أراء وقراءات

منهجية الكايزن اليابانية ومدارسنا

بقلم / هاله أبو القاسم عبد الحميد

منذ سنوات قليلة ماضية تم انضمامي لفريق الدعم الفني وتنمية القدرات بمشروع دعم جودة التعليم بمحافظتي ” أسيوط”. وهذا المشروع كانت تشرف عليه أكثر من جهة منها شركة جوبا الاستشارية وبنك التعمير الالمانية ووزارة التربية والتعليم ومؤسسة تمكين بأسيوط .

وكان من ضمن خطة المشروع منهجية الكايزن اليابانية وكنت أول مرة اسمع عن هذه المنهجية من دكتورة نادية جابر منسق المشروع بشركة جوبا الاستشارية وتم تدريبنا بمؤسسة تمكين عن طريق رئيس مجلس ادارة المؤسسة بأسيوط مصطفى بركات وتم تدريب الفريق على منهجية الكايزن ، الهدف من تطبيق منهجية الكايزن بالمدارس تحسين العملية التعليمية من خلال تحسينات بسيطة عملية مستمرة وبجودة عالية وغير مكلفة ويشارك فيها الجميع بالمدارس .وكان في خطة المشروع 10 مدارس على مستوى المحافظة .

وتقوم فلسفة التحسين على أساس أن جميع المشكلات والتحديات التي تواجه وتعاني منها مدارسنا حدثت بشكل تدريجي وتراكمي وفي الغالب لا يمكن حلها إلا تدريجيا ، فالنظر للمشكلات بحجمها الكبير لن يساعدنا على حلها بل سيصيب المشرفين والعاملين بالميدان بالاحباط، فالتغيير الجذري الشامل مُكلف وصعب تحقيقه في أغلب الاحيان.

وتُعرف منهجية الكايزن اليابانية KAIZEN  التحسين اليومي البسيط المستمر، الكايزن ، منهجية يابانية تترجم اجمالا ( بالتحسين اليومي المستمر وهي تتكون من كلمتين Kai وتعني التغيير وzen وتعني الافضل ، فالكايزن هي تدخلات / خطوات بسيطة تحدث بشكل يومي يقوم بها جميع الافراد في كل المواقع وبشكل مستمر تصنع التحسين المتدرج المستمر .

فهي منهجية تعتمد في تطبيقها على التحليل والعملية والهدف منها إزالة أو تقليل الهدر في الجهد والموارد والوقت وتقليل الاخطاء. عن طريق الخطوات الصغيرة وليس التغييرات الشاملة المكلفة . وتستخدم منهجية الكايزن في كل مجالات الحياة من أصغرها لاكبرها. ، كايزن منهجية موجودة في المجتمع الياباني وتستخدم في كل ما يساعد على تحسين الانتاجية واتقان العمل في الحياة على مستوى الفرد والاسرة والمجتمع والمؤسسات .

وعمل البرنامج على تشجيع ودعم المدارس على عمل تحسينات صغيرة في جميع المجالات . وتنفيذها على الفور لتُحدث تحسناً بسيطاً تدريجياً وسوف تطبق التحسينات الصغيرة المستمرة بجميع أنشطة المدرسة وبدأنا بتطبيقها على النظافة . وخطوات التحسين بطريقة الكايزن صغيرة للغاية بحيث لا يمكن لأي فرد أن يخفق في تنفيذها أبداً، مما يعطيها قوة الاستمرارية وتحقيق التحسينات المنشودة .

الكايزن كان يدعم من الادارة العليا حتى الصغرى. وكان يحدث في مواقع العمل في الفصول والملاعب والمعامل وقاعات الانشطة والطرقات ، والكايزن هو التغيير البسيط المتدرج الذي لا يجعلك تتردد في تنفيذه ، ومن أفضل أنواع التغيير تتم بطريقة متدرجة تراكمية قابلة للفهم والتطبيق والقياس ، والكايزن هي تغيير النمط الاعتيادي في التفكير، وهو تحسين يحدث طوال الوقت منخفض التكلفة ومستمر، وهو منهجية تسعى للسبل التي تُمكن من التحسين المستمر .

استراتيجية الكايزن تستخدم في كل مجالات الحياة من أصغرها إلى اكبرها ، يمكن استخدام منهجية الكايزن لتحقيق التحسين المستمر والتغيير للأفضل في مجال التعليم من أجل رفع القدرات الابداعية لدى هيئة المدرسة والتلاميذ.

الكايزن تدخل بسيط جداً لحل مشكلة أو الوقاية منها أو تقليل أخطاء ، العمل بشكل روتيني لا يعتبر كايزن. وعند تطبيق منهجية الكايزن يجب مراعاة الظروف المحيطة والمقيدة التي يصعب تغييرها.

منهجية الكايزن تعتمد على أن رفع الكفاءة ليس فضلاً وليس شيئاً إضافياً ، بل هو جزء من العمل ويجب أن يكون جزء لا يتجزأ من العقلية المصرية.، والتحسين المستمر الذي تنتهجه منهجية الكايزن في كافة فعالية أو أنشطة المدرسة سوف يساعد على حل المشكلات المنتشرة والمتشعبة .

تعتبر منهجية الكايزن أي تحسينات من قِبل أي طرف في أي جزء وفي أي وقت يعد مكسباً للعملية التعليمية تعود نتائجها على الجميع ، أفضل التحسينات التي تحدثها الكايزن هي التي لا تكلف شئ إطلاقاً. فهذا يعني أن المشاركة كبيرة في هذا الامر .

يجب اعطاء المنهجية الفرصة الكاملة لكي تعيش داخل المدارس والمؤسسات ، فهناك فرق كبير بين تطبيق الكايزن كأنشطة وتطبيقا داخل مؤسستك ، وأن تنتشر كثقافة جودة داخلها ، الكايزن تتفق مع نظرية المزرعة في أن كل شئ يجب أن يأخذ وقته لكي يحدث ، الكايزن هو أن تقوم بجهد تعالج به بعض المشكلات أو الاخطاء أو لتحسين الاداء ، تصدر أفكار الكايزن من قبل المدراء في المديرية والادارات ويتم تطبيقها بشكل لامركزي بالمدارس ، فالكايزن يبدأ بالمدراء ثم يمتد ليشمل جميع العاملين والتلاميذ وعلى المديرين أن يظهروا التزامهم وتصميمهم وتقديم الارشادات اللازمة للعاملين وهذا هو الدور الاهم . لكي يتحقق التحسين فإنه لا يحتاج لموارد ولكن يحتاج لرغبة حقيقية ، ومعظم المشكلات التي تواجه العمل تظهر في جهد كبير ، ووقت أطول وتكلفة عالية ، اخطاء في الاداء.

الفرق بين الكايزن وباقي التحسينات؟

أنها أقل تكلفة ممكنة ، التغيير يتم بشكل بسيط ومستمر ، ولذلك الكايزن يتطلب جهد أقل ووقت وتكلفة أقل وتقليل في الاخطاء، كما أن جوانب الهدر في العمل (الجهد-التكلفة/ الموارد –الوقت- أخطاء)، ومن أولويات التحسين في الكايزن (إزالة الهدر- تقليل الهدر-تغيير ضروري).

*واستراتيجية منهجية الكايزن ( خطوات صغيرة ، طرح الاسئلة ، الطموح الدائم) ، وايضاً اسلوب الاسئلة الخمس 5 why? لماذا خمس اسئلة ؟ لأنه في معظم الاحيان عندما تصل للسؤال الخامس ستكون قد وصلت لجذر المشكلة الرئيسية وتستطيع حل المشكلة نهائياً فعلينا أن نتخلص من الافكار التقليدية الثابتة ، فكر في كيفية العمل/ الانجاز ولا تفكر لماذا لا يمكن الانجاز/ العمل ، لا تخلق الاعذار، ابدأ بالتساؤل حول الممارسات المتبعة ، لا تسعى لتحقيق الكمال ، قم بالعمل على الفور حتى وإن كان الانجاز 50% من هدفك ، قم بالتصحيح فوراً إن اخطأت ، لا تهدر / تصرف المال من أجل الكايزن ، بل استخدم عقلك ومعرفتك ورجاحة عقلك ، استخدام المعرفة والحكمة عند مواجهة المصاعب استفسر باسئلة(لماذا) الخمس وابحث عن المسببات الاساسية (الجذور) خذ بآراء عشرة أشخاص عوضاً عن معرفة رأي واحد ، وأفكار الكايزن غير محدودة وجاءت بنتائج جيدة بالمدارس وعلينا أن نستخدمها في مدارسنا حتى لا يختفي بريق الذهب.

7 من فبراير 2021م

منهجية الكايزن اليابانية ومدارسنا 2
                    هاله أبو القاسم عبد الحميد
                   موجهة بالتربية والتعليم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.