مواصفات المواطن في ظل العبودية المختارة
عرض وتلخيص / سيد غريب مجاهد
يُبرز المفكر الفرنسي إتيان دو لا بواسييه في كتابه “العبودية المختارة” ظاهرة فكرية ونفسية تتجسد في تكيف الشعوب مع الاستبداد وقمع الحريات على مدى فترات طويلة.
هذا التكيف يُنتج ما يُطلق عليه “المواطن المستقر”، الذي يتخلى عن طموحاته السياسية والاجتماعية مقابل الانغماس في دوائر ضيقة من الاهتمامات الأساسية.
ملامح المواطن المستقر
- الدين:
يُمارس الدين كطقوس وشكليات دون ارتباط حقيقي بقيم الحق والعدل.- يمارس الكذب والرشوة دون شعور بالذنب إلا إذا فاتته صلاة.
- يدافع عن قضايا بعيدة عنه، لكنه يلتزم الصمت حيال القمع والظلم في بلاده.
- لقمة العيش:
-ينحصر تركيزه في توفير حاجاته الأساسية وأمن أسرته، متجاهلاً حقوقه السياسية.-يعيش حياة مادية بسيطة تسعى لتأمين المستقبل دون اهتمام بالمشاركة في التغيير المجتمعي. - كرة القدم:
-تتحول اللعبة إلى ملاذ نفسي يحقق له العدالة التي يفتقدها في واقعه.-يجد فيها متنفساً للترفيه ومصدراً للفرح المؤقت وسط قيود الحياة.
أضعف القوم وأفشل الناس
يحاول الكاتب الفرنسي -انطلاقا من أدبيات علم النفس السياسي- أن يشرح الأسباب التي تدفع بالناس للإذعان إلى قوة شخص واحد وهم بالأساس من منحوه تلك القوة، واصفا ذلك بالفسق لكون أن الفرد الممجد ذاك غالبا ما لا يملك أي مميزات خارقة أو مواصفات بديعة بل يكون أضعف القوم وأفشل الناس، فيرجع الأمر حسبه إلى ثقافة “الإرادة العميقة في العبودية” التي تتولد لدى الشعوب نتيجة طاعتها العمياء للملوك والحكام،
التحدي الأكبر
يرى الكاتب أن هذا المواطن هو العقبة الحقيقية أمام تحقيق التغيير، إذ أن استكانته للاستبداد ترسخ حالة الجمود الاجتماعي والسياسي.
التغيير لن يتحقق إلا عندما يواجه هذا المواطن الواقع ويتجاوز حدوده الضيقة، ليدرك أن الثمن الباهظ للسكوت على الظلم أكبر من المخاطر المحتملة للثورة عليه.