أراء وقراءات

مصر وبريطانيا.. السيادة أولًا والمعاملة بالمثل قانوننا

بقلم : عبير عبد السلام الحجار

ليست كل الأزمات الدبلوماسية تبدأ ببيان رسمي أو خطاب على منصة، أحيانًا تبدأ بحجر يُرفع من شارع مزدحم. إزالة الحواجز من أمام السفارة البريطانية في القاهرة لم تكن مجرد خطوة إدارية، بل كانت صفعة سياسية تقول: “السيادة أولًا، والمعاملة بالمثل قانوننا”.

السيادة لا تعرف الاستثناءات

منذ سنوات طويلة، تعايش المواطن المصري مع مشهد الجدران الخرسانية التي تحاصر قلب العاصمة. يمشي ملتويًا، يبتعد عن الشوارع المغلقة، ويتحمّل ازدحامًا لا ينتهي، فقط من أجل أن تبقى سفارة أجنبية مطمئنة. لكن ماذا عن المواطن نفسه؟ أليس من حقه أن يشعر أن دولته تحميه هو قبل أن تحمي جدران الآخرين؟

المعاملة بالمثل ليست رد فعل.. بل موقف

حين تعرضت السفارة المصرية في لندن لاعتداءات وسط تقصير أمني، شعرت القاهرة أن الوقت قد حان لتضع النقاط فوق الحروف: إذا لم تُحمَ بعثاتنا لديكم، فلن تمنحوا امتيازات هنا. إنها ليست معادلة انتقام، بل معادلة عدالة.

الامتيازات انتهت

إغلاق السفارة البريطانية لمبناها بعد القرار المصري كشف اعتمادها المبالغ فيه على حماية استثنائية. كأنها لم تدرك بعد أن مصر الجديدة لم تعد تمنح “حصانة أمنية” بلا مقابل. الحماية الدبلوماسية حق تضمنه القوانين الدولية، لكنها ليست بطاقة VIP تُغلق بها شوارع وتُقيد بها حياة الناس.

رسالة أبعد من الأزمة

الأمر لا يتعلق فقط ببريطانيا. إنها رسالة لكل من يظن أن مصر ستظل تقدم تنازلات باسم “الأمن”. الرسالة تقول: نحن قادرون على حماية الجميع، لكن ليس على حساب مواطنينا ولا على حساب سيادتنا.

—فى الختام

الأزمة المصرية البريطانية ستنتهي كما انتهت أزمات كثيرة قبلها، لكن الأثر الحقيقي سيبقى: مصر وضعت معادلة جديدة للعلاقات الدبلوماسية. لا حماية بلا احترام، ولا امتياز بلا التزام.

عبير عبد السلام الحجار 

كاتبة صحفية وإعلامية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى