مرحلة الصمت والوحدة.. كيف يواجه كبار السن والمتقاعدون مشكلة الفراغ ؟

اعداد / قسم التحقيقات والتقارير
بين جدران المنازل الهادئة، وفي زوايا الذكريات التي تملأها الصور القديمة والكتب المتراكمة، يعيش كثير من كبار السن والمتقاعدين حالة من الصمت الطويل، بعد أن تقاعدت الأجساد عن العمل، وانشغل الأبناء والأصدقاء في دوامة الحياة. فراغ لا يملؤه سوى الذكريات، وتساؤلات صامتة عن دورهم المتبقي في هذا العالم.
الفراغ القاتل.. الوجه الآخر للتقاعد
التقاعد عن العمل قد يبدو للوهلة الأولى راحة مستحقة بعد سنوات طويلة من العطاء، لكنه بالنسبة للبعض يتحول إلى عبء نفسي. فحين تتوقف المهام اليومية، وتقل زيارات الأصدقاء، ويقلّ تواصل الأبناء، يجد الإنسان نفسه في عزلة مفاجئة.
الأمر لا يتعلق فقط بالوحدة، بل يتعداها إلى فقدان الإحساس بالجدوى، وهو ما قد يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية، ويزيد من معدلات الاكتئاب والقلق لدى كبار السن، خاصة إذا لم يجدوا وسيلة لتفريغ طاقاتهم وخبراتهم.
كيف يمكن ملء هذا الفراغ بشكل مفيد؟
الحل لا يكون فقط في انتظار المبادرة من الآخرين، بل في أن يتحول كبار السن إلى صناع لحياتهم الجديدة، مستثمرين ما تبقى من وقتهم وخبراتهم بطريقة تُفيدهم وتُفيد من حولهم. وهنا بعض الطرق المقترحة:
-
العمل التطوعي:
يمكن للمتقاعدين الانخراط في جمعيات خيرية، أو تعليم الشباب مهارات معينة، أو المشاركة في حملات توعية مجتمعية. هذا يمنحهم شعورًا بالقيمة والانتماء. -
الأنشطة الثقافية والتعليمية:
حضور ندوات، أو تعلم مهارات جديدة مثل الرسم أو استخدام التكنولوجيا، يساعد على تنشيط الذاكرة وبناء شبكة اجتماعية جديدة. -
الرياضة المناسبة:
ممارسة الرياضات الخفيفة مثل المشي، اليوغا، أو السباحة يحافظ على الصحة ويحسن المزاج. -
المشاركة في النوادي الاجتماعية:
يوجد العديد من النوادي أو التجمعات المخصصة لكبار السن، حيث يمكنهم تكوين صداقات جديدة ومشاركة خبراتهم وتجاربهم. -
كتابة المذكرات أو الكتب:
لدى كثير من كبار السن تجارب غنية يمكن توثيقها. الكتابة وسيلة علاجية رائعة، كما يمكن أن تكون مصدر إلهام للأجيال الجديدة. -
الزراعة المنزلية أو الحرف اليدوية:
من الأنشطة المفيدة والمُرضية نفسيًا، خصوصًا لمن يحبون العمل اليدوي.
المجتمع أيضًا مسؤول
رغم أهمية المبادرة الذاتية، إلا أن مسؤولية المجتمع لا يمكن تجاهلها. يجب أن تعمل المؤسسات الحكومية والأهلية على دمج كبار السن في الحياة العامة، من خلال:
-
توفير مراكز يومية مخصصة للأنشطة الترفيهية والتعليمية.
-
تنظيم رحلات ترفيهية ومخيمات اجتماعية لهم.
-
تقديم الدعم النفسي والصحي المجاني عبر برامج دورية.
الخلاصة: التقاعد ليس النهاية
يظل الإنسان قادرًا على العطاء ما دام حيًا. والأعوام التي تلي التقاعد ليست عبئًا، بل فرصة لبداية جديدة إن أحسن استغلالها. وبدلًا من انتظار المكالمات والزيارات، يمكن أن يصنع المتقاعدون يومهم بأنفسهم، فيكونون مصدر نور لا عبء على من حولهم.