوث التلعثم فهو يتراوح بين ٧ سنوات و ١٣ سنة.

وتزيد نسبة حدوث التلعثم في الذكور عن الإناث بنسبة ٣ أو ٤ ذكور إلى ١ للإناث.

هل هو مرض وراثي ؟

من الظواهر الملحوظة في التلعثم هي زيادة فرصة حدوثه بين أفراد العائلة التي يوجد بها تاريخ لإصابة أحد أفرادها بالتلعثم بين أفرادها وقد وجد أن نسبة حدوث التلعثم في العائلات التي يوجد بها تاريخ سابق للتلعثم تصل إلى ٣ ٪ أما العائلات التي لم يوجد فيها تاريخ لحدوث التلعثم فكانت النسبة حوالي ٫٠٥ ٪ مما يعضد وجود عامل وراثي في حدوث التلعثم.

التلعثم بين التوائم وضعاف السمع :

تلعب الوراثة دوراً هاماً في حدوث التلعثم بين التوائم حيث يحدث التلعثم بين التوائم المتماثلة أكثر من حدوثه بين التوائم غير المتماثلة ويرجع سبب إلى عوامل البيئة المحيطة والتي تسمح للتوائم المتماثلة أن يكونوا متشابهين في الخبرات في مرحلة الطفولة وقد وجد أنه عندما يحدث التلعثم بين التوائم المتماثلة فإنه عادة يحدث بين الفرد الأقل نمواً من الناحية الفسيولوجية وذلك لكثرة الضغوط الموجهة إليه ليكون بكفاءة الآخر.

تعتبر نسبة حدوث التلعثم بين المصابين بالضعف السمعي الخلقي قليلة جداً وقد يكون تفسير النسبة القليلة للتلعثم بين ضعاف السمع بأنهم يتكلمون أكثر بطئاً وأكثر تحكماً ولا يعانون من ضغوط اجتماعية كثيرة في مواقف الكلام.

أسباب التلعثم :

تعددت الآراء حول تفسير سبب التلعثم فقد ظهرت عدة نظريات لتفسير سبب حدوثه ومع ذلك مازال سببه غامضاً ومن هذه النظريات :

١- النظرية العضوية :

وتشمل السيادة المخية حيث تلعب السيادة المخية دوراً هاماً في النظرية العضوية لتفسير التلعثم ويعتبر الفص الأيسر من الدماغ المسئول الرئيسي عن التحكم المركزي للغة في كل الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى ومعظم الذين يستخدمون اليد اليسرى لذلك يسمى الفص السائد أما الفص الأيمن فيسمى الفص غير السائد فإذا حدث إصابة في الفص السائد خاصة في القشرة الدماغية فمن الضروري أن تتأثر اللغة تبعاً لذلك.

٢- النظرية النفسية :

وفيها يرجع التلعثم إلى أنه مرض نفسي ينشأ نتيجة الضغط النفسي وأن أعراض التلعثم تعتبر وسيلة دفاعية يتعلمها المتلعثم عندما بشعر بإحباط أو اضطهاد من المجتمع عند حدوث التلعثم وفي بادئ الأمر تكون هذه الأعراض وسيلة لتقليل التلعثم ولكن في النهاية تصبح سمة من سماته.

٣- النظرية التعليمية :

يطلق على هذه النظرية نظرية التعلم والاكتساب حيث تعرف التلعثم بأنه سلوك مكتسب من البيئة حيث يظهر طبيعياً في عمر سنتين ونصف أو ثلاث سنوات ويكون تلعثماً طبيعياً للطفل الذي يريد أن يسود بيئته بكلامه فيكون مثل من يحاول الجري قبل أن يتعلم المشي فسوف يسقط بالتأكيد وكذلك التلعثم عندما يستمع الأهل لتلعثم طفلهم وهو يكون طبيعياً في هذه المرحلة ويحاولون إصلاحه بلفت نظر الطفل له وبطريقته الخطأ في الكلام ويكون الطفل غير مهيأ لمجابهة هذه المشكلة فيستمر معه التلعثم وتتفاقم المشكلة عندما يشعر الطفل أن أهله غير راضين عن محاولاته للكلام فيرضيهم بالصمت بالرغم من رغبته في الكلام ويتولد بداخله خوف من الكلام.

أساس مشكلة التلعثم :

هو خوف الطفل من الكلام ويعتبر الخوف من أهم الأشياء التي يشعر بها المتلعثم ويختلف شعور الخوف من مريض إلى أخر وفي نفس المريض من وقت إلى أخر وقد يكون سبب الخوف هو رد الفعل الذي ينتظره المريض من المستمع سواء برفض كلامه أو عدم انصاته له أو سخريته من طريقة كلامه أو يكون الخوف نتيجة لتوقع المريض العجز عن الكلام لخبرته السابقة عن عدم قدرته على الكلام بلباقة

فقد يكون تلميذاً عبقرياً ولكنه يخاف أن يتلعثم في الفصل ويخاف القراءة أو الإجابة أمام زملائه حتى لا يتعرض لسخريتهم أو تعليقاتهم الجارحة التي تؤذي مشاعره وتزيد من مشكلة التلعثم لديه وأقسى شيء للطفل أن تكون هذه السخرية صادرة من أقرب الناس إليه وهو والديه وأخوته وقد يظن المدرس الذي لا يعرف أن هذا مرضاً في أن الطفل يتلعثم لأنه لم يستذكر الدرس جيداً والحقيقة يمكن أن تكون عكس ذلك ولكنه أمر خارج عن إرادة الطفل.

بعض العوامل التي تعجل بحدوث التلعثم :

من أهم العوامل الشائعة التي تعجل بحدوث التلعثم هو طبيعة المستمع فمعظم المصابين بالتلعثم يخشون التحدث أمام أناس ذوي سلطة أو أمام أستاذتهم ومدرسيهم وبعض المواقف تزيد من حدوث التلعثم عندما يكون المريض خائفاً أو يعاني من قلق ورهبة متزايدة وقد يظهر ذلك أثناء الامتحانات أو التقدم لإجراء مقابلات للالتحاق بعمل أو أثناء التعرف على مجموعة جديدة من الأصدقاء يقابلهم لأول مرة كذلك أثناء استخدام التليفون وأمام الجنس الأخر.

لذلك نجد أن المتلعثم يفضل أن يحصر صداقته في عدد محدود من الأشخاص لا يزيد عن ثلاثة أشخاص وغالباً يكون لديه صديق واحد فقط يتحدث أمامه بدون خجل من مشكلة التلعثم لذلك نجده يتجنب عقد صداقات جديدة ويخشى أن يتواجد في مواقف تستدعي منه أن يتكلم أو يعبر عن أفكاره.

ونجد عند بعض الأطفال أن التلعثم مرتبط بالفصل الدراسي أو مرتبط بشخص معين قد يكون والده أو أحد مدرسيه وغالباً ما يوجد لدى المتلعثم خوف من كلمة معينة أو حرف معين.

الدكتور أيمن البرديني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.