مصر تسدد قرض محطة الضبعة النووية بالروبل الروسي: تخفيف أعباء ومكاسب متبادلة

كتب – محمد السيد راشد
في خطوة مهمة تحمل دلالات اقتصادية وسياسية، صدّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ملحق الاتفاق المبرم مع مصر، والذي ينص على سداد قرض محطة الضبعة النووية بالروبل الروسي، بدلًا من الدولار، ما يمثل تحولًا كبيرًا في التعاون المالي بين البلدين، ويخفف من الأعباء المالية عن القاهرة.
اتفاق تاريخي منذ 2015 وتعديل محوري في 2024
تعود جذور التعاون إلى 19 نوفمبر 2015 حين وقعت القاهرة وموسكو اتفاقًا لإنشاء محطة الضبعة النووية بتكلفة 25 مليار دولار، قدمتها روسيا لمصر على شكل قرض حكومي ميسّر.
وفي 16 سبتمبر 2024، تم تعديل الاتفاق ليتم سداد القرض بالروبل الروسي، وفقًا لما أعلنه نائب وزير المالية الروسي آنذاك، فلاديمير كوليتشيف.
وقد أكد المسؤول الروسي أن مصر سددت كامل ديونها حتى بداية 2024، وتواصل السداد المنتظم وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه.
بريكس والعملات المحلية: خلفية استراتيجية
يأتي هذا التطور في إطار سياسة تجمع “بريكس”، الذي يضم 11 دولة من بينها مصر وروسيا، ويهدف إلى تعزيز التعامل بالعملات المحلية بين الدول الأعضاء، ما يقلل الاعتماد على الدولار ويرسخ استقلالية السياسات النقدية.
وكانت قمة بريكس الأخيرة في روسيا قد ناقشت اعتماد نظام مدفوعات بالعملات المحلية، ويبدو أن مشروع الضبعة أحد النماذج العملية لتطبيق هذه الرؤية.
الضبعة.. مشروع استراتيجي ودلالات سياسية
يُعد مشروع محطة الضبعة النووية من أكبر وأهم مشاريع الطاقة في تاريخ مصر الحديث، ويتضمن 4 مفاعلات بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، على أن يبدأ تشغيل أول مفاعل في عام 2028، تليه باقي المفاعلات بحلول 2030.
ويصف خبراء المشروع بأنه يعكس خصوصية العلاقات بين مصر وروسيا، نظرًا لما يتضمنه من تسهيلات روسية نادرة في مشروعات مماثلة.
كما يرى السفير عزت سعد، مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن التحول إلى الروبل يعكس مستوى التفاهم والتقارب في الرؤى بين البلدين، ويعزز من مفهوم “الشراكة الاستراتيجية” بين القاهرة وموسكو.
تسريع التنفيذ وتخفيف القيود
يرى خبير الطاقة النووية المصري، د. علي عبد النبي، أن سداد التزامات المشروع بالروبل الروسي من شأنه أن يسرع إجراءات التنفيذ، ويحرر المشروع من القيود المالية والتعقيدات المرتبطة بتوافر الدولار، مشيرًا إلى أن تأخير يوم واحد في المشروع قد يكلّف الدولة مبالغ ضخمة.
مكاسب اقتصادية وتجارية وسياحية
من جهته، يرى الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن التعامل بالروبل سيسهم في تعزيز التبادل التجاري بين مصر وروسيا، ويحفز على التحرر من قيود العملة الصعبة، كما يتوقع أن يؤدي إلى زيادة في حجم السياحة الروسية لمصر.
الضبعة: حجر أساس لأمن الطاقة المصري
تعوّل الحكومة المصرية على مشروع الضبعة لتحقيق أمن الطاقة، ودعم خطط التنمية، وتوفير آلاف فرص العمل، إلى جانب تنويع مصادر الطاقة وتوسيع الاعتماد على الطاقة النظيفة، بما يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية حتى عام 2050.