
Table of Contents
Toggleبقلم أيقونة الاتزان / السفير د. أحمد سمير
عندما أمسكت قلمي لأكتب عن “سلام ترامب” الجديد، تذكرت الفيلم الكوميدي الشهير “معلش إحنا بنتبهدل” للفنان أحمد آدم… لكنني سرعان ما وجدت نفسي أضحك كلما كتبت فقرة، أو حتى كلمة.
فقررت إجراء تعديل بسيط على العنوان:
“معلش إحنا بنستهبل” بدلًا من “بنتبهدل”… لأننا – والله – فعلاً بنستهبل!
مسرحية “صراع العظماء”… مشهد المصافحة والدماء
في حلقة جديدة من المسرحية الدولية الطويلة “صراع العظماء”، خرج علينا الرئيس الأمريكي، بربطة عنق حمراء وابتسامة مصقولة بـ”البوتوكس السياسي”، ليعلن للعالم أن إسرائيل وإيران قد اتفقتا بالكامل على وقف إطلاق النار.
ثم شكر الجميع على رغبتهم في السلام، وابتسم قائلاً:
“الفائزان الحقيقيان هما العالم والشرق الأوسط”.
وهكذا، أسدل الستار عن نهاية “رومانسية” لحكاية حبٍّ ودمار في زمن الصواريخ. أما الدماء التي سالت في غزة؟
فقد كانت مجرد خلفية درامية لمشهد المصافحة الدبلوماسية بين “الخصمين اللدودين”… أو الصديقين الحميمين.
سلام على طريقة هوليوود… وتذاكر مدفوعة من دم الأبرياء
يقولون إن الحرب اشتعلت بسبب ملف إيران النووي، لكن ما شاهدناه لم يكن سوى نسخة شرق أوسطية من فيلم “إسماعيل ياسين في متحف الشمع”.
الفرق الوحيد؟ أن الفيلم في غزة حقيقي…
بتذاكر مجانية مدفوعة من دم الأبرياء.
السلام المفاجئ… ونوبل لمن هدم وبنى بالكلمات!
المفارقة أن بعد أيام من الصواريخ والخراب والأشلاء، يظهر الرئيس الأمريكي ترامب ليقول:
“العالم فاز”.
حد فاهم حاجة؟
أنا أطالب بجائزة “نوفل للسلام” – وليس نوبل – لمن هدم الأرض وهتك العرض، ثم أعاد بناءه بالكلمات الرنانة.
لكنني أتساءل:
من سيقنع الطفل الفلسطيني الذي فقد والده وبيته ومدرسته… أن “الفائز الحقيقي” هو من لم يُبقِ له شيئًا ليفوز به أصلاً؟
إعادة ترتيب الكراسي… لا أكثر
هذه الحرب لم تكن لصراع نووي ولا دفاعًا عن الحدود، بل كانت ببساطة “إعادة ترتيب للكراسي في قاعة النفوذ”:
-
إيران أرادت الصراخ لتأكيد وجودها
-
إسرائيل أرادت صدمة مالية تفتح خزائن الحلفاء
-
أمريكا؟ أرادت العودة إلى الكاميرات بدور “صانع السلام”
-
أما غزة… فكالعادة، أرض العرض المجاني
سلام… بنكهة كوميدية سوداء
الآن، ومع إعلان “السلام الكامل”، سندخل عهدًا جديدًا:
-
توقيع اتفاقيات تسليح بمليارات الدولارات
-
بناء أنفاق دبلوماسية
-
وبيع السلام في عبوات بلاستيكية قابلة للتدوير
بينما يُطلب منا نحن، التصفيق، السكوت، وأحيانًا المشاركة في العرض كـ”ضحايا”.
الدماء حقيقية… لكن الدموع كانت ممثلة بإتقان
وهكذا، ينتهي “الموسم الأول” من مسرحية الحرب المفاجئة – السلام المفاجئ.
و”ترقبوا الجزء الثاني”، فقد تم تسليمه للمخرج مسبقًا، تمامًا كما حدث في مسلسل “ليالي الحلمية” أو “الشهد والدموع”.
وفي الختام، نهمس للمشاهدين الجدد:
لا تُصدّق كل ما يُعرض على المسرح.
الدماء حقيقية… لكن الدموع كانت تمثيلًا بإتقان.
والسلام هذه المرة؟
مُحلّى بحسّ فكاهي لا يُقاوم.
السفير د. أحمد سمير
عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة
السفير الأممي للشراكة المجتمعية
رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية