تقارير وتحقيقات

متسولة لبنان المليونيرة تفضح مافيا مهنة التسول

بقلم / الدكتور محمد النجار

قد يصعب على الانسان ألا يتأثر عندما يرى رجلا كبيراً أو  امرأة مُسنة تكون مربوطة العين أو مكسورة اليدين والرجلين أو تجلس على كرسي متحرك  ومعها شهادات مرضية تشهد بأنها عاجزة  لديها كافة الامراض ولا تستطيع المشي بل تجلس  في الشارع طوال النهار حتى تتحصل على كفاف العيش ..  وتجاه هذا المنظر يتأثر القلب وقد تبكي العين ويضطر الانسان أن يُخرج ما في جيبه ويعطيه لتلك المرأة أو ذاك الرجل الذي يجوب الشوارع ووسط السيارات مخاطرا بحياته مستعطفا الآخرين ليعطوه ما فيه النصيب ..

احتراف التسول 

وإذا نظرنا الى هؤلاء المتسولين خاصة بعد ظهور حقيقة الكثيرين منهم نجدهم قد احترفوا هذه المهنة الغنية في مواردها وبدون رأس مال سوى التفنن في إظهار عجزهم  ومدى قدرتهم على استعطاف المارة مع بعض الدعاء للمارة  ليس من أجل دخولهم الجنة وانما لإخراج ما في جيوبهم وايداعه في ايديهم ..واتضح في الحالات التي تم كشفها أنهم من أغنى الناس و يمتلكون ارصدة ضخمة  في البنوك بالاضافة لممتلكات تصل قيمتها بالملايين.

وعلى سبيل المثال لا الحصر ، تلك المرأة  “وفاء محمد عوض” التي اشتهرت بالحاجة وفاء في مدينة صيدا جنوب لبنان وكانت امرأة فقيرة المظهر كثيرة التسول وتجوب شوارع  مدينة صيدا  حتى تحصل على كفاف يومها.

والمفاجأة وقعت عندما تم  إغلاق بنك جمال ترست ، فافتضح أمرها بعد ما اضطرت الى نقل حسابها من هذا البنك الذي تم اغلاقه الى بنك آخر ، وحصلت على شيكات باسمها  بتاريخ 30-09-2019 لنقل حسابها الى مصرف آخر ، واتضح ان هذه المتسولة تمتلك رصيد في حسابها  باكثر(900)ألف دولار .

وهذه  ليست الحالة الاولى، ففي مايو 2018، ظهرت  قصة السيدة فاطمة عثمان، التي ظهر بعد وفاتها أنها تمتلك ما يزيد عن مليون دولار أمريكي، بينما عرفها أهالي العاصمة بيروت خلال سنوات طويلة  بأنها متسولة بحالة يرثى لها.

التسول في موسم الحج
متسولة لبنان المليونيرة تفضح مافيا مهنة التسول 2

وقد رأيت بأم عيني عندما كنا نرمي الجمرات أنا وابنائي في موسم الحج ورأينا طفلة مقطوعة الذراعين وقد تعاطف معها كل الحجاج ، لكن تشككت في امرها واقتربت منها واكتشفت انها ليست مقطوعة اليدين وانما تم إخفاء يديها بطريقة فنية داخل ملابسها وظهرت ملابسها وكأنها بدون ذراعين ، وتجرأت ووضعت يدي على أكمامها فوجدت ذراعيها مخبأة داخل ملابسها ، وامسكت بالبنت وتجمع الناس فجاءت  مسئولتها زعيمة المتسولين الأكبر وضربتها على وجهها وكأنها تعاقبها بينما الحقيقة انها كانت تراقب الاطفال المتسولات حتى تضمن تحصيل المبالغ من الاطفال أولا بأول ، وجاءت لإنقاذ الطفلة وإفلاتها منا   قبل ان تأتي الشرطة وتقبض عليها .

ورأيت أحدهم في احدى المدن الغنية  وهو واضع جهاز شلل في رجليه ، والناس تتعاطف معه وتغدق عليه بمبالغ طائلة ، وفجأة ظهر شاب اكتشف أمره ونزل عليه ضربا وأصر على تسليمه للشرطة رغم تعاطف الناس مع المشلول ، ثم كشف هذا الشاب حقيقة هذا المتسول الممثل حيث أنه جاره في السكن في منطقة بعيدة وانه ليس مشلولا  وانما يملك صحة مثل الثور وبالفعل تم تسليمه للشرطة..

حامل المبخرة

وقد رأيت منظرا لا أنساه من حامل مبخرة يدخل المحلات بالبخور دون أن يستأذن، فيذكر الله ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ..ويظل كذلك حتى يحصل على المعلوم من صاحب المحل الذي يلتمس البركة من ذكر هذا الرجل لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعطاه صاحب المحل مبلغا ورقيا قديما لكن يتداول ، فلم يعجبه وأصر على إستبداله غيره  ولم يكن مع صاحب المحل غيره ، فأخذ صاحب المحل المبلغ ، وإذا بذلك الرجل يسب الدين لصاحب المحل بعد ان كان يذكر الله ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقصصأً اخرى رأيتها لا يتسع المجال لسردها .

مكافحة الظاهرة 

ان حرفة  “التسول”  سهلة للغاية ، ومكاسبها  مضمونة ومرتفعة بشكل غير متوقع ، ومحترفو  التسول يملكون ارصدة بنكية وعقارات واراضي لا يملكها غيرهم .

يجب على المجتمع مكافحة التسول لأنه ظاهرة كئيبة لكثرة المناظر المؤذية التي يتفنن محترفوها اظهارها في المجتمع لكسب تعاطف الجماهير ، كما انها تحصل على اموال غير مستحقيها ، والاشد من ذلك انها تحرم الفقراء الحقيقيين من حصولهم على هذه المبالغ التي يتحصل عليها  المتسولون .

لقد وصف الله الفقراء والمساكين  المستحقين فعلا  للصدقة والزكاة :

((للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم ( 273 ) الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ((274 ))سورة البقرة.

فهؤلاء الصادقون الذين يحفظون كرامتهم وحياءهم هم الذين يستحقون الصدقة والزكاة ، بل ويجب إعطاءهم مايكفيهم حفاظا على كرامتهم التي هي من كرامة المجتمع وشرفه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.