أراء وقراءات

من القلب للقلب .. فضفضة عشوائية

بقلم / أمل الوكيل

هُناك فجوة كبيرة جدًّا بيني وبين البشر بالمجمل، أهلي، أصدقائي، وحتّى المارّة الّذين يعبرون حياتي لأيّامٍ أو سنوات، هُناك خللٌ شنيعٌ لديّ في ما يتعلّق بالعلاقات الاجتماعيّة بشتّى أشكالها، لم أعرف حتّى اليومِ هذا أين تكمن المُشكلة، رغم أنني أُرجّح أنّها سلسلة مشكلات متداخلة جدًّا لتُحدث عُقدة عملاقة تحول بيني وبين الجميع..

في الفترة الأخيرة حاولتُ رميَ الأسباب على نفسي، لا بدّ من أنّ الخلل منّي، لا بدّ من أنّي أنا السّبب، قد أكون مولوده بمرضٍ وراثيٍّ أو مُكتسبٍ تظهر أعراضه عندما تضيق العلاقة، فيضيق نفسي معها، تتسارع أنفاسي، أتعرّق داخليًّا وخارجيّا، أتقوّس وأتقوقع، حتّى أراني بما تبقي منّي من قوّة أبتعد كما لو أنني لم أكن قريبًا يومًا، أبتعد كابتعاد الأموات -لا رجعة فيه-.

ومع هذا عندما تهدأ أعراضي، وأعود لوحدتي الطّويلة، الأزليّة أرى الأسئلة ذاتها تتكرّر في رأسي دون كللٍ ولا مللٍ؛ “ما الّذي حدث؟ خطأ من هذا؟ لماذا دومًا النّهاية ذاتها؟” على الرّغم من أنّ صوت الأسئلة لم يخرَس في رأسي قط، إلّا أنني مع مرور الوقت لم أعد أكترث كثيرًا للإجابات، فماذا ستفيدنا الإجابة إن كانت المُحصّلة واحدة؟ لا شيء قطعًا.

أمقتُ التّملّك، الغيرة، اختراق الخصوصيّة، الأسئلة الفضفاضة والضّيّقة في الوقتِ ذاته، العِتاب الطّويل، النّقاشات الّتي تدور حولنا  ”

أؤمن جدًّا بنظريّة “العلاقات ليست إلّا محطّات في حياتنا، لابدّ أن تنتهي ذات يوم” ولا ضِير عندي في نهايتها، لكنني يؤلمني أن تنتهي بشكلٍ لا يليق بها، لا يليق بكمّ التّفاصيل الجميلة اللّاتي خلّدتنا وخلدناها.

أُقدّس العلاقات المُريحة، تلك الّتي تمنحنا المساحة الشّخصيّة الكبيرة دون أن يُشعر أحدنا الآخر بالفضل والمذلّة، العلاقات الّتي لا تنتهي بتعقيدات

أحبّ العلاقات الّتي تُختصر بالودّ والنّظرات، وتشارك الصّمت والكلام، الكلام الّذي يخلو مننا، العلاقات الّتي لا تُحمّلني ثقل شرح مايدور داخلي، ماقصدتُ في كلامي،

العلاقات الّتي تدفعني للبوح لمجرّد أنني أُريد البوح دون ضغطٍ أو تمليق.

وأكره المُزاح الملطّخ بالحقيقة، الملطّخ بالعتاب، والّذي ينتهي دومًا بجملةٍ تقتلني دون سكينٍ “كنتُ بهزر معاكى”

فضفضة ليست لأحدٍ وإنّما لنفسي، فضفضة عشوائيّة جدًّا

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.