موت العلماء والصالحين نــذيـر مبـــين

إعداد الدكتور عبد المنعم ابراهيم عامر.

الدافع للحديث في هذا الموضوع عدة أمور منها:

الْحَثُّ عَلَى حِفْظِ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ أَوْ يُرْفَعَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ.

التَّحْذِيرُ مِنْ تضييع العلم والعلماء بعدم الاستفادة منهم .

غفلة الناس عن فضل وبركة العالم وعدم الانتباه لذلك إلا بعد موته.

ثم البكاء على اللبن المسكوب والندم على ضياع هذا العالم ولم نستفد من علمه.

استثمار الأحياء من العلماء وطلبة العلم قبل أن يذهبوا.

وجه الشبه بين الجهاد وطلب العلم: قيل ” يُوزَنُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ مَعَ دَمِ الشُّهَدَاءِ فَيَرْجَحُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ عَلَى دَمِ الشُّهَدَاءِ ”

و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ قَالَا: بَابٌ مِنَ الْعِلْمِ يَتَعَلَّمُهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ تَطَوُّعٍ، وَبَابٌ مِنَ الْعِلْمِ يَتَعَلَّمُهُ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ، وَقَالَا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِذَا جَاءَ الْمَوْتُ طَالِبَ الْعِلْمِ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مَاتَ وَهُوَ شَهِيدٌ».

ذَهَابُ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «خُذُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ». قَالُوا: وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَفِينَا كِتَابُ اللَّهِ؟ قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: «ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ أَوَلَمْ تَكُنِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمْ شَيْئًا؟ إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ، إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ».

خَرَابُ الْأَرْضِ بِمَوْتِ فُقَهَائِهَا وَعُلَمَائِهَا وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا :

قال تعالى:{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } [الرعد: 41]

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ: خَرَابُهَا بِمَوْتِ فُقَهَائِهَا وَعُلَمَائِهَا وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ.

مَوْتُ الْعَالِمِ ثُلْمَةٌ فِي الْإِسْلَامِ لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ:

عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: «مَوْتُ الْعَالِمِ ثُلْمَةٌفِي الْإِسْلَامِ لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ».

عَلَامَةُ هَلَاكِ النَّاسِ إِذَا هَلَكَ عُلَمَاؤُهُمْ:

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا هِلَالٌ هُوَ: ابْنُ خَبَّابٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا عَلَامَةُ هَلَاكِ النَّاسِ؟ قَالَ: «إِذَا هَلَكَ عُلَمَاؤُهُمْ».

لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ بذَهَاب الْعِلْمِ و الْعُلَمَاءِ:

و عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: ” لَا يَأْتِي عليكم عَامٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ ” قَالُوا: فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَيْنَا الْعَامُ يَخْصَبُ، وَالْعَامُ لَا نخْصَبُ فِيهِ، قَالَ: ” إِنِّي وَاللهِ لَا أَعْنِي خِصْبَكُمْ، وَلَا جَدْبَكُمْ، وَلَكِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَوِ الْعُلَمَاءِ قَدْ كَانَ قَبْلَكُمْ عُمَرُ فَأَرُونِي الْعام مثله.

مَوْتُ الصَّالِحِينَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ:

عَنْ مِرْدَاسٍ الأَسْلَمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ، الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ، أَوِ التَّمْرِ، لاَ يُبَالِيهِمُ اللَّهُ بَالَةً».

بمَوْتِ الْعُلَمَاءِ لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً:

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، يَقُولُ: «لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً وَلَا الْمَالُ إِلَّا إِفَاضَةً، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى شِرَارٍ مِنْ خَلْقِهِ»

لا نَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؛فإذا ذهبوا هلكنا:

عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ» وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ».

بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ يَظْهَرُ الْجَهْلُ وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَر الفِتَنُ ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يُقْبَضُ العِلْمُ، وَيَظْهَرُ الجَهْلُ وَالفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ»، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الهَرْجُ؟ فَقَالَ: «هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ القَتْلَ».

العلماء بركة وأمان من ذهابها:

قال تعالى عن عيسى -عليه السلام-: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31]: أى معلماً للخير , قاله سفيان.

فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ:

بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ يُطفأُ نورُ الناسِ:

عَنْ قَيْسِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ المَدِينَةِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَهُوَ بِدِمَشْقَ فَقَالَ: مَا أَقْدَمَكَ يَا أَخِي؟ فَقَالَ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا فِي طَلَبِ هَذَا الحَدِيثِ؟ قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».

لَوْلَا الْعُلَمَاءُ لَصَارَ النَّاس كالْبَهَائِم:

وَقَالَ الحسن – رَحِمَهُ اللَّهُ -: ” لَوْلَا الْعُلَمَاءُ لَصَارَ النَّاسُ مِثْلَ الْبَهَائِمِ ” أَيْ: إِنَّهُمْ بِالتَّعَلُّمِ يُخْرِجُونَ النَّاسَ مِنْ حَدِّ الْبَهِيمَةِ إِلَى حَدِّ الْإِنْسَانِيَّةِ.

الأسباب المعينة على معرفة قدر العلم والعلماء واغتنام حياتهم:

الوقوف على ما تقدم من فضائل وفضل العلم والعلماء ومعرفة قدرهم والتى منها :

قال تعالى: { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30]

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ»().

من أَوَى إِلَى اللَّهِ مستجيبًا له آوَاهُ اللَّهُ:

«أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ،… الحديث»()

استشعار فرضية طلب العلم دائماً وتبعات الإعراض عنه وعن العلماء وعدم توقيرهم والتى منها:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ »().

– وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» قَالَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي يَطْلُبُونَهُ وَلَكِنْ فَرِيضَةٌ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمَهُ ”

ومن أَعْرَضَ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ:

«….، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ»().

القراءة المستمرة لسيرة الرسول ﷺ حول تعظيمه ﷺ للعلم والعلماء من ذلك:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ»() .

وكذلك سيرة أصحابه وتابعيهم بإحسان؛فهم فرسان هذا الميدان:

تَّنَاوُبوهم فِي العِلْمِ الحراسة:

عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، فَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: طَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ؟ قَالَتْ: لاَ أَدْرِي، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: «لاَ» فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ

بكاؤهم عند الموت على فقدهم دروس العلم ومزاحمة العلماء بالركب

عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، لَمَّا طَعَنَ فَجَعَلَتْ سَكَرَاتُ الْمَوْتِ تَغْشَاهُ، ثُمَّ يُفِيقُ الْإِفَاقَةَ فَيَقُولُ: اخْنُقْنِي خَنَقَاتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ قَلْبِي يُحِبُّ لِقَاءَكَ، اللهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا لِجَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَلَا لِغَرْسِ الْأَشْجَارِ، وَلَكِنْ لِمُكَابَدَةِ السَّاعَاتِ، وَظَمَأِ الْهَوَاجِرِ، وَمُزَاحَمَةِ الْعُلَمَاءِ بِالرُّكَبِ عِنْدَ حِلَقِ الذِّكْرِ

الصحبة الطيبة:

قال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى } [النجم: 29، 30]

قال: «أعرض عن الّذي أعرض عن الحقّ واهجره، وقوله: وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا أي وإنّما أكثر همّه ومبلغ علمه الدّنيا، فتلك غاية من لا خير فيه»().

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ، قَالَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»().

التدريب على تعظيم العلم والعلماء:

عن مُعَاوِيَةَ بْن أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «الْخَيْرُ عَادَةٌ، وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»

قوله: (الخير عادة) أي المؤمن الثابت على مقتضى الإيمان والتقوى ينشرح صدره للخير فيصير له عادة. ذلك لإن الإنسان مجبول على الخير. قال الله تعالى {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (الروم :30) . وأما الشر فلا ينشرح له صدره فلا يدخل في قلبه إلا بلجاجة الشيطان والنفس الإمارة بالسوء. واللجاجة الخصومة.

الإقبال على كل الوسائل والاسباب المعينة على طلب العلم ومزاحمة العلماء.

البعد عن الاسباب المعوقة لطلب العلم ومزاحمة العلماء.

9- حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ( إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ)

الدعاء:

قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } [طه: 114]

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ: إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا»().

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ».