مع القرآن في رمضان(11) محاورات عقلية(3)
بقلم د.محمد صلاح شلبي
ومن عجائب القرآن وعجائبه جمة لا تنقضى،أنه عرض حجج الكافرين به وناقشهم نقاشا عقليا،بل حثهم أن يأتوا ببرهانهم ﴿… قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ [البقرة ١١١]
ومن تلك النماذج التى عرضها القرآن تلك المحاورة العقلية :
﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِی حَاۤجَّ إِبۡرَ ٰهِـۧمَ فِی رَبِّهِۦۤ أَنۡ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ إِذۡ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ رَبِّیَ ٱلَّذِی یُحۡیِۦ وَیُمِیتُ قَالَ أَنَا۠ أُحۡیِۦ وَأُمِیتُۖ قَالَ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ یَأۡتِی بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِی كَفَرَۗ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [البقرة ٢٥٨]
وهنا ملحوظتان مهتمان:
الأولى:لم يشأ إبراهيم أن يجادل في قضية الإحياء والإماتة ،لأن الجدل فيها مع مثل هذه العقلية السقيمة الغبية يمكن أن يطول دون جدوى ،فأراد أن يلجمه الحجة من أقصر طريق.
الثانية:استخدام إبراهيم عليه السلام طريقة عبقرية وغير تقليدية فى إفحام الخصم مؤداها أن يستدرجه فيسلم له تسليما جدليا مؤقتا بصحة ما يدعيه ،ثم يرتب على هذا التسليم المؤقت ما يضطر خصمه إلى الاعتراف مرغما بكذب إدعائه .
د.محمد صلاح شلبي
كاتب وباحث