مفهوم الكون الكبير .. (22) حوار حول نشأة الكون: بالانفجار أم بالبناء العظيم؟
الحلقة الثانية: نظريات خلق الكون وعمر الكون
بقلم / د.سعد كامل
ننتقل إلى الحلقة الثانية من هذا الحوار، والتي تتضمن مناقشة التفاصيل المرتبطة بنظرية الانفجار العظيم التي يتبناها السيد أكرم، مع إظهار أوجه الاتفاق وأوجه الاختلاف عن مبدأ البناء العظيم الذي ينادي به السيد كريم… ويمكن ترتيب تفاصيل الحوار تحت العناوين الجانبية التالية:
- نظريات نشأة الكون.
- مفهوم الزمن وعمر الكون.
وسوف يعرض السيد أكرم ما لديه حول ما يرتبط بالانفجار العظيم في كل نقطة من هذه النقاط، ثم يلي ذلك تعليق السيد كريم على كلام السيد أكرم، ويضيف ما يرتبط برؤيته للبناء العظيم وفق مفهوم الكون الكبير (المقترح ضمن هذه السلسلة من المقالات). … فإلى الحوار:
نظريات نشأة الكون:
أكرم: نحن نقبل مبدأ أن الكون قد نشأ بعد الانفجار العظيم، وقد وضع جورج لومتر 1927 هذه النظرية وهي أكثر نظريات نشأة الكون قبولا بين العلماء (Wollack, 2010)، وتقوم على افتراض بأن الكون تكون من مادة عالية الكثافة جدا وتمدد بسبب الانفجار العظيم، وتلا ذلك تكون سحب عملاقة نتج عنها النجوم والمجرات أو ما يسمى بالكون… ويمكن إيجاز أبرز المفاهيم المرتبطة بنظرية الانفجار العظيم في اكتمال الكون المدرك بعد تكون السحب الناتجة عن ذلك الانفجار كما يلي: توسع الكون يتمثل في تباعد المجرات عن بعضها البعض (وهو توسع لا ينطلق من نقطة مركزية، بل هو توسع متعدد المراكز في جنبات الكون المدرك)، ويقوم الكون على ما يسمى بالمادة والطاقة السوداء التي تمثل 95% من مادة الكون، والقوة التي تمسك الكون هي قوة الجاذبية وهي قوة غير معروف حقيقتها حتى الآن عدا مفهوم الأوتار الفائقة التي جاءت ضمن نظرية كل شيء (هوكنج، 1988).
كريم: يذكر سعيد (2017) أن معارضي نظرية الانفجار العظيم يعتبرون أن واضعي النظرية قدروا بشكل غير صحيح كثافة بعض العناصر الخفيفة، وأن المسافات بين المجرات كبيرة جدا لتكون ناتجة عن ذلك الانفجار، وسطوع أسطح المجرات في الكون الآخذ في الاتساع ينبغي أن تكون أقل مما هي عليه، وأن النظرية تتطلب الكثير من الافتراضات كالتضخم والمادة المظلمة مما يشكل انتهاكا لقانون حفظ الطاقة. وقد ذكر معلمي (2011) عدة أسباب لرفضه نظرية الانفجار العظيم كما يلي:
- عدم تضمن نظرية الانفجار العظيم ذكر السماوات العلى التي لا يتراءى لنا منها سوى السماء الدنيا.
- الاختلاف بين عمر الأرض وعمر الكون حسب نظرية الانفجار العظيم وتوابعها.
- تنص نظرية الانفجار العظيم على أنه لم يكن هناك مخلوقات قبل وقوع الانفجار، بينما كان هناك العرش والماء.
- تقدم نظرية الانفجار العظيم نموذجا بسيطا بالنسبة لأعظم مخلوق.
- كما أن الضعف البشري لا يخول للإنسان الجزم فيما يخص ذلك الخلق العظيم.
أكرم: لا يا صديقي لقد أجاب الدكتور عمري على هذه الاعتراضات باعتبار الانفجار العظيم هو السبب في نشأة السماوات والأرضين، وأن الأرضين السبع تمثل المادة المظلمة التي تمسك بالكون، وقد ذكرنا ذلك ضمن الأقوال البارزة سابقا. كما أنه قد ثبت علميا أن الكون قد حدث له تضخما كبيرا في مراحل نشأته الأولى، ثم بدأ بعد ذلك بالتوسع الذي سيستمر إلى يوم القيامة، ونظرية الانفجار العظيم والنظريات الناتجة عنها تفسر ذلك بأن التوسع الهائل عند نشأة الكون كان بسبب أن الكون كان يتكون من مواد باريونية تؤدي بسبب الضغط السلبي إلى التوسع الكبير للكون أو ما يعرف بالتضخم.
كريم: نعم يا صديقي نتفق أن الكون قد مر عند نشأته الأولى بحالة من التوسع الكبير أو التضخم، لكن ذلك لا يرجع إلى حدوث الانفجار العشوائي، بل بسبب وقوع البناء العظيم الذي يتضمن أن الله تعالى قد خلق السماوات السبع من البداية في صورة كرة أولية تتضمن هيكل الكون المدرك في مركزها ويحيط به قشرات كروية تمثل أجسام السماوات السبع والأرضين السبع (شكل 1)، ثم تلا ذلك رفع السماوات السبع والأرضين السبع مما يعني أن الكون قد تضخم في بداية نشأته بأمر الله تبارك وتعالى، كما يشير إلى أن مكونات الكون تتداخل مثل الكرات متحدة المركز (أي أن الكون مجوفا)، أما القول بأن الكون تضخم بتسارع شديد بسبب تكونه من مواد باريونية عند ارتفاع درجة حرارته لملايين كالفن بعد الانفجار، وما نتج عن ذلك من توفر الظروف لوجودنا…. فكل ذلك عبارة عن فرضيات لا يقوم عليها الدليل الدامغ.
شكل (1): مراحل خلق السماوات السبع: الأرض الأولية (مرحلة الرتق)، ثم رفع السماوات (مرحلة الفتق) وفق مبدأ البناء العظيم الذي ينادي به البحث الحالي حول مفهوم الكون الكبير.
((إذا كان الشكل غير ظاهر، فضلا اضغط على الفراغ أعلى هذا الكلام))
بل يوجد نظريات أخرى عن نشأة الكون غير نظرية الانفجار العظيم مثل ما يلي:
- نظرية كون البلازما: (أو نظرية الكون الكهربية) التي تعتبر القوة الكهروطيسية هي القوة التوجيهية الرئيسة للكون (بدلا من الجاذبية)، وهذه النظرية تتوقع بشكل صحيح وفرة العناصر الخفيفة عند نشاة الكون (Lerner, 1991)، وتتوافق مع عدد من الاعتراضات على نظرية الانفجار العظيم.
- نظرية الحالة الثابتة: وهي أهم نظرية بديلة لنظرية الانفجار العظيم، وقد اقترحها فريد هويل وآخرون عام 1949 (Hoyle et al, 1949) والتي تنص على أن “الكون المرئي حالياً هو في الأساس الكون نفسه في أي وقت مضى أو حالي أو مستقبلي، وكذلك هو نفسه في أي مكان”، وتضيف النظرية أن “كثافة المادة في الكون الآخذ في الاتساع ثابتة دون تغيير بسبب خلقٍ مستمر للمادة”، لكن التحفظ الوحيد على هذه النظرية أنها تعتبر أن الكون أبدي ليس له بداية وسيستمر إلى ما لا نهاية وهذا غير مقبول لإن الكون مخلوق حادث وليس أبدي، إلا أن بروز أدلة تم تأويلها للدلالة على صحة نظرية الانفجار العظيم جعل نظرية الحالة الثابتة تخرج من المنافسة… فهل هي خرجت من المنافسة فعلا؟ أم يمكن عودتها إلى الحلبة مع بعض التعديلات؟
كما ترى يا صديقي هناك نظريات أخرى غير نظرية الانفجار العظيم، وهناك مؤيدين لهذه النظريات، فالمجال مازال مفتوحا للبحث العلمي لكي يبدع العلماء في الجمع الصحيح بين النصوص الشرعية وبين العلم الصحيح غير الرافض للحق الإلهي، فهناك أبحاث ممكن أن تقوم حول شكل الكون المدرك، وأبحاث حول تفسير توزيع المجرات في الكون المدرك.
وأخرى حول تحديد موقع الكرة الأرضية من الكون المدرك، الموقع الذي نفتخر به نحن سكان الكرة الأرضية لأن الخالق سبحانه وتعالى قد كرمنا بأن جعل لكوكبنا مركزا مرموقا في الكون، وفي ذلك نختلف مع هوكنج (1988) الذي ادعى أن العلماء اتفقوا على قبول أن الأرض ليست في مركز الكون على الرغم من وفرة الأدلة على ذلك، وحجته في ذلك أن هؤلاء العلماء يقبلون بعدم مركزية الأرض من الكون تواضعا، فقد نزل الورع على هؤلاء العلماء الملحدين فتواضعوا برفض تمييز كوكبنا في مركز الكون (ولو ظاهريا) لرفض مبدأ الإله الخالق!!.
فليعلموا جميعا أننا نفتخر بمركزية أرضنا من الكون… ولا نعترف بتواضعهم الكاذب.
حول مفهوم الزمن وخلق الكون:
أكرم: اسمح لي يا صديقي أن ننتقل إلى النقطة التالية حول عمر الكون ومفهوم الزمن، فقد توغلنا في قضية منطلقات التفكير حول نشأة الكون، توغلنا في تفاصيل كثيرة تعتبر كل منها نقطة من النقاط البحثية للوصول إلى الحقيقة.
كريم: كما تحب يا صديقي، اوافقك الرأي في أن التفاصيل المذكورة أعلاه تعتبر كثيرة وتشير إلى أبحاث ضخمة نحتاج لأن تتم حتى نصل إلى الحقيقة في هذا المضمار بإذن الله. أما موضوعنا التالي عن عمر الكون ومفهوم الزمن فهو بدوره موضوعا ضخما وشائكا، فأرجو أن نضع بعض النقاط على الحروف فيما يخص هذا الموضوع الضخم: فنحن نحتاج أن نتكلم عن فترة الخلق (أو الفترة التي استغرقها تكوين الكون)، ثم عن عمر الكون (منذ خلقه وحتى اللحظة الحالية).
ولا شك أن ذلك قد يجعلنا نتناول أيام خلق الكون الواردة في النصوص الشرعية، وما معناها؟ وما معنى أو تعريف كلمة “اليوم” لغويا وعلميا وشرعيا، وما هو المعنى المختار لكل تلك المفاهيم حول عمر الكون؟
أكرم: بداية تتفق أغلب المراجع الفلكية والفيزيائية على أن الكون المدرك قد نشأ بالانفجار العظيم منذ حوالي 13.6 مليار سنة، وتذكر تلك المراجع مراحل نشأة الكون التي تسارعت في بدايتها ليتحقق تكون الكون المناسب لوجودنا نحن البشر لاحقا، ويعبر علماء الفيزياء النظرية (مثل هوكنج، 1988) عن ذلك بمراحل تخليق المادة من السحابة الناتجة عن الانفجار خلال أجزاء من الثانية الأولى للانفجار، وتلا ذلك تكون الكواركات والإلكترونات والذرات، ثم تجمع المادة لتكوين النجوم والمجرات خلال الآلاف أو الملايين الأولى من السنوات من عمر الكون. ومن الجدير بالذكر أن المجموعة الشمسية لم تتكون خلال المراحل الأولى لنشأة الكون، حيث أن أقدم صخور المجموعة الشمسية لا يزيد عمرها عن 4500 مليون سنة، كما أن طيف المكونات الشمسية لا يشير لعمر أكثر من 5000 مليون سنة لنجم الشمس، وأن المجموعة الشمسية تكونت لاحقا بسبب انفجار سوبر نوفا وتكون سحابة سديمية أدت إلى تكوين المجموعة كاملة.
كريم: لقد ذكرت يا صديقي أن وجهة نظر العلوم المادية تشير إلى أن عمر الكون حوالي 13.6 مليار سنة، ويمكن أن نفهم من كلامك أن فترة الخلق يمكن أن تكون قد استغرقت عدة آلاف أو عدة ملايين من السنوات، وحيث أن هذه الاستنتاجات تعتبر من نتائج المعادلات الرياضية بشكل كبير، وحيث أن البشر لا يملكون دليلا ماديا واحدا عن حقيقة فترة الخلق وفقا لقوله تعالى في سورة الكهف: ((مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)).
فإن التفكير حول التقدير المناسب لفترة الخلق، ثم التقدير المناسب لعمر الكون، مما يستلزم تدقيقا شديدا فيما يمكن استنتاجه من النصوص الشرعية عن ذلك التقدير، ونحن في ذلك لا نرفض معطيات العلم الحديث، بل نحاول الجمع بين هذا وذاك بما يأخذ بأيدينا إلى معرفة الحقيقة. ولننظر إلى أهم النصوص الشرعية:
- يشير صاحب أضواء البيان ضمن شرح قوله تعالى في سورة نوح ((وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)) إلى عرض القرآن لأطوار الخلق في الظواهر الكونية بقوله: “من سماء وأرض، فالسماء كانت دخانا وكانت رتقا ففتقهما، والأرض كانت على غير ما هي عليه الآن، وبَيَّنَ الجميع في قوله من سورة النازعات:
((أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها. رفع سمكها فسواها. وأغطش ليلها وأخرج ضحاها. والأرض بعد ذلك دحاها. أخرج منها ماءها ومرعاها. والجبال أرساها (27-32))، وأجمع من ذلك كله في قوله تعالى في فصلت:
((قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين. ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين. فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم (9-12))
وقد ختم تعالى هذا التفصيل الكامل بقوله “ذلك تقدير العزيز العليم” ففيه بيان أن تلك الأطوار في المخلوقات بتقدير معين، وأنه بعلم، ومن العزيز سبحانه، فكان من الممكن خلقها دفعة واحدة، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون”.
- وجاء في البداية والنهاية لابن كثير الحديث التالي عن خلق السماوات والأرض: قال إسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير، في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ) {سورة البقرة: 29} قال: “إن الله كان عرشه على الماء، ولم يخلق شيئًا مما خلق قبل الماء، فلما أراد أن يخلق الخلق، أخرج من الماء دخانًا، فارتفع فوق الماء، فسما عليه فسماه سماء، ثم أيبس الماء فجعله أرضًا واحدة، ثم فتقها، فجعل سبع أرضين في يومين الأحد، والاثنين، وخلق الأرض على حوت” وهو النون الذي قال الله تعالى عنه: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) القلم: 1.
- و جاء في صحيح مسلم تحت باب ” ابتداء الخلق ” عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: (خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل).
فالخلق تم بصورة أطوار، وفترة الخلق الواردة في آيات سورة فصلت وفي غيرها من الآيات هي ستة أيام، لكن ما معنى اليوم المراد ذكره هنا؟ لقد قام الكثير من علماء الشريعة بمناقشة ذلك المعنى: ويبدو أن أغلب الآراء في ذلك تتفق أن اليوم المعهود المقدر بأربعة وعشرين ساعة ليس هو المقصود ، فذلك مرتبط بدوران الأرض حول الشمس، وهذا لم يكن وقتها. كما وردت آراء تفيد أن المقصود هو اليوم بألف سنة وفقا لقوله تعالى في سورة السجدة: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (5)).
ومن علماء الشريعة من يرى أن المقصود هو المعنى اللغوي لليوم وهو “مطلق الوقت أي مرحلة زمنية تقديرية غير محددة” مثل المشهور عند العرب بيوم بعاث وهي الحرب التي استمرت 100 عام، وقد ناقش موقع (الإسلام سؤال وجواب) هذه النقطة الخلافية حيث قال: “تبين أن المسألة يدخلها الاحتمال والاختلاف، وأن الآراء الشرعية في تناولها متنوعة بقدر كبير، وليس فيها حد قطعي ولا ترجيح جزمي، عرفنا أن خلق التعارض أو التناقض بين النقل الديني ، وعلوم الفلك والفيزياء في هذه المسألة : ليس من الصواب ولا من المنهجية الموضوعية”.
وإنني أتفق مع هذه الصيغة المعبرة عن شكل جيد من أشكال التكامل بين العلوم الشرعية والعلوم المادية. وبناء عليه أعتقد أن المجال مازال مفتوحا بدراسة النصوص الشرعية للوصول إلى صيغة للجمع بين المفهومين العلمي والشرعي فيما يخص فترة الخلق وعمر الكون.
أكرم: جميل جدا… إذن سوف نلتقي على أرضية مشتركة فيما يخص عمر الكون وفترة الخلق.
كريم: نعم يا صديقي! ففي بعض تفسيرات حديث أبو هريرة المذكور أعلاه والمشهور بحديث التربة، جاء في موقع (إسلام وب) أن ذلك الحديث يناقش تأهيل الكرة الأرضية لاستقبال الحياة عليها، فهذا الحديث يتكلم عن تتابع الخلق حتى خلق أبو البشر آدم عليه السلام في سبعة أيام من السبت إلى الجمعة (أي أن الحديث لا يتكلم عنى خلق السماوات والأرض في ستة أيام)، ولعل هذا التتابع للخلق على الأرض يشير إلى أن هذه الأيام تعتبر مراحل زمنية لتطور عمارة الأرض بالحياة وقد يصل طول بعضها إلى آلاف الملايين من السنين.
وأظن أن ذلك يفتح الباب واسعا لتغيير تفكيرنا عن معنى أيام الخلق وعمر الكون… كما يفتح المجال للتوافق الكبير بين المفاهيم العلمية الصحيحة المبنية على حقائق مثبتة بالدليل فيما يعرف بالتاريخ الجيولوجي للكرة الأرضية وبين المفاهيم الشرعية حول فترة خلق الكون وعمر الكون… والله أعلم.
وبعد أيها القارىء الكريم، فقد قدمت هذه الحلقة من الحوار حول نشأة الكون (بالانفجار أم بالبناء العظيم؟) قدمت مناقشات موجزة حول نظريات نشأة الكون في العلوم المادية التي تتناول نشأة الكون المدرك فقط، بينما تتناول النصوص الشرعية ما يأذن به الخالق سبحانه وتعالى من ترتيب خلق مكونات الكون الكبير، كما رأينا أن الخالق سبحانه وتعالى لم يحدد تفصيلا عمر الكون، بل ترك ذلك للأبحاث العلمية سواء المادية أو الشرعية للوصول إلى استنتاج ذلك العمر الكبير للكون الكبير، وعليه رأينا من الحوار أعلاه أن المجال ما زال مفتوحا للبحث العلمي الجاد لاستكمال النقص في هذه المجالات، ونتمنى أن يتم ذلك تحت مظلة التكامل بين العلوم المادية و العلوم الشرعية… وبالله التوفيق.
المراجع:
-سعيد، ع. (2017): نشأة الكون: ما نظريات بداية الكون غير الانفجار العظيم؟ موقع تسعة.
-معلمي، خليل (2011) وهم نظرية الانفجار العظيم ووجود الأراضي السبع (موقع أهل القرآن).
-موقع الإسلام سؤال وجواب: تفصيل اختلاف العلماء في حديث التربة ومناقشة أدلتهم.
-موقع إسلام وب: قدر الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض.
Hawking, S. (1988): A brief history of
time. Bantam Books, 256p.
Hoyle, F. et al (1949): A New Model for the Expanding Universe, MNRAS, v.108, p.372.
Lerner, E. (1991): The Big Bang Never Happened, New York Times Books.
Wollack، E. J. (2010). “Cosmology: The Study of the Universe”. Universe 101: Big Bang Theory. NASA.
بقلم: د.سعد كامل
أستاذ مشارك في الجيولوجيا – الإسكندرية – مصر
saadkma2005@yahoo.com