كتبت : د.هيام الإبس
قتلى ونازحون، ومنازل وقرى خاوية على عروشها، وجثث على الطرقات، واختفاء لمعالم الحياة، هكذا بدت قرى شرق ولاية الجزيرة وسط السودان خلال 5 أيام من هجوم لقوات الدعم السريع على خلفية إعلان انشقاق قائدها بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل وانضمامه إلى الجيش السودانى.
اغتصاب وقتل
وتشهد قرى شرق الجزيرة انتهاكات واسعة للدعم السريع عقب معارك مع الجيش السودانى والمستنفرين (عناصر شعبية مساندة)، سيطر فيها الدعم السريع على مدينة تمبول فى22 أكتوبر الجارى، لتشن هجماتها إثر ذلك على عدد من قرى شرق الجزيرة.
وحسب مؤتمر الجزيرة، يتجاوز عدد القتلى بمدينة تمبول 300 قتيل بينهم نساء وأطفال،
فيما اقتادت القوة المهاجمة أكثر من 150 من سكان القرية إلى معتقلات فى منطقة كاب الجداد القريبة من السريحة.
والجثث الملقاة على الطرقات تزيد من صعوبة إجراء حصر دقيق حتى الآن، لمغادرة المواطنين المدينة.
وقال الأمين العام لمؤتمر الجزيرة، المُبر محمود، إن أكثر من 30 قرية بشرق الجزيرة هاجمتها قوات الدعم السريع وهجّرت سكانها قسراً، فضلاً عن حالات اختطاف الفتيات والعنف الجنسى.
ووفقا للمُبر محمود، وثق مؤتمر الجزيرة 3 حالات اغتصاب لكوادر طبية، بجانب استخدام المواطنين كرهائن، حيث تحفظ الدعم السريع على بعض حالات الاحتجاز القسرى وطلب فدية مالية.
وتجبر قوات الدعم السريع المختطفين على تسجيل فيديو ومناشدة ذويهم دفع فدية مالية نظير إطلاق سراحهم. وحسب المصدر ذاته، فقد طلبت قوات الدعم السريع مبلغاً مالياً قدره 5 ملايين جنيه سودانى (يساوى ألفى دولار) تم دفعها والإفراج عن أحد المختطفين، وطلبت من آخر 50 مليون جنيه سودانى (19 ألف دولار).
تهجير قسرى
واستمرت نداءات الاستغاثة دون أن تجد مُلبياً، وواصلت قوات الدعم السريع هجومها بالأسلحة الثقيلة على المدنيين فى قرى الجزيرة، وتعد بعض قرى شرق الجزيرة التى استهدفها الدعم السريع مناطق نفوذ كيكل الذى أعلن انشقاقه عن هذه القوات.
وقال مؤتمر الجزيرة إن قوة من الدعم السريع اقتحمت منذ فجر الجمعة 25 أكتوبر، قرية السريحة التابعة لمحلية الكاملين شمال الجزيرة ونصبت أسلحتها ومدافعها أعلى المبانى وأطلقت النار صوب المواطنين العزل، وقُتل نحو 50 شخصاً وأصيب أكثر من 200 شخص.
وأضاف الأمين العام لمؤتمر الجزيرة المُبر محمود، أنه بالتزامن مع هجوم الدعم السريع على شرق الجزيرة وقعت حوادث فى قرى وسط الجزيرة، قتل على إثرها عشرات بينهم أطفال ونساء، مع التهجير الكامل للمواطنين والعنف المُفرط، ونهب الممتلكات وحرق المحاصيل الزراعية.
وأقرّ المُبر، بصعوبة الإحصاء الدقيق لانقطاع شبكة الاتصالات، وأضاف أنه على مدار الساعة يتم تحديث البيانات نقلاً عن شهود عيان، داعياً السلطات والمنظمات لتقديم العون للنازحين الذين يعيشون فى ظروف بالغة التعقيد وبعضهم ما زال فى العراء.
من جهتها، اتهمت منصة نداء الوسط، الدعم السريع بارتكاب عدد من المجازر، وجرائم التطهير العرقى بحق سكان الإقليم الأوسط.
العنف الجنسى
كشفت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة عن تسجيل 20 حالة اغتصاب خلال هجمات الدعم السريع هذا الأسبوع على قرى شرق الجزيرة.
وقالت الوحدة، فى بيان، إنها توصلت بتقارير غير مؤكدة عن حالات عنف جنسى ضد نساء وفتيات على يد عناصر من الدعم السريع فى بعض القرى، عقب تصاعد وتيرة الانتهاكات ضد المدنيين فى شرق الجزيرة، فضلاً عن حالات عنف جنسى ضد مقدمات الخدمة الصحية فى أحد المرافق على الأقل.
وأضافت “التقارير الأولية تشير إلى استخدام الدعم السريع العنف الجنسى والاغتصاب ضمن تكتيكاتها الحربية خلال النزاع، بهدف إهانة الرجال وإضعاف المجتمعات وإجبارها على إخلاء المنازل وتهجيرها قسرياً”.
وقالت الوحدة إن ما تعانيه منظومة الخدمات الصحية وجهود التصدى والاستجابة لحالات العنف الجنسى من تحديات أثر على رصد الحالات، وهو ما ظهر جلياً فى قلة حالات العنف الجنسى الموثقة فى ولاية الجزيرة منذ اجتياح الدعم السريع للولاية فى ديسمبر 2023.
من جانبه، ناشد مؤتمر الجزيرة، المنظمات الدولية التدخل لإنقاذ حياة المدنيين فى شمال وشرق الجزيرة، حيث تتعرض هذه المناطق لهجمات عنيفة وواسعة النطاق من الدعم السريع وسط تقارير مروعة عن عمليات قتل جماعى على أساس الهوية.
فى السياق، دعا مسئول بارز فى الأمم المتحدة، إلى مزيد من الاهتمام الدولى بـ”الأزمة المنسية” فى السودان، حيث دفعت الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام الدولة الإفريقية إلى حافة المجاعة.
جاء النداء الذى وجهه تيد شيبان، نائب مدير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فى الوقت الذي اجتاحت فيه قوات الدعم السريع، مدن و قرى فى ولاية الجزيرة وسط السودان، حيث نهبت وخربت ممتلكات عامة وخاصة، وفقاً لنقابة أطباء ومجموعة شبابية. وتردد أن مئات الأشخاص قتلوا .
وقال شيبان إن الحرب، التى اندلعت فى أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلقت “واحدة من أشد الأزمات فى الذاكرة الحية” حيث أجبرت أكثر من 14 مليون شخص على الفرار من منازلهم، مما جعل
السودان يشهد أكبر أزمة نزوح فى العالم.
وقال لوكالة أسوشيتد برس للأنباء، “لم نشهد قط منذ جيل كامل هذه الأنواع من الأرقام”، فى إشارة إلى النازحين، بالإضافة إلى 5ر8 مليون شخص يواجهون مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائى، و775 ألفا آخرين يواجهون ظروفاً شبيهة بالمجاعة.
وأضاف شيبان “لقد تفككت البلاد بأكملها.. ومع ذلك، وعلى الرغم من ذلك، يتم نسيان الدولة والأزمة