موجة احتجاجات جديدة تلوح فى الأفق النيجيرى
كتبت : د.هيام الإبس
فى مشهد يعيد إلى الأذهان صدى الماضى القريب، تستعد نيجيريا لاستقبال موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية، هذه المرة، يتزامن صوت الغضب مع ذكرى وطنية مهمة، حيث يخطط المواطنون للخروج إلى الشوارع فى الأول من أكتوبر، اليوم الذى يصادف الذكرى الرابعة والستين لاستقلال البلاد.
تحت شعار “أكتوبر بلا خوف 1″، يستعد النيجيريون لرفع أصواتهم عالياً ضد ما يرونه أزمة متفاقمة فى تكاليف المعيشة، وليست هذه المرة الأولى التى تشهد فيها البلاد مثل هذه الاحتجاجات، فقد سبقتها موجات من الغضب الشعبى فى شهرى يوليو وأغسطس الماضيين.
فى العاصمة أبوجا، حيث تتركز مراكز صنع القرار، وفى مدينة لاجوس الساحلية النابضة بالحياة، وحتى فى أبعد عواصم المقاطعات، يستعد المواطنون للخروج فى مظاهرات حاشدة، المطالب واضحة: إعادة دعم الوقود ووضع حد للفساد المستشرى فى أروقة الحكومة.
لكن الطريق إلى التغيير لم يكن أبداً مفروشاً بالورود. ففى الاحتجاجات السابقة، دفع الشعب ثمناً باهظاً لمطالبه.
يقول الناشطون إن حوالى عشرين شخصاً لقوا حتفهم خلال حملات القمع التى شنتها قوات الأمن.
هذه الأرقام المفجعة تلقى بظلالها على الاحتجاجات المرتقبة، مثيرة مخاوف من تكرار المأساة.
فى قلب هذه العاصفة يقف الرئيس بولا تينوبو، الذى اتخذ قرارات جريئة منذ اليوم الأول لتوليه منصبه. فقد أنهى دعم الوقود الذى استمر لعقود، والذى كان يعتبره الكثيرون صمام أمان ضد ارتفاع الأسعار، كما قامت حكومته بتخفيض قيمة العملة مرتين، مما أدى إلى ارتفاع صاروخى فى أسعار معظم السلع الأساسية.
وفى مواجهة الغضب الشعبى المتصاعد، وقف تينوبو صلباً فى دفاعه عن سياساته.
فى خطاب موجه للأمة، أكد على ضرورة هذه الإجراءات لإنقاذ الاقتصاد النيجيرى على المدى الطويل، لكن كلماته لم تقدم أى تنازلات للمحتجين، مما زاد من حدة التوتر فى الشارع النيجيرى.
مع اقتراب موعد الاحتجاجات، يبدو المشهد النيجيرى مشحوناً بالتوتر والترقب.
فمن جهة، هناك شعب يئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية ويطالب بالتغيير، ومن جهة أخرى، هناك حكومة تصر على المضى قدماً فى سياساتها الإصلاحية، رغم الثمن الباهظ الذى قد يدفعه المواطن العادى.
فى هذا السياق المتوتر، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الاحتجاجات فى إحداث التغيير المنشود؟ أم أنها ستضيف فصلاً جديداً إلى تاريخ طويل من المواجهات بين الشعب والسلطة فى نيجيريا؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستتكشف فى الأيام القادمة، مع ترقب العالم لما ستؤول إليه الأوضاع فى أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.