احدث الاخبار

مرض نادر يتفشّى في غزة بسبب مخلفات العدوان الإسرائيلي…

كتب – محمد السيد راشد 

 

كشفت وزارة الصحة الفلسطينية ، عن 95 إصابة بمتلازمة غيلان باريه النادرة بينهم 45 طفلا، وذلك بعد يوم من إعلان 3 وفيات بالمتلازمة، اثنان دون سن الخامسة عشرة. وحذرت الوزارة من انتشار مقلق وسريع لها بين الفلسطينيين جراء تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي.

 

ويوضح المدير العام لوزارة الصحة منير البرش أن هذه المتلازمة التي تصنف ضمن الأمراض النادرة، باتت تنتشر بشكل مقلق في قطاع غزة، خاصة بين الأطفال، مؤكدًا أن المعدل الطبيعي للإصابة بها حالة واحدة سنويا.

 

الطبية؛ تحدث متلازمة غيلان باريه -وهي اضطراب عصبي نادر- عندما يهاجِم الجهاز المناعي للإنسان عن طريق الخطأ جزءا من شبكة الأعصاب التي تحمل الإشارات من الدماغ والحبل الشوكي.

 

غيلان باريه فجأة، وقد تشتد حدتها على مدار ساعات أو أيام أو أسابيع حتى تصبح عضلات معينة عاجزة عن الحركة تماما.

ويبدأ المرض باعتلال عصبي صاعد من القدمين إلى الجذع والرئتين، مسبباً الشلل، ثم توقف التنفس، فالموت، وفق الأطباء.

 

ووفق المصادر الطبية؛ فإن متلازمة غيلان باريه ليست سوى رأس جبل الجليد. أمراض السحايا والالتهابات المعوية تنتشر بين آلاف المواطنين، فيما تغيب الرعاية الطبية عن أكثر من مليونَي إنسان يعيشون ظروفاً لا تصلح لحياة البشر.

 

الشلل لا يأتي من المرض وحده

الدكتور جميل سلمان، مدير مستشفى النصر، يوضح أن انفجار هذه الأمراض ناتج عن أمرين: الأول، التجويع الممنهج الذي أدى إلى سوء تغذية حاد وضعف مناعة بين الأطفال والبالغين. والثاني، بيئة النزوح الكارثية، حيث يتكدس عشرات الآلاف في ملاجئ غير صحية، دون مياه كافية أو أدوات نظافة أو صرف صحي.

 

وأشار الدكتور سلمان إلى أن المستشفى مكتظ بمئات الأطفال الذين يعانون من أمراض متعددة، كان يمكن تجنبها لولا انهيار الجهاز الصحي ومنع إدخال الأدوية.

 

وأضاف أن المستشفيات سجلت خلال 24 ساعة فقط خمس وفيات بسبب الجوع وسوء التغذية، جميعهم من البالغين، ليرتفع عدد الوفيات منذ بدء المجاعة إلى 180، من بينهم أطفال.

 

ووفق الخبراء؛ يمكن لمتلازمة جيلان باريه أن تؤثر في أي شخص من أي جنس أو عمر، ولا تعد معدية أو موروثة، والسبب الدقيق لها غير معروف، ولكن الدراسات تشير لوجود سبب متعلق بسوء التغذية، وتتبع معظم الحالات عدوى فيروسية أو بكتيرية، وهذا يدفع الجهاز المناعي لمهاجمة الجسم نفسه.

 

ويعزو البرش انتشار هذا المرض النادر بغزة إلى تلوث المياه وسوء التغذية الناجمة عن سياسة التجويع الإسرائيلي. كما عدّ هذا الانتشار الذي وصفه بالسريع للمرض بغزة مؤشرا خطيرا على انهيار الوضع الصحي وتفاقم الكارثة الإنسانية بسبب الحصار ومنع دخول العلاجات والمغذيات الأساسية.

 

وف 24 يوليو/تموز الماضي، حذّرت منظمة “أوكسفام” للإغاثة، في بيان، من أن الأمراض المنتشرة في قطاع غزة قد تتحول إلى كارثة قاتلة بسبب الجوع وصعوبة الحصول على المياه النظيفة وانعدام المأوى والرعاية الصحية.

وقبل ذلك بيومين، أعلنت وزارة الصحة في غزة، تسجيل 45 حالة “شلل رخو حاد” خلال شهري يونيو ويوليو، في ارتفاع غير مسبوق للإصابات بالمرض النادر أيضاً بسبب تدهور الأوضاع البيئية والصحية وانتشار سوء التغذية.

 

مؤشرات على كارثة صحية جماعية

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يرى أن استمرار تسجيل وفيات بهذا المستوى، وظهور أمراض مناعية نادرة بين الأطفال والبالغين، يمثل مؤشراً على كارثة صحية جماعية قد تتسارع خلال الأيام المقبلة، في ظل استمرار منع إدخال الإمدادات الطبية والإغاثية، وتحديداً علاجات الأمراض النادرة مثل الغلوبولين المناعي.

 

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها سرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشملت حرب الإبادة الجماعية بغزة القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة

 

وحمّل المركز الحقوقي سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا الانهيار، مشيراً إلى أن الكارثة لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة قرارات سياسية متعمدة.

 

ففي مارس 2025، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واستخدم الجوع كسلاح جماعي لإهلاك السكان، في خرق صريح للقانون الدولي واتفاقية منع الإبادة الجماعية.

 

ودعا المركز الحقوقي منظمة الصحة العالمية للتحرك العاجل لتوفير الغلوبولين المناعي لإنقاذ حياة مرضى غيلان باريه، قبل أن يتحول العجز المؤقت إلى موت دائم، وقبل أن تصبح أجساد الأطفال مقابر مفتوحة لغياب العدالة والدواء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى