مسجد آيا صوفيا ومعجزة بشارة النبي بفتح القسطنطينية
بقلم / الدكتور محمد النجار
إذا كان لكل دين رمز أو معبد ، فرمز اليهود هو ((كُنيس)) ورمز المسيحيين ((الكنيسة)) فإن رمز الاسلام والمسلمين هو ((المسجد)). وتسعى كل ديانة لنشر رموزها ومعابدها في أعلى مكان لديها إظهارا لدينها .
وعندما وصل النبي ﷺ الى المدينة المنورة كان أول ما فعله في أيامه الأولى بناء مسجد قباء ، ثم بنى مسجده أول دخوله المدينة ، وهذا لأهمية وقدسية المسجد في الدين الإسلامي ولدى المسلمين.
وعندما تمكن الجيش الاسرائيلي من هزيمة الجيوش العربية عام 1967، دخل موشيه ديان القدس ورفع العلم الاسرائيلي على المسجد الاقصى ، ومحاولات تهويد القدس ، وهدم المسجد الاقصى فضلا على الاستيلاء على مساجد كثيرة في فلسطين والقدس وتحويلها الى حظائر للأبقار. ثم أعلنت الولايات المتحدة الامريكية نقل سفارتها الى القدس عاصمة دولة فلسطين بما فيها المسجد الاقصى وكنيسة القيامة .
الاختلاف السياسي لا يغير حقائق التاريخ
رغم اختلاف وجهات نظرنا في رئيس تركيا أردوغان ، إلا أن حقائق التاريخ لا نستطيع تغييرها أو الانقلاب عليها حتى لا نتعرض للعنات التاريخ خاصة فيما يتعلق بقضايا الإسلام والمسلمين والفتوحات الاسلامية التي لولاها ما أصبحنا مسلمين ولا عرفنا طريقا لمكة والمدينة والمسجد الأقصى ، فالرئيس التركي أردوغان وكل الرؤساء زائلون وتبقى حقائق التاريخ ثابتة بكل احداثها تشهد للمخلصين وتلعن الكاذبين والخائنين .
بشارة النبي بفتح القسطنطينية
أما فتح القسطنطينية فإن النبي ﷺ قد بّشَّرَ به المسلمين ، وهذه من المعجزات النبوية التنبؤية للنبي ﷺ ، وقد جاءت تلك البشرى بوحي من الله لرسوله ﷺ لبيان أهمية هذه المدينة في نشر الإسلام في كل أرض الله وعدم حصر هذا الدين العظيم في جزيرة العرب ، بل ضرورة نشره لتحرير الانسان في كل ارض الله من العبودية المقيتة للكهان والملوك والرؤساء الى عبادة الله وحده .
وقد حث النبي ﷺ على فتح القسطنطينية حتى يتنافس جميع المسلمين على فتحها ، فقال النبي ﷺ : «لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش» (روه الإمام أحمد في مسنده).
السلطان محمد الفاتح وشرف فتح القسطنطينية
ومن أجل نيل هذا الشرف ، تم تسيير قرابة ((11)) حملة عسكرية طوال سنوات طويلة ، كل منها كانت تحاول الفوز بشرف فتح القسطنطينية ، وكان أشهرها حملة الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك ، والذي استخلف بعده الخليفة عمر بن العزيز ، وحملة الخليفة العباسي هارون الرشيد.
وقد كتب الله هذا الشرف للسلطان العثماني محمد الفاتح الذي أعد جيشا قويا تم تسليحه إيمانيا قبل إعداده عسكريا وتزويده بأحدث أسلحة ذلك العصر ، وتم فتح القسطنطينية في((29 مارس عام 1453م)) .
وعندما فُتحت القسطنطينية دخلها السلطان محمد الفاتح ، وصلى فيها ركعتين ، وفرح كثيرون من نصارى القسطنطينية بهذا الفتح الذي تخلصوا به من ضغوط وظلم الامبراطور البيزنطي وسوء الأحوال الاقتصادية وانتشار الفقر وكثرة الضرائب التي كان يفرضها عليهم ويتم تحصيلها بالقوة .
فرح المسلمين بافتتاح القسطنطينية
Madbouly
شراء السلطان محمد الفاتح كنيسة آيا صوفيا
عرض محمد الفاتح شراء مبنى كنيسة (آيا صوفيا) الشهير من القساوسة بأمواله الخاصة وليست أموال الدولة ، وبموجب التفاوض ، تم شراء مبنى الكنيسة ، وسجله بصك ملكية خاص باسمه ، ولازال صك الشراء موجودا لدى الدولة التركية (مرفق صورة لمستند الشراء) ، ثم قام محمد الفاتح بتحويل ملكية هذا المبنى الى مسجد آيا صوفيا .
أتاتورك وتحويل المسجد الى متحف
ظل المسلمون في القسطنطينية يؤدون الصلاة في مسجد آيا صوفيا منذ فتح القسطنطينية عام ((1453م)) ولأكثر من 482 سنة ، حتى جاء الرئيس العلماني كمال أتاتورك بعد هذه القرون (482)سنة وقام بتحويله الى متحف ومنع اقامة الصلاة فيه عام ((1934م)) .
وطوال مدة الخمس مائة عام قبل أتاتورك لم يتحدث أحد عن كنيسة آيا صوفيا التي تحولت الى مسجد يستقبل المسلمين لأداء الصلاة ، ولم تخرج مثل تلك الحملات الإعلامية ترفع أصواتها في العالم العربي اكثر من اصواتها في أوربا والغرب كله ضد إعادة المتحف الى مسجد تُرفع فيه شهادة لا إله إلا الله ، محمدُ رسول الله . علما بأن مدة بقاء المسجد كانت (482)سنة بينما مدته كمتحف ليست سوى(86) سنة .
عودة مسجد آيا صوفيا للتكبير والصلاة
إن قرار المحكمة التركية بإعادة المتحف الى مسجد يحقق بشارة النبي ﷺ بفتح القسطنطينية ، لأن البشارة النبوية تهدف الى رفع آذان الله أكبر وهي “رمز الإسلام” فوق كل القسطنطينية بما فيها هذه الكنيسة التي اشتراها السلطان محمد الفاتح وحولها الى مسجد والذي ينبغي على كل مسلم تحقيق هذه البشارة النبوية لأن هذا الفتح لايخص الرئيس التركي أردوغان وحده ، ولا يخص الشعب التركي وحده ، وإنما يخص كافة الشعوب الاسلامية.
ندعو الله أن يجمع كلمة المسلمين على كلمة سواء بما يحقق الخير لها و للبشرية جمعاء
د.محمد النجار
الخميس 26ذو القعدة1441هـ
16 يوليو 2020