احدث الاخبارالسودانليبيامصر

مصر تستضيف قادة السودان وليبيا في قمة ثلاثية لاحتواء التوترات الحدودية

✍️ كتبت: د. هيام الإبس

في تحرك دبلوماسي لافت، جمعت القاهرة كلاً من الفريق أول عبد الفتاح البرهان والمشير خليفة حفتر في لقاءات متزامنة، وذلك في محاولة مصرية جادة لاحتواء التوترات المتصاعدة في المنطقة الحدودية بين مصر وليبيا والسودان، وسط تصاعد الأزمات الأمنية والإنسانية في مثلث النزاع الحدودي جنوب غرب البلاد.

قمة مفاجئة على شاطئ العلمين

وصل الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، إلى مدينة العلمين المصرية بشكل مفاجئ، قادمًا من مؤتمر تمويل التنمية في إسبانيا، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء الإثنين في اجتماع وُصف بأنه عالي الحساسية.

وتزامن هذا اللقاء مع وصول المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، إلى القاهرة، في خطوة تعكس تنسيقًا مصريًا واضحًا لجمع الخصمين على طاولة الوساطة. ووفقًا لمصادر دبلوماسية، لم يُستبعد عقد اجتماع ثلاثي غير معلن جمع السيسي بالبرهان وحفتر بهدف تطويق الأزمة الحدودية المتفجرة.

أزمة المثلث الحدودي.. والدعم السريع في قلب الاتهام

تأتي هذه التحركات بعد توتر شديد أعقب إعلان الجيش السوداني إخلاء منطقة المثلث الحدودي، واتهامه لقوات حفتر بدعم قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما دفع القاهرة للتحرك لمنع انزلاق الأزمة إلى مواجهة مباشرة تهدد أمنها القومي.

السيسي يؤكد ثوابت مصر تجاه السودان

أوضح السفير محمد الشناوي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أن اللقاء بين السيسي والبرهان أكد ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسلامة أراضيه، واستعداد القاهرة لتقديم الدعم الكامل في مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة، وتعزيز جهود الإعمار.

كما شدد اللقاء على رفض أي إجراءات أحادية في ملف مياه النيل، مشيرًا إلى توافق مصري-سوداني حول أهمية احترام القانون الدولي لتحقيق مصالح دول حوض النيل كافة، خصوصًا في ظل التحديات التي يشهدها الإقليم في القرن الأفريقي والنيل الأزرق.

حفتر والبرهان.. صراع مؤجل بوساطة مصرية

في ظل هذه الأجواء المشحونة، نقلت تقارير متطابقة عن تنسيق مصري لجمع حفتر والبرهان بشكل مباشر أو غير مباشر لتفادي أي صدام عسكري محتمل. ويأتي هذا التنسيق وسط مخاوف من تحوّل منطقة المثلث الحدودي إلى ساحة مواجهة إقليمية، خاصة في ظل ما يُشاع عن دعم عسكري غير مباشر من قوات حفتر للدعم السريع.

حميدتي يعرض الحوار… ومصر تلتزم الصمت

وفي أول ظهور علني له منذ أسابيع، أعلن حميدتي استعداده لحل خلافاته مع مصر عبر الحوار المباشر بدلاً من التراشق الإعلامي، موجهًا رسائل لدول الجوار مفادها أن سيطرة الدعم السريع على المثلث لن تكون خصمًا لأي طرف.

لكن القاهرة لم تصدر أي تعليق رسمي على عرض حميدتي، في مؤشر على تبنّي موقف استراتيجي حذر، وسط تعقيدات تتعلق بالملف الليبي والدعم العسكري المصري للجيش السوداني.

مصر ترفع وتيرة التحرك في الملف السوداني

كشفت مصادر سياسية أن مصر رفعت منسوب دعمها الدبلوماسي والعسكري للجيش السوداني في مواجهة الدعم السريع، وذلك ضمن استراتيجية إقليمية تهدف إلى إعادة توازن القوى داخل السودان، دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة.

كما انضمت مصر رسميًا إلى المجموعة الرباعية الخاصة بالسودان لتحل محل بريطانيا، في خطوة تعكس تصاعد دور القاهرة كوسيط إقليمي رئيسي في النزاع السوداني.

المثلث الحدودي.. الجغرافيا الحاكمة لصراع المصالح

تكتسب منطقة المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر أهمية استراتيجية واقتصادية، إذ تُعد غنية بالموارد المعدنية والنفطية، وتمثل نقطة التقاء حيوية لتقاطع المصالح العسكرية والسياسية.

ويرى مراقبون أن التحركات المصرية تأتي لمنع تحوّل المثلث إلى بؤرة تهديد مباشر للأمن القومي المصري، خاصة مع تصاعد دور الميليشيات المسلحة العابرة للحدود وتداخل شبكات التهريب والتسلح.


ختامًا.. مصر تمسك بخيوط اللعبة في المنطقة

تُظهر هذه القمة الثلاثية -سواء عُقدت رسميًا أو بشكل غير معلن– أن القاهرة باتت تتحرك بفاعلية في عمق النزاع السوداني-الليبي، مستثمرة ثقلها السياسي والأمني لاحتواء أي تصعيد، وحماية مصالحها الاستراتيجية.

ويبدو أن مصر تدرك أن مفتاح استقرار الجنوب يبدأ من تفكيك عقدة المثلث الحدودي، عبر دمج الحلول الدبلوماسية مع المقاربات الأمنية الاستباقية، بما يحول دون تدحرج المنطقة نحو صراع إقليمي أوسع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى