نصرة غزة … عقيدة … عبادة … ضرورة
غزة أرض العزة:
نعم أحبابنا نحزن عندما نودع شهداءنا نحزن علي ما فعل الأعداء بأبطالنا فغاراتهم التي بين الحين والآخر ينزلون بها علي أهلنا في غزة وفلسطين فيسقط الشهداء والجرحى تقبل الله شهداءهم وشفى جرحاهم وواسى مصابهم وصبر ذويهم …
ولكن عزاءنا فيهم أن هؤلاء الأبطال رفعوا شعار ( إما نصر وإما شهادة ).
صدقوا الله فصدقهم الله فكافأهم بالجنة ونعيمها في حواصل طير خضر ففي صحيح مسلم وعند الحميدي قَالَ مَسْرُوقٍ سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) قَالَ أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ « أَرْوَاحُهُمْ فِى جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِى إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلاَعَةً فَقَالَ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئاً قَالُوا أَىَّ شَىْءٍ نَشْتَهِى وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا قَالُوا يَا رَبِّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِى أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِى سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى . فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا » اللهم إنا نسألك الشهادة في سبيلك .
⬅️ هؤلاء القردة والخنازير أبناء القرة والخنازير اعتادوا الاغتيال والخيانة وعادتهم الجبن والقتال عن بُعد من وراء الأسلحة والطائرات والمعسكرات المحصنة كما قال ربنا عز وجل{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} (الحشر:14)
إنهم يقدمون دماء المسلمين وإخواننا في غزة قربانا لشعوبهم المغتصِبة وهذه هي عادتهم قتل الأبرياء والأطفال والنساء والتخريب والتدمير {… وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (المائدة :64)
ولكن إذا كان هذا شأنهم فما شأننا
أنا لا ألوم المستبد إذا تعنت أو تعدى *** فسبيله أن يستبد وشأننا أن نستعد
استشهاد الأبطال روح تسري في الأمة دماؤهم دماء جديدة تُضَخُّ في عروق شبابنا فتلهب المشاعر وتوحِّد الصفوف وتجدِّد العزم وتوقظ الغافلين وتعيد الآبقين إلي صفوف الوحدة والجهاد . أما شهداؤنا فهنيئا لهم خير جوار عند الله سبحانه وتعالي .
فضل الشهادة في سبيل الله :
هنيئا لهم الحياة الحقيقة حياة كريمة عند الله تعالي {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} (البقرة :154)
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران :169)
عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِى أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِى سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ » الترمذي وابن ماجة وأحمد وصححه الألباني
فعند أول قطرة دم من دمائه الطاهرة بدأت السعادة والعيشة الكريمة وعندها يرى مقعده وقصوره وجنانه التي يسرح فيها كيف يشاء , ولأنه بدأ رحلة الرَّوْح والريحان فلا تمسه فتنة القبر عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِى قُبُورِهِمْ إِلاَّ الشَّهِيدَ قَالَ « كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً » . النسائي وصححه الألباني
ويأمن الفزع الأكبر{ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } (الأنبياء: 101-103)
هذا يومكم يوم الجائزة الكبرى يوم أن يموت شهيدا فهو يوم التكريم فيقلد الأوسمة والنياشين فلقد قدم وضحي من أجل ربه ودينه فله الجوائز العظام .
ومن تكريمه أن ينال هذا الشرف والتقدير والتكريم حتى من كان حوله في الدنيا ومن كان سببا حتى في وجوده من أبويه وأهله وانظر إلي دقة اللفظ فلم يقل ويَشْفَع فيطلب الشفاعة فقد ترد وقد تقبل بل قال وَيُشَفَّعُ ومعناه أنه تقبل شفاعته .
إن الشهيد عندما يرى كل هذا التكريم يتمنى لو عاد مرة بعد مرة ليقتل في سبيل الله فينال كل هذا التكريم
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « يَا جَابِرُ أَلاَ أُخْبِرُكَ مَا قَالَ اللَّهُ لأَبِيكَ » . وَقَالَ يَحْيَى فِى حَدِيثِهِ فَقَالَ « يَا جَابِرُ مَالِى أَرَاكَ مُنْكَسِراً » . قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِى وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْناً . قَالَ « أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِىَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ » . قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحاً . فَقَالَ يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَىَّ أُعْطِكَ . قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِينِى فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً . فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّى أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُونَ . قَالَ يَا رَبِّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِى . قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) » ابن ماجة وصححه الألباني
رحم الله عبدالله بن حرام ورحم كل شهيد فقد عاش داعية للحق مدافعا عنه وحتى وهو ميت في دار الحق يدعو إلي ربه فيبلِّغ مَن بعده أنه عند الله حيُّ يرزق وفَرِح ينعَّم . جزاك الله خيرا يا بن حرام فقد بلغت رسالتك وها هم بعض إخوانك يلحقون بك نسأل الله أن يلحقنا بكم ويجمعنا بكم في الفردوس الأعلى .
عقيدتنا وعقيدتهم :*
أراد الله لنا نحن أمة الإسلام أن نكون أمة واحدة دما واحدا جسدا واحدا صفا واحدا {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} (الصف :4) وإن قال الواقع غير ذلك فالقرآن يقول {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء :92) ويؤكد هذا في موضع آخر {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (المؤمنون :52) {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات :10) والله تعبدنا بهذه الآيات وهي جزء من عقيدتنا ومن دستورنا ومن هنا أيها الأحباب فنصرتنا للمجاهدين في كل بقعة من بقاع الأرض هي عقيدة عندنا إذا كنا نعتقد في القرآن وأنه الدستور
وكما تعبدنا ربنا بوحدتنا ووحدة هذه الأمة يتعبدنا كذلك بلعنة هؤلاء اليهود الملاعين لأنهم تقوَّلوا علي الله {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ ….} (المائدة :64)
{لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ} (آل عمران :181) فهذه آيات ربنا التي نقرؤها في قرآننا وفي صلاتنا وندين لله بها . مهما قال المتقولون وادعا الباغون للأطهار الأبطال العيب الملفقون المزورون لحقائق القرآن .
هذه عقيدتنا أما عقيدتهم .. فهم يقاتلوننا عن عقيدة , فهناك حركات ومنظمات في الكيان الصهيوني تعلن ليل نهار أنها تستهدف هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل مكانه .
وسنة 1967م دخل وزير الدفاع آنذاك موسي ديان خلف الحاخام الأكبر للجيش الصهيوني المحتل ليؤدي الصلوات عند حائط البراق ويهتف الجميع يا لثارات خيبر ويومها قال ديان اليوم فتحت الطريق إلي بابل ويثرب فالإسلام هو المستهدف والكعبة هي المستهدفة.
وإذا كان أهل الباطل يتركون بلادهم وينفقون أموالهم ويبنون المستوطنات ويسيطرون علي اقتصاد العالم ويضحون من أجل باطلهم {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} (الأنفال :36)
بل ويصطبرون ويتواصون فيما بينهم بالصبر علي باطلهم {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} (ص :6) ألسنا أحق وأولي منهم ونحن أصحاب الحق .
نصرتهم من مبادئ الإسلام وقيم الشريعة:
كان المبدأ العربي المشهور: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) وهو المبدأ الذي يُعبِّر عنه الشاعر الجاهلي وهو يقول:
وَهَلْ أَنَا إِلاَّ مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ *** غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشَدِ
كانت حميَّة الجاهليَّة، ونعرة العصبيَّة، ثم جاء الإسلام، جاء المنهج الرباني للتربية، جاء ليُخرِج العرب ويُخرِج البشريَّة كلَّها من حميَّة الجاهليَّة، ونعرة العصبيَّة، “في ظلال القرآن بتصرف”.
وأرسى مبدأً جديدًا هو نفس المبدأ ولكن بمفهوم إسلامي فضُبِط وعُدِّل؛ روى البخاري عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً » . فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً ، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِماً كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ « تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ » وإذا كان هذا شأن العرب قبل الإسلام (حمية ونخوة) فإن نصرة المظلوم قد ازدادت وجوبًا وتأكيدًا بعد الإسلام (دينا وأخوة)؛
فهذا التوجيه النبوي الكريم قد أكد معنى النصرة، ووسع نطاقها حتى يشمل طرفي المشهد، فيدافعون عن المظلوم، ويأخذون له حقه، ويردون له اعتباره، ويضربون على يد الظالم، وينتزعون فتيل شره، ويوقفونه عند حده.
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ ، وَمَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » . متفق عليه
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » . متفق عليه
عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً » وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ. متفق عليه
هذا ولم يترك الإسلام فرصة للإفلات من هذا الواجب (نصرة المظلوم)؛ حيث حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من السلبية والتخاذل فقال صلى الله عليه وسلم « لا يقِفنَّ أحدُكم موقفًا يُقتلُ فيه رجلٌ ظلمًا فإنَّ اللَّعنةَ تنزِلُ على كلِّ من حضر حين لم يدفعوا عنه ولا يقِفنَّ أحدُكم موقفًا يُضربُ فيه رجلٌ ظُلمًا فإنَّ اللَّعنةَ تنزِلُ على من حضره حين لم يدفعوا عنه » رواه الطبراني وقال المنذري في الترغيب والترهيب إسناده حسن
ألا فليعلم من يقفون متفرجين على المظلوم، ثم يمصون شفاههم ويلوون أعناقهم، ثم ينسحبون غير مكترثين؛ إنما يعرضون أنفسهم للمقت واللعن… ووالله ما هان المسلمون أفرادًا وأممًا وما استأسد أعداؤهم واستباحوا حرماتهم ونهبوا حقوقهم ودنسوا مقدساتهم؛ إلا حين سرت روح التخاذل بينهم، وتنكر بعضهم لبعض .
نصرتهم عبادة :
إن نصرتنا لإخواننا في أرض الرباط هي دفاع عن مقدساتنا ومساجدنا بل دفاع عن أولي القبلتين ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم فما الحل لو اعتدي علي المسجد الحرام أو المسجد النبي الشريف ؟!
وإذا كانت إنارته عبادة كما وضح ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم فعَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلاَةِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِى بَيْتِ الْمَقْدِسِ . قَالَ « أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ …..» قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ قَالَ « فَتُهْدِى لَهُ زَيْتاً يُسْرَجُ فِيهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ » . رواه أحمد وابن ماجة وقال العراقي إسناده جيد وقال الهيثمي رجاله ثقات ورواه أبو داود وفيه – وَكَانَتِ الْبِلاَدُ إِذْ ذَاكَ حَرْباً –
صور من تاريخنا :
وقد تجسد هذا المعنى في مواقف عديدة عبر أيام تاريخنا المجيد، فحين احتال يهودي خبيث خسيس لكشف ساق امرأة مسلمة في سوق بني قينقاع لم يجد الصحابي الجليل – الذي رأى هذا – ما يروي غليله سوى قتله، وعندها ثار عليه اليهود فقتلوه رضي الله عنه، وكان هذا سببًا لوقوع غزوة بني قينقاع، وإجلائهم إلى غير رجعة عن هذه البقاع الطاهرة.
وحين صرخت مسلمة في أقصى الأرض: وا معتصماه جهَّز لها المعتصم جيشًا جرارًا لدفع مظلمتها، وتأديب من اعتدى عليها.
بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخف لنصرة مخالفيه في العقيدة؛ التزامًا بميثاق المناصرة المعقودة بينه وبينهم، وهذا ما حدث مع خزاعة حين قدم عليه صلى الله عليه وسلم عمرو بن سالم يشكو اعتداء بني بكر عليهم ومظاهرة قريش لهم، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحال: “نصرت يا عمرو بن سالم”، وانطلقت على إثرها كتائب الفتح الأعظم، فدانت لها مكة بما فيها، فإذا حدث هذا وفاءً بكلمة أعطيت لفصيل من المشركين؛ فماذا يوفي بحق عقد الإيمان وآصرة العقيدة، لا شك أنه أغلى وأولى .
ولا تنس أن سبب غزوة تبوك قتل رسول رسول الله صلي الله عليه وسلم , فرد واحد فما بالنا يقتل منا الملايين ولم نتحرك ؟!
فريضة دينية :
إن الله سبحانه وتعالي أوجب علي المسلمين في عهد النبي صلي الله عليه وسلم قبل فتح مكة أن يهاجروا نصرة لدينهم وأوجب عليهم المولاة والمناصرة فيما بينهم وأوجب عليهم مناصرة إخوانهم بني دينهم حتى ولو أبوا أن يهاجروا معهم ويشاركوهم في بناء دولتهم {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } (الأنفال :72-74)
يقول ابن كثير في تفسيره: يقول تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب، الذين لم يهاجروا في قتال ديني، على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم؛ لأنهم إخوانكم في الدين،
وفي تفسير القرطبي : إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم، فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم. إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليه، ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته.
ويقول الشيخ الشعراوي رحمه الله في تفسيره :أي لا بد أن يكون هناك التضامن الإيماني دون الولاية الكاملة للمؤمنين الذين لم يهاجروا . فالإيمان له حقه .
إذا كان هذا الحكم فيمن لم يهاجروا ولم ينصروا الإسلام ولم ينضموا إلي القيادة والمجتمع المسلم وقتها فما الحكم إذا فيمن يرابطون ويضحون بكل ما يملكون ليدافعوا عن مقدساتنا وكرامة الأمة ؟!!
وبالإجمال فعلماء الإسلام يقولون بوجوب رد العدو عن البلد الذي يعتدي عليه وجوبا عينيا علي أهل هذا البلد فإن عجزوا فعلي أقرب بلد وإلا أثم كل المسلمين .
فعَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ « مَنْ أُذِلَّ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رواه أحمد وحسنه السيوطي
ضرورة عقلية :
بالمنطق والسياسة والاستراتيجيات فأهل غزة لا يدافعون عن غزة وحدها بل يدافعون عن جيرانهم أيضا فلو أن جارك تعرض لاعتداء وأذى فواجبك نصرته بكل سبيل ممكن وإلا فالدور عليك (أكلت يوم أكل الثور الأبيض ) وإذا فرغ من جارك حتما لابد أن تدور عليك الدائرة .
ونصرة المظلوم من شيم الفطرة السوية : قال ابن الأثير: “…ثم إن قبائل من قريش تداعت إلى ذلك الحلف ، فتحالفوا في دار عبدالله بن جدعان لشرفه وسنه. وكانوا بني هاشم، وبني المطلب، وبني أسد بن عبد العزَّى ، وزهرة بن كلاب، وتَيْم بن مرة. فتحالفوا وتعاقدوا ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه؛ وكانوا على من ظلمه، حتى تردَّ مظلمته فسمّت قريش ذلك الحلف “حلف الفضول” فشهده رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) وقال -حين أرسله الله تعالى-: لقد شهدت مع عمومتي حلفاً في دار عبدالله بن جدعان ما أحبّ أن لي به حُمْر النَّعَم، ولو دُعيت به في الإسلام لأجبت”. الشيخ محمد الغزالي فقه السيرة
وقد أكد مضمون هذا الحلف كذلك (قانون الإجارة)، وفيه يبسط المجير حمايته على المستجير، ويبذل له نصرته ويذود عن ماله، وعرضه، وحياته ما بقي في جواره… وقد استفاد النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من هذا القانون في أوقات الكرب والشدة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوار المطعم بن عدي بعدما رجع من الطائف، وقد ناله من سفهائهم وصبيانهم أذى كثيرا، فإذا بالمطعم يحيطه بصفين من أبنائه المدججين بالسلاح، وهم على شركهم، ويتحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث شاء في حراستهم فلا يجرؤ أحد أن يقصده بأذى.
ودخل عثمان بن مظعون كذلك في جوار الوليد بن المغيرة، فظل في عافية وسلامة حينًا .
وقد بدا هذا المبدأ (نصرة المظلوم) واضحًا في موقف هذا الرهط الشهم الذي سعى في نقض صحيفة المقاطعة الجائرة الظالمة التي علقوها في جوف الكعبة، وأصاب المسلمون منها بلاء عظيم على مدى ثلاث سنوات، وكان كل واحد من هذا الرهط ينادي في الناس مستثيرًا المشاعر الإنسانية فيهم بقوله : أيهلك هذا الحي من قريش بين أظهرنا، كيف يطيب لكم طعام أو شراب وهؤلاء يموتون جوعًا وعطشًا ؛ وبهذا المنطق المؤثر التف أصحاب المروءة حولهم حتى مزقوا الصحيفة وأطلقوا المسلمين من هذا الحصار الخانق. يا للنخوة ! أين راحت وبعض المسلمين يطيب لهم الطعام والشراب بل أصابتهم التخمة من كثرة النعيم وإخوانهم وأطفالهم ونساؤهم في غزة يحرقون ويموتون قصفا بالأسلحة المحرمة دوليا.
اللهم فرج هم المهمومين ونفس الكرب عن المكروبين وارحم شهداء المسلمين واشف جرحى المسلمين وتول أمور إخواننا المجاهدين وأرنا فيهم آيات رحمتك وحكمتك يا أحكم الحاكمين اللهم أحقن دماءهم واستر عوراتهم وآمن روعاتهم اللهم انصرهم نصرا مبينا واجمع كلمتهم وقو شوكتهم وسدد رميهم واقبل عذرنا واعتذارنا إليك فيهم يا رب العالمين .
واهزم أعداءك أعداء الدين واقتل اليهود المعتدين الغاصبين بقدرتك يا قدير
وصل اللهم علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين .
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الصافات:17)
المصدر: صيد الفوائد بتصرف واختصار.