محمد صبحي… فارس المسرح المصري وصوت الفن الهادف

حرص صبحي على أن يكون للفن دور في التربية والوعي وبناء الإنسان
كتبت – شيماء عطا
في زمن تتسارع فيه وتيرة الإنتاج الفني وتغلب عليه النزعة التجارية، يظل اسم الفنان محمد صبحي حاضرًا كأحد أبرز رموز المسرح المصري والعربي، وصاحب مشروع فني متكامل يوازن بين الإبداع والرسالة. لم يكن مجرد ممثل، بل مخرج ومؤلف ومربي، جعل من الفن وسيلة للتربية والوعي المجتمعي، وترك بصمة لا تُمحى في وجدان أجيال متعاقبة.
وبمناسبة شائعة وفاته التي نفتها نقابة المهن التمثيلية والمسئول في الصفحة الرسمية للفنان تستعرض جريدة وموقع (وضوح الإخباري) جانبا من حياة الفنان القدوة محمد صبحي .
البدايات: من شارع محمد علي إلى خشبة المسرح
وُلد محمد صبحي في القاهرة عام 1948، ونشأ في بيئة فنية غنية بالقرب من شارع محمد علي، حيث المسارح ودور السينما. هذا المحيط الثقافي غذّى شغفه المبكر بالفن، فاختار دراسة التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية، ليبدأ رحلة طويلة مع المسرح والدراما.
المسرح… الرسالة الأولى
منذ بداياته، اعتبر صبحي المسرح مدرسته الأولى ورسالة حياته. قدّم أعمالًا خالدة مثل:
- انتهى الدرس يا غبي التي ناقشت قضية التعليم بأسلوب ساخر وناقد.
- الهمجي التي جسدت نقدًا اجتماعيًا لظاهرة العنف والسطحية.
- كارمن التي مزجت بين الكلاسيكيات العالمية والرؤية المصرية.
- سكة السلامة التي أعادت صياغة نص سعد الدين وهبة برؤية معاصرة.
هذه الأعمال لم تكن مجرد عروض مسرحية، بل نصوص تربوية وفكرية، جعلت الجمهور يخرج من المسرح وهو يحمل أسئلة جديدة عن المجتمع والإنسان.
التلفزيون… “يوميات ونيس” أيقونة تربوية
في الدراما التلفزيونية، ارتبط اسم محمد صبحي بمسلسل يوميات ونيس، الذي تحوّل إلى أيقونة تربوية واجتماعية. المسلسل لم يكن مجرد حكاية أسرة مصرية، بل مشروعًا لتربية جيل كامل على قيم الأخلاق والوعي والانتماء. وقد استمر العمل لعدة أجزاء، ليصبح مرجعًا في الدراما الهادفة.
“فارس بلا جواد”… الدراما التي أغضبت إسرائيل
من أبرز أعماله أيضًا مسلسل “فارس بلا جواد” الذي عُرض عام 2002، وتناول في أحداثه المخططات الصهيونية ضد الدول العربية مستندًا إلى نصوص تاريخية مثل “بروتوكولات حكماء صهيون”. ومع بدء عرضه، اندلعت أزمة دبلوماسية إذ أعلنت إسرائيل غضبها واحتجت رسميًا، كما مارست الولايات المتحدة ضغوطًا على الحكومة المصرية لوقف بثه. ورغم هذه الضغوط، أصر وزير الإعلام المصري آنذاك على استمرار عرضه، ليصبح المسلسل حدثًا ثقافيًا وسياسيًا بارزًا، ويؤكد مكانة محمد صبحي كفنان صاحب رسالة لا يخشى الاصطدام بالقضايا الحساسة.
المواقف الفكرية والإنسانية
محمد صبحي لم يكن فنانًا منعزلًا عن قضايا مجتمعه، بل كان دائمًا صاحب موقف:
- دافع عن فكرة الفن الهادف، ورفض الأعمال التجارية السطحية.
- اهتم بقضايا التعليم والوعي، معتبرًا أن الفن شريك أساسي في بناء الإنسان.
- أطلق مشروع “مدينة الفنون والثقافة” لتخريج أجيال جديدة من المبدعين.
- عبّر عن آرائه الوطنية والفكرية بجرأة، داعيًا إلى الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية.
التكريم والاعتراف
حصل صبحي على العديد من الجوائز والتكريمات داخل مصر وخارجها، تقديرًا لإسهاماته في المسرح والدراما. ويُنظر إليه اليوم كأحد أعمدة المسرح المصري الحديث، إلى جانب أسماء مثل فؤاد المهندس وسعيد صالح.
خاتمة
يبقى محمد صبحي نموذجًا للفنان الذي لم يكتفِ بالشهرة، بل سعى إلى أن يكون للفن دور في التربية والوعي وبناء الإنسان. وبين خشبة المسرح وشاشة التلفزيون، صنع إرثًا فنيًا وفكريًا سيظل حاضرًا في الذاكرة الثقافية المصرية والعربية لعقود طويلة قادمة.
تم اعداد التقرير باستخدام الذكاء الصناعي







