موائد الرحمن .. في البداية كانت مصر

كتبت /هدير عبد المنعم

مع قرب موعد أذان المغرب في  شهر رمضان الكريم،يسارع كل من بالشارع إلي الذهاب للمنزل للحاق بالإفطار،ولكن إذا لم تستطع ،فلا بأس.. انظر يمينك أو يسارك ستجد موائد الرحمن تزين الشوارع ،اختر المائدة التي تروق لك وصوما مقبولا وإفطارا شهيا، فشوارع المحروسة تتزين خلال الشهر الكريم بموائد الرحمن من أجل إطعام الفقراء ،ولكن كما قلنا فحتى لو كنت ميسور الحال ولأي سبب من الأسباب وجدت نفسك بالشارع وقت الإفطار .. فلا تتردد بالجلوس بأي مائدة رحمن .. فالجميع هنا سواء .. غني فقير فالصحن واحد.

وهناك عدة روايات لبداية موائد الرحمن بمصر ،فالبعض يرى أن الموائد بدأت في عصر الأمير أحمد بن طولون مؤسّس الدولة الطولونية، فهو أوّل من أقام مائدة الرّحمن في السنة الرابعة من ولايته، وقام بجمع التجار والأعيان علي مائدة حافلة في أول يوم من شهر رمضان وخطب فيهم: ‘إني جامعكم حول تلك الأسمطة لأعلمكم طريق البر بالناس’.
ورواية أخرى تقول إن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي كان أوّل من وضع تقاليد المائدة في عهد الدولة الفاطمية، وأوّل من أقام مائدة في شهر رمضان، يفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص، حيث كان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع ألوان الطعام، لتوزّع علي الفقراء..
وقد أقام الفاطميون موائد خاصة للصائمين سموها ‘دار الفطرة’ وفي عصر المماليك والعثمانيات تراجعت موائد الرحمن بسبب الحروب, وعندما جاء الاستعماران الانجليزي والفرنسي بدأت الجمعيات الخيرية تعيد إحياء موائد الرحمن للفقراء, ومنذ مطلع السبعينيات بدأت موائد الرحمن بالازدهار وانتشرت في العديد من الدول العربية والإسلامية.

موائد الرحمن الهدف الأساسي منها هو إطعام الفقراء،ولكن البعض يحجز مقعدا بها لأغراض أخرى،فلا عجب أن تجد طالب مغترب يذهب لمائدة بحثا عن “اللمة” حتى لا يفطر وحيدا،أو سائحا يتلمس معرفة الأجواء الرمضانية من خلال إفطار المائدة،إذن فالمائدة ليست فقط دليل رحمة ومودة وتكافل اجتماعي،بل أكثر من ذلك.