بقلم د.محمد صلاح شلبي
يهتم أكثر الناس في رمضان بقراءة القرآن ويتسابقون في تلاوته ،ويحرصون على ختم المصحف مرة أو مرات ،ثم لا نرى لتلك القراءة أثر كبير في المجتمع بعد ،والسبب في ذلك أن تلك القراءة بلا تدبر وبلا فهم وبلا عمل يتبعها،إنها قراءة بلا عقل.
والإسلام ينظر إلى الفكر على أنه منحة من الله ،ويجعل العقل قوة معنوية يتميز بها الإنسان عن سائر المخلوقات.
ولا يكتفى القرآن بالإشادة بالعقل وإبراز مكانته،بل نقل إلينا محاورات عقلية تدعونا إلى إعمال العقل في كل شىء بدءا من مسائل الاعتقاد ،وحتى التفكير في طرق النداء أو طرق الأبواب كما في قوله تعالى ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یُنَادُونَكَ مِن وَرَاۤءِ ٱلۡحُجُرَ ٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡقِلُونَ﴾ [الحجرات ٤]
ووصف القرآن من لم يدرك الحق بفكره بأنه أضل من الأنعام ،يقول تعالى﴿وَلَقَدۡ ذَرَأۡنَا لِجَهَنَّمَ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ لَهُمۡ قُلُوبࣱ لَّا یَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡیُنࣱ لَّا یُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانࣱ لَّا یَسۡمَعُونَ بِهَاۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَٱلۡأَنۡعَـٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡغَـٰفِلُونَ﴾ [الأعراف ١٧٩]
ويصفهم الله في موضع آخر في نفس السورة بالعمة ،فيقول سبحانه﴿… إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ قَوۡمًا عَمِینَ﴾ [الأعراف ٦٤]
وفي موضع ثالث يعيب الله على الذي يقرأ دون أن يعي شيئا مما قرأ فيقول سبحانه﴿وَمِنۡهُمۡ أُمِّیُّونَ لَا یَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّاۤ أَمَانِیَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا یَظُنُّونَ﴾ [البقرة ٧٨] أى:إلا قراءة وتلاوة شكلية دون فهم وتفكر .
وفي آية أخرى يشبههم بالحمار الذي يحمل أسفارا،يقول تعالى:﴿مَثَلُ ٱلَّذِینَ حُمِّلُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ یَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ یَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [الجمعة ٥] والأسفار جمع سفر وهي الكتب ،أى يحملون الشىء النفيس ولا يستفيدون منه شيئا لا فهما ولا عملا
وقال الله تعالى في حق الداخلين في النار ﴿وَقَالُوا۟ لَوۡ كُنَّا نَسۡمَعُ أَوۡ نَعۡقِلُ مَا كُنَّا فِیۤ أَصۡحَـٰبِ ٱلسَّعِیرِ﴾ [الملك ١٠]
د.محمد صلاح شلبي
كاتب وباحث